السعودية: انحسار فرص العمل يدفع شركات عالمية للاستثمار في التدريب

هل يقلل التدريب الهوة بين الدراسة الأكاديمية للتقنية ومتطلبات سوق العمل

TT

فرضت الصعوبات في إيجاد فرص وظيفية شركات عالمية نحو الدخول في الدخول للسوق السعودية عبر بوابة التدريب والتطوير لسد الفجوة بين الدراسة الأكاديمية وما يطلبه سوق العمل بحثا عن كفاءات تعليمية متطورة.

وحل دور التدريب المتخصص لتلك الشركات في تقليل تلك الهوة وتوجيه المتدرب نحو الطريق السليم في مجال العمل أو تخصيصه بالتوظيف في نفس القطاع القائم بالتدريب، بالإضافة إلى التدريب الخاص بريادة الأعمال وبدء المشاريع الصغيرة. ولعل غالبية الجامعات السعودية قطعت شوطا كبيرا في حل تلك المعضلة، من خلال بدء تدريب طلابها وطالباتها في السنة التحضيرية على الاستخدام الأمثل للبرامج المكتبية، مما يؤهلهم لدخول سوق العمل مبكرا بفضل التدريب الذي خاضوه، علاوة على أن بعض الكليات تلزم طلابها بالتدريب لساعات محددة ضمن العبء الدراسي، لإكمال متطلبات التخرج.

عبد الله الدريعان العامل في مجال الإنتاج الإعلامي ذكر بأن التدريب المتخصص قد يواجه إشكالية احتكار بعض الشركات له بالمناهج أو البرامج الخاصة كالتدريب التقني، بناء على عقود مبرمة بين المعاهد التدريبية والشركات، بحيث لا يستفيد من دراستها المتدرب إن لم يتم توظيفه في قطاعات تطبق البرامج في أنظمتها أو في سير عملها بشكل عام، لا سيما إن كان الغرض من التدريب على البرامج تسويقيا بحتا. وفي ذات السياق أشارت مي عبد المحسن إلى أن تجربتها الشخصية في التدرّب في أحد المعاهد على عدة برامج متخصصة في تقنية المعلومات والتصميم، لم تعد عليها بالفائدة المرجوّة؛ لكون حزمة البرامج لا تطبق على نطاق واسع في الجهات الحكومية والقطاع الخاص.

وقال الدكتور طارق عناية مدير عام «سيسكو» السعودية المتخصصة في الشبكات لـ«الشرق الأوسط» إن «نسبة العمالة التي يجب أن تسد الفجوة بين الدراسة الأكاديمية والعمل في السعودية كبيرة، وهذا ما تقوم به (سيسكو) حاليا من خلال التدريب، كفائدة متبادلة للشركة والمجتمع»، مشيرا إلى أن تركيزهم ينصب على توظيف وخلق فرص للسعوديين من خلال التدريب في مجال تقنية المعلومات والاتصالات، باستمرار الاستثمار في المجال مع التركيز بشكل رئيسي على خلق فرص عمل للمواطنين السعوديين.

وقدمت «سيسكو» برامج تدريبية في السعودية، تعتمد بشكل أساسي على التدريب العملي المكثف على الشبكات لطلاب المراحل المتقدمة في تخصصات نظم المعلومات الإدارية، وأقسام الحاسب وتقنية المعلومات، علاوة على تدريب الخريجين ومن هم على رأس العمل لتقليل النقص الكبير في التدريب المتخصص في مجال التقنية الحديثة.

وحول تنظيم تلك المبادرات التدريبية ذكر وليد ميرزا مدير الموارد البشرية في شركة «سيسكو» السعودية لـ«الشرق الأوسط» أن البرامج التدريبية مقسمة لتخصص إحداها للطلاب، وآخر للخريجين، والعاملين الجدد بالشركة كالتدريب المنتهي بتوظيف مساعدين لمهندسي الشبكات في السعودية. وتأتي المبادرات التدريبية بالشراكة مع الجامعات السعودية في سبيل دعم المؤسسات التعليمية من خلال توظيف الخريجين، ودعم الابتكار المستمر في حلول التقنية. وأوضح ميرزا أنه قبل بداية البرنامج بشهرين يتم عمل المقابلات الشخصية، بعد التواصل مع جميع الجامعات السعودية، لترشيح الطلبة والطالبات بعد ذلك يتم اختيارهم وفق مستوى معين من اللغة والمعدل الأكاديمي التراكمي. ويمنح الطلاب ممن هم على وشك التخرج فرصة الانضمام للبرنامج التعاوني المخصص لطلاب الجامعات، مرتين سنويا يخضع فيها الطلبة المرشحون خلال البرنامج التعاوني لثلاثة أشهر تدريبية عن بُعد ساعة يوميا، ثم يبدأ بعدها التدريب على رأس العمل لمدة أربعة أشهر أخرى وتدريب على الجو العام للعمل لإكمال سنة.

وذكر ميرزا أنه من عام 2009 إلى اليوم تم تدريب أكثر من 90 طالبا وطالبة تم توظيف نسبة 60 في المائة من الطلاب والطالبات الذين أكملوا البرنامج التعاوني في الشركة أو من خلال العملاء والشركاء المتعاونين مع «سيسكو»، والـ40 في المائة المتبقون فضلوا الابتعاث وإكمال دراساتهم العليا خارج السعودية. ودرب في العام المنصرم أكثر من 13 ألف طالب وطالبة على البرامج الأكاديمية الخاصة بالشبكات، والتي تطبق في 88 أكاديمية تدريبية في السعودية تابعة للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني.

ويبقى السؤال هل سيكتفى بتقليص الفجوة بين الدراسة الأكاديمية ومتطلبات سوق العمل، أم المبادرة بالتطوير الشامل على كل الأصعدة لسدها تماما؟