المدارس الإنجليزية متفوقة في القراءة.. ضعيفة في العلوم

في دراسة مسحية عالمية

TT

حصلت المدارس الإنجليزية على تقييم كلي متباين في واحدة من أكبر الدراسات الدورية للتحصيل التعليمي على مستوى العالم، حيث جاءت على رأس القائمة في القراءة، وحافظت على مستواها في الرياضيات، وسجلت تراجعا في العلوم. وقد رسمت هذه الصورة من خلال 3 دراسات كبرى أجرتها «الجمعية الدولية لتقييم التحصيل التربوي» التي يقع مقرها في أمستردام، وتمت خلالها مقارنة عشرات البلدان على أساس تقييمات جرت في أوقات مختلفة لعينات مكونة من مئات الآلاف من الطلاب. وتهدف الطرق التي تستخدمها الجمعية إلى تقييم مستوى التحصيل المطلق في ضوء معايير موضوعة، مما يتيح للبلدان معرفة ما إذا كانت مدارسها تؤدي بصورة أفضل أم أسوأ بشكل عام مقارنة بمدارس البلدان الأخرى.

وفي التقييم المسمى «دراسة التقدم في تعليم القراءة الدولية» الذي يعرف اختصارا باسم «بيرلز»، والذي يقيس المهارات اللغوية لدى 235 ألف طالب وطالبة تتراوح أعمارهم حول 10 أعوام، جاءت إنجلترا في المركز الـ11 من بين 45 بلدا، وهو أفضل بكثير من المركز الذي سجلته في الدراسة السابقة التي جرت عام 2006، حيث جاءت في المركز الـ15 من بين 40 بلدا. والمقياسان الآخران اللذان تستعين بهما الجمعية يدخلان ضمن «دراسة الاتجاهات في الرياضيات والعلوم الدولية» - المعروفة اختصارا باسم «تيمز» - وهي تتضمن تقييمين أحدهما خاص بالطلاب في سن 10 أعوام، والآخر خاص بالطلاب في سن 14 عاما، ليصل بذلك إجمالي عدد الأطفال إلى أكثر من 600 ألف طفل.

وفي الرياضيات، حافظت كلتا الجماعتين في المدارس الإنجليزية على المستوى نفسه من الدرجات المطلقة الذي حققته العينة الأخيرة عام 2007، رغم التغير الطفيف في مركزيهما في الترتيب. وجاء التلاميذ الأصغر سنا في المركز الـ9 من بين 50 بلدا وإقليما، في مقابل المركز الـ7 من بين 36 بلدا في السابق، في حين أحرز التلاميذ في سن 14 عاما المركز الـ10 من بين 42 بلدا، مقارنة بالمركز الـ7 من بين 45 بلدا عام 2007.

أما الأنباء على صعيد العلوم، فلم تكن جيدة بالقدر نفسه، حيث خسرت كلتا الفئتين العمريتين الإنجليزيتين أعواما من المكاسب التدريجية لتعودا إلى الدرجات التي تم تسجيلها في أول دراسة أجريت من هذا النوع عام 1995. وأصبح الطلاب في سن 10 أعوام في المركز الـ15 من بين 50 بلدا، بعد أن كانوا في المركز الـ7 من بين 36 بلدا، بينما تراجع التلاميذ الأكبر سنا من المركز الـ5 إلى المركز الـ9 ضمن مجموعة انخفض عددها من 45 إلى 42 بلدا.

وتحمل هذه التقارير الثلاثة، التي تتكون من نحو 1400 صفحة في مجموعها، كنزا من المعلومات التفصيلية الموجهة في الأساس إلى العاملين في مجال التربية، رغم ظهور حقائق أخرى مثل أن إنجلترا تقبع في المركز الـ39 من بين 45 بلدا في المساواة بين الجنسين في القراءة، حيث تفوقت الفتيات بدرجة كبيرة على البنين. وبالنظر إلى حجم هذه الدراسات ومستوى تعقيدها، الذي يشبه إلى حد بعيد قوائم التصنيف التربوي العالمية المماثلة لها ولكنها منفصلة عنها والتي تضعها «منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية»، فإن أي حكومة تستطيع أن تستغل هذه البيانات للتأكيد على صحة السياسات التي تتبعها.

وقد ذكرت وزيرة الدولة لشؤون التعليم في بريطانيا إليزابيث تراس، وهي نائبة من حزب المحافظين تميل إلى الجناح اليميني وترى أن المملكة المتحدة ينبغي أن تعكس بصورة أكبر السياسات الاقتصادية والتربوية الصارمة التي تطبقها سنغافورة وكوريا وهونغ كونغ، التي جاءت في مراكز متتالية على رأس قوائم «الجمعية الدولية لتقييم التحصيل التربوي»، أن عدم تحقيق تقدم في الرياضيات وحدوث تراجع في العلوم يمثل «مصدرا حقيقيا للقلق» ويرتبط بنهاية تطبيق الاختبارات الإلزامية على جميع الأطفال في سن 11 عاما. وفي كلمة ألقتها داخل مقر شركة «مايكروسوفت» في لندن، أشارت تراس إلى أن إنجلترا أصبحت تسترشد بخطى الصفوة الأولى من «الدول الأنجح تربويا في العالم». وتابعت قائلة: «لهذا نتحرك باتجاه البرنامج الأكاديمي ونمنح المدارس الحرية في القيام باختياراتها الخاصة. لهذا نعمل على تطبيق امتحانات جديدة شديدة الدقة سوف تعادل أفضل الامتحانات في العالم ونقوم بإصلاح المناهج بحيث تركز على جوهر الحساب والجبر والهندسة على غرار الدول ذات الأداء المرتفع».

والمفارقة هي أنه في حين تسعى تراس ورئيسها وزير التعليم مايكل غوف إلى الانتقال إلى نظام من الحقائق المكدسة والامتحانات شديدة الدقة على الطراز الآسيوي، فإن التربويين في تلك البلدان يكافحون مع مفارقة أن تلاميذهم كثيرا ما يصيرون أكفاء لكنهم يكونون ضيقين وغير مبتكرين في تفكيرهم. وفي وقت سابق من العام الحالي، اقترح وزير التعليم في سنغافورة خطة بعيدة المدى للانتقال إلى نظام أقل تقييدا. كما أن هناك احتمالا قويا بأن تفشل تراس وزملاؤها في تسليط الضوء على المركز الذي سجلته السويد في قوائم «الجمعية الدولية لتقييم التحصيل التربوي»، وهو النموذج الذي تقدمه الحكومة من أجل برنامجها الطموح الخاص بحرية المدارس. ورغم أن السويد شهدت تحسنا هامشيا في العلوم، فإن درجاتها في الرياضيات ظلت كما هي، وهي واحدة من 4 بلدان فقط ظلت مستويات القراءة فيها تتراجع على مدار العقد الماضي.

* خدمة الـ«غارديان» خاص بـ«الشرق الأوسط»