ارتفاع صاروخي في أسعار الدروس الخصوصية بالمغرب.. والسبب قرار حكومي

تزايد الإقبال من قبل الطلاب خاصة على دروس المواد العلمية والاقتصادية

معظم طلاب المدارس الثانوية في الرباط يقولون إنهم يتلقون دروسا خصوصية (تصوير: منير أمحميدات)
TT

ارتفعت أسعار الدروس الخصوصية في المغرب خلال الآونة الأخيرة ارتفاعا صاروخيا، خاصة بعد إصدار الحكومة المغربية قرارا يمنع المدرسين الحكوميين من التدريس في المدارس الخاصة، وهو ما دفع هؤلاء للعمل بالدروس الخصوصية لتعويض مداخيلهم. وباتت الأسر المغربية تضج بالشكوى من هذا الارتفاع، لكن رغم ذلك فإن الإقبال على هذه الدروس من طرف الطلاب ومن مختلف المستويات في تزايد مستمر، إذ يطمح الجميع إلى النجاح في الامتحانات وتفادي الرسوب، خاصة مع ارتفاع المصاريف الإضافية للدراسة، حتى بالمدارس الحكومية المجانية.

تصل أسعار الدروس الخصوصية في المغرب إلى 400 درهم (50 دولارا) خلال ساعتين بالنسبة للمستوى الجامعي، وفي بعض الأحيان تكون أكثر من ذلك. أما بالنسبة للمستوى الثانوي والإعدادي فتكون الساعة في حدود 250 درهما (30 دولارا) بالنسبة للطبقة المتوسطة، بينما تتضاعف بالنسبة للطبقات الثرية، حيث تصل إلى 500 درهم للحصة الواحدة (60 دولارا) للساعة الواحدة.

ومع فترة الامتحانات النصفية والنهائية، خلال شهري فبراير (شباط) ويونيو (حزيران)، يكون هناك إقبال كبير على الدروس الخصوصية. ويعزو المدرسون ذلك إلى قلة الوقت وطول مقررات المنهج.. أما الآباء فيعتقدون أن هذه الفترة فرصة يستغلها المدرسون؛ إذ تعرف أسعار مراجعة دروس المواد العلمية والاقتصادية ارتفاعا كبيرا، تدر دخلا على المدرسين وتخلق مشكلة حقيقية لجيوب الآباء.

تقول شيماء بن صغير، وهي طالبة في مرحلة الإعدادي، إنها لا تستطيع الاستفادة من الدروس الخصوصية؛ لأنه ليس بإمكان والديها دفع مبلغ 200 درهم (25 دولارا) للحصة الواحدة التي لا تتعدى ساعة واحدة، على أساس أنها تحتاج إلى أكثر من ثلاث حصص في الأسبوع. وفي حين تعجز بعض الأسر عن مساعدة أبنائها بدروس الدعم والتقوية بسبب ارتفاع أسعارها، تؤمن عائلات أخرى مصاريف الدروس الخصوصية لأولادها بعد إدراجها في حسابات المصاريف المنزلية ذات الأولوية، كما تقول مريم المالكي، وهي أم لطالب في مرحلة الثانوي.

وقد يصل تلقي الدروس الخصوصية إلى درجة «الإدمان» لبعض الطلبة إذا ما استمر الإقبال عليها منذ مرحلة الابتدائي، كما يرى زكرياء شقرون، وهو طالب جامعي، حيث يقول: «في مرحلة الابتدائي كنت مهملا جدا لدروسي، وقرر والداي إجباري على تلقي دروس خصوصية في البيت في مواد مختلفة، أصبحت بعدها مدمنا على الدروس الخصوصية؛ بحيث لا أستطيع الدراسة بمفردي. الآن، أنا أدرس في الجامعة وما زلت أعتمد على أساتذة الدروس الخصوصية».

وفي السياق نفسه تقول والدته أمينة بن موسى: «أنفقنا أموالا كثيرة على الدروس الخصوصية، ولكن لولاها لما تمكن ابني من الحصول على شهادة البكالوريا (الثانوية العامة)».

من جهة أخرى ينتقد سعد بن بدر (طالب) بعض الأساتذة الذين يملأون وقتهم بإعطاء دروس خصوصية، وقال في هذا الصدد: «أعرف بعض الأساتذة الذين يقدمون دروسا خصوصية في الفترة الصباحية، وعندما يلتحقون بعد منتصف النهار بالفصول في المؤسسات التعليمية الحكومية لا يدرسون بالشكل المرغوب؛ إذ يكون التعب قد نال منهم.. ويزداد الأمر سوءا في حالة ما إذا كانوا سيواصلون الدروس الخصوصية في المساء».

من جانبه يقول مصطفى جوريو، وهو أستاذ الرياضيات في إحدى المؤسسات الثانوية الحكومية: «أحرص داخل الفصل على شد انتباه الطلاب حتى لا يضطروا للاستعانة بالدروس الخصوصية، ويتعرضوا لابتزاز بعض المدرسين.. لذلك أنصحهم دائما بالانضباط وعدم التغيب عن الدروس، كما ألفت انتباههم إلى العناء الذي يتكبده أولياؤهم بتسديد ثمن الدروس الخصوصية بسبب إهمالهم وعدم تركيزهم أثناء الشرح». ويعتقد جوريو أن الدروس الخصوصية أصبحت حقيقة نوعا من أنواع التجارة؛ ليس الغرض منها هو التعليم، وإنما الربح المادي.