رنا المدني لـ «الشرق الأوسط»: محدودية الموارد أوجبت تطوير التعليم في الإردن

نائبة الرئيس التنفيذي لمبادرة التعليم: الشراكة نموذجية بين القطاعين العام والخاص

الملكة رانيا العبد الله أثناء زيارة لإحدى المدارس الاستكشافية
TT

تجسد مبادرة التعليم الأردنية أسلوبا تنفيذيا نموذجيا لشراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص في التعليم بالمملكة الأردنية الهاشمية، ذلك أنها أسهمت في إدخال التقنية ضمن حسابات خطة التطوير الاستراتيجية الشاملة للمؤسسات التعليمية للبلاد، في سبيل تقوية دعائم التعليم الذي اتسم بجودته على مستوى الوطن العربي وتطويره.

رنا المدني، الرئيس التنفيذي بالنيابة لمبادرة التعليم الأردنية، تحدثت عن أمور مختلفة تخص آليات التطوير ودعائم النجاح، وفيما يلي أبرز ما جاء في الحوار:

* بداية.. هل مبادرة التعليم الأردنية خصصت للموهوبين، أم هي موجهة إلى طلاب المدارس بشكل عام؟

- مبادرة التعليم الأردنية تعد إحدى مؤسسات الملكة رانيا العبد لله التعليمية غير الربحية، وتعد أول نموذج يجسد الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص أطلق من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي والحكومة الأردنية خلال الاجتماع الاستثنائي للمنتدى الذي عقد برعاية جلالة الملك عبد الله الثاني في البحر الميت في يونيو (حزيران) عام 2003، وأطلقت بهدف دعم جهود الأردن في تحسين مستوى التعليم وتشجيع الإبداع وتطوير الكفاءات وبناء اقتصاد معرفي باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة في 100 مدرسة حكومية سميت لاحقا بـ«المدارس الاستكشافية»، حيث تم تطوير البنية التحتية التكنولوجية في هذه المدارس وتمثلت بتوفير الشبكة اللاسلكية وتزويد المعلمين بجهاز محمول وجهاز عرض، بالإضافة إلى تطوير مناهج إلكترونية مساندة وتدريب المعلمين على توظيف هذه المناهج بما يخدم العملية التعليمية.

* التعليم في الأردن يتسم بقوته وجودته، ويعتبر نموذجا حيا في الجودة التعليمية.. كيف استطاع الأردن الحفاظ على ذلك النموذج بعد إدخال التقنية في المدارس؟

- رسالة المبادرة هي تسريع عملية إصلاح التعليم من خلال الإبداع، وإضافة قيمة للطلاب والمعلمين والنظام التعليمي، والمساهمة بشكل فاعل من أجل بناء اقتصاد المعرفة. وهذه الرسالة موائمة لرسالة وزارة التربية والتعليم في الأردن، لذا نعمل معا على الارتقاء بالتعليم وتطويره لمواكبة التغييرات التي تحدث عالميا في قطاع التعليم بشكل عام وتوظيف التكنولوجيا في التعليم بشكل خاص.

* كم عدد المناهج التي تم تطويرها؟

- حاليا تم تطوير ستة مناهج محوسبة، موضوعة على منظومة التعلم الإلكتروني بحيث تكون متاحة لكل المعلمين والطلبة في الأردن.

* كيف تصفين التوسع في المبادرة، خصوصا بعد تطبيقها على 100 مدرسة حكومية؟

- من خلال العمل في مائة مدرسة استكشافية، تم تطوير النموذج التعليمي للمبادرة، الذي نقوم بتنفيذه حاليا في 80 مدرسة أخرى خارج العاصمة عمان بالتعاون مع مبادرة «مدرستي»، التي هي إحدى مبادرات جلالة الملكة رانيا العبد لله التعليمية، ليصبح عدد المدارس التي تم تطبيق النموذج فيها 180 مدرسة حكومية أردنية في جميع محافظات الأردن.

* هل شملت المبادرة في تطبيقها مدارس خاصة؟

- في المرحلة الحالية، تركز المبادرة عملها مع المدارس الحكومية مقسمة بين مدارس الإناث والذكور من مختلف المراحل الدراسية، وباختلاف بنياتها التحتية، لكننا نطمح إلى نقل نموذج المبادرة إلى المدارس الخاصة أيضا.

* كيف تم التوصل إلى النموذج التعليمي التقني الذي طبق على المدارس من قبل المبادرة؟

- في البداية، كأي بداية لمبادرة جديدة، حاولنا أن نطلع على الدروس المستفادة من المبادرات السابقة المعنية بقطاع التعليم. وخلال العمل لمدة ست سنوات متتالية في المرحلة الأولى في داخل المدارس الاستكشافية تشكل لدينا النموذج التعليمي للمبادرة، الذي يعمل بدوره على تنظيم عمل المبادرة داخل المدارس. يقوم النموذج على أربع ركائز متمثلة في تطوير البنية التحتية التكنولوجية، وبناء الكفاءات والتنمية المهنية من خلال برامج تدريبية تساعد المعلم على تعزيز مهارات القرن الواحد والعشرين لدى الطلبة، وتوفير البرامج الإلكترونية الإثرائية الهادفة إلى تطوير مهارات التفكير الناقد وحل المشكلات والتواصل، بالإضافة إلى المهارات اللغوية لدى الطالب، والديمومة. وبذلك نكون وصلنا إلى الهدف الأسمى، وهو تطوير بيئة تعليمية محفزة للطالب من خلال توظيف التقنية في العملية التعليمية بشكل بناء وفاعل. وتقوم المبادرة بمتابعة وتقييم جميع البرامج التي تعمل على تنفيذها مع الشركاء من خلال تطبيق منهجية المتابعة والتقييم المبنية على النتائج، حيث يتم جمع قيم الأساس لمؤشرات الأداء ومتابعتها دوريا، بالإضافة إلى جمع بيانات نوعية وكمية من خلال المسوحات ومجموعات نقاش مركز لتطوير التقرير النهائي.

* ماذا عن المعلم؟ ماذا قدمت له مبادرة التعليم؟

- تعمل المبادرة جنبا إلى جنب مع معلمي المدارس المشمولة حتى نضمن نوعية مخرجات العملية التعليمية، التي سيستفيد منها الطالب في نهاية المطاف، الذي هو الهدف الرئيسي للمبادرة. إذ تعمل مبادرة التعليم الأردنية على توفير برامج تدريبية مكثفة وعالية الجودة للمعلمين والمعلمات وبرامج التدريب على الإنترنت مع شركاء أو جامعات دولية، بالإضافة إلى دعوتهم للمشاركة في المؤتمرات التعليمية المحلية والعالمية، وأيضا توفر لهم الفرص للمشاركة في المسابقات التعليمية الإقليمية والعالمية، أذكر منها فوز الأردن خلال منتدى «مايكروسوفت» لشركاء التعلم، الذي تم عقده في العاصمة التشيكية براغ كأول دولة عربية تفوز بجائزة عالمية. إيمان المبادرة وعملها مع المعلمين الذي يأتي بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم الأردنية كشريك أساسي، أثمر بشكل كبير بالقدرات الهائلة والكفاءات الموجودة لدى المعلمين.

* ما مدى استفادة الدول من شراكاتها مع مبادرة التعليم الأردنية؟

- لا يقتصر عمل مبادرة التعليم الأردنية داخل الأردن فقط، إذ إن أحد أهداف مبادرة التعليم الأردنية الاستراتيجية هو تطوير النموذج التعليمي للمبادرة ليصبح مثالا يحتذى إقليميا ودوليا. إذ قامت بعض الدول باستضافة فريق المبادرة للاطلاع على ما طورته الأردن في نظامها التعليمي حتى وصلت إلى هذه المرحلة من التميز، فتواصلنا مع عدة دول، أذكر منها دول الخليج العربي ومصر ولبنان والمغرب العربي، لتوفير أي متطلب خاص متوفر في نموذج المبادرة التعليمي أو لتدريب معلمي هذه الدول على برامج معينة بالتعاون مع شركائنا التقنيين.

* وعلى المستوى الدولي، أين ظهرت جهود المبادرة؟

- عملنا على وضع خطة لتطوير استراتيجيات حكومية عامة تعكس وتنعكس على القطاع التعليمي الأردني، وأيضا عملت المبادرة على تطوير استراتيجية تقنية المعلومات والاتصالات التعليمية في دولة رواندا، بالإضافة إلى العمل مع شركائنا العالميين لتنفيذ الكثير من البرامج التدريبية في عدد من الدول العربية والأجنبية.

* الأردن معتمد على جانب المعرفة في اقتصاده، كيف تحقق له ذلك؟

- يعمل الأردن على تحقيق ذلك من خلال مشروع تطوير التعليم نحو اقتصاد المعرفة، الذي انتهت مرحلته الأولى في عام 2009، ونحن الآن بدأنا في المرحلة الثانية للمشروع، التي ستنتهي في عام 2015. وتقوم الاستراتيجية على توسيع وتعميق الأثر النوعي للبرنامج في مرحلته الأولى والتركيز على دور المدارس ومديريات الميدان للإصلاح وإدارة الأداء، وتحسين وتطوير ومشاركة المجتمعات المحلية من أجل تحسين تحصيل الطلبة. الفرد الأردني بشكل عام يعول عليه لبناء اقتصاد المعرفة، كون الموارد الأخرى محدودة، فيأتي التعليم كهدف رئيسي واستراتيجي مهم تؤكد عليه توجهات الدولة، التي تترجمها بإنشاء ودعم المؤسسات العشر المعنية بتطوير التعليم المحلي غير الربحية التي تلقى اهتماما ومتابعة شخصية من قبل الملكة رانيا العبد لله. وتعتبر مبادرة التعليم الأردنية واحدة من تلك المؤسسات، التي نذكر منها أيضا جائزة الملكة رانيا للمعلم المتميز، وأكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين، ومبادرة «مدرستي»، وغيرها.