«الابتكار» يكسب الرهان بسباق الريادة في السعودية

ارتفاع في طلبات براءات الاختراع المودعة بنسبة 40%

TT

يعد موضوع الابتكار سمة عامة طغت على مختلف القطاعات الحيوية، كجزء من التوجه القاضي بتحول الاقتصاد السعودي من استهلاكي إلى اقتصاد قائم على المعرفة والإبداع، بعدما أصبحت مفردة «الابتكار» الأكثر رواجا هذا العام.

وبنظرة متمعنة لقطاع البحث والتطوير ومخرجاته، فقد ارتفعت نسبة طلبات براءات الاختراع بالسعودية لحاجز الـ40 في المائة خلال العام الماضي، والتي كانت تتراوح بين 3 و6 في المائة عند بداية حماية الاختراعات بالسعودية قبل أكثر من عقدين. وتخطت الطلبات المودعة في مكتب براءات الاختراع السعودي حاجز الـ18 ألف طلب، 14 في المائة منها تمثل طلب براءة اختراع مودعة من سعوديين، بينما 86 في المائة المتبقية من طلبات براءات الاختراع تعود لشركات أجنبية؛ غالبيتها في مجال الأدوية والبتروكيماويات.

وبموجب نظام براءات الاختراع والتصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة والأصناف النباتية والنماذج الصناعية (قانون الملكية الفكرية في السعودية) فقد أنهت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية 98 في المائة من الطلبات المقدمة، وكان نصيب السعوديين منها 119 براءة اختراع للشركات و34 للأفراد. ويبدو أن اهتمام شركات القطاع الخاص في السعودية بموضوع الابتكار يرجع لانسجامه مع رؤية وتطلعات «المملكة 2020»، والتي تركز على دعمه لتطوير الموارد البشرية وتنويع الموارد الاقتصادية في سبيل تحقيق الجودة الشاملة في مختلف القطاعات. وفي حديث هاتفي مع «الشرق الأوسط» أشار أحمد الفيفي، مدير عام إحدى الشركات المنتجة للتطبيقات «سوفت وير» بالسعودية، إلى أن التأهيل الذي يقدمونه هو مخصص لفهم التقنيات الحديثة وتطبيقها بحسب رغبة العملاء.

ويقول الفيفي «أحد المشاريع تكلف الكثير من الجهد والطاقات، وعملت عليه الشركة لعدة سنوات بالتعاون مع عدة جامعات دولية لإنتاج تطبيق معقد، يمكن تشبيهه بنظام تشغيل متكامل. فكانت طريقة دعم الابتكار كفكرة أولا ثم باستقطاب الكفاءات من عدة دول لتدريبهم على نظام التشغيل بالكامل بحيث يستطيع المتدرب أن يبتكر تخصيصا معينا للنظام بحسب احتياجات الجهات ومتطلباتها على تقنية متقدمة».

وانطلقت مؤخرا مبادرة «فكرتك» كإحدى مبادرات مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، التي تهدف إلى إيجاد مجتمع معرفي، لتسهم في نشر ثقافة الملكية الفكرية وتوضيح دورها الاقتصادي لدى شرائح المجتمع ورفع مستوى المعرفة للمتخصصين والعاملين في مجال حقوق الملكية الفكرية، وذلك بعد توقيع مذكرة تفاهم بين المدينة والمنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو) لرفع مستوى الخدمات الخاصة بإدارة حقوق الملكية الفكرية لدى الجامعات ومراكز الأبحاث والتطوير وورش العمل المتخصصة، بالإضافة إلى تقديم الاستشارات الفنية والقانونية في مجال الملكية الفكرية.

وبحسب ما أشار إليه القائمون على مكتب البراءات السعودي لـ«الشرق الأوسط» فإن بوادر دعم بيئة الاختراع والابتكار ظهرت منذ عام 2008، عندما صدر توجيه خادم الحرمين الشريفين بتحمل النفقات المالية المترتبة على تسجيل طلبات براءة الاختراع للمواطنين السعوديين، حيث أوكلت لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية الإشراف على «برنامج خادم الحرمين الشريفين لدعم المخترعين السعوديين»، وكذلك رعاية العاهل السعودي لمعرض ابتكار، الذي يعقد كل سنتين، بالإضافة إلى انطلاق جائزة خادم الحرمين الشريفين لتكريم الموهوبين والمخترعين العام الماضي.

ويعزى لمكتب براءات الاختراع بالسعودية تقديم الخدمات والاستشارات الفنية بمجال الملكية الفكرية بشكل عام، وبراءات الاختراع بشكل خاص، والمساهمة في رفع مستوى الوعي بهما من خلال المحاضرات والفعاليات المتخصصة، كخدمة الإيداع الإلكتروني، التي تسهم في تسهيل إجراءات تقديم ومتابعة طلبات الحماية بدءا من إيداع الطلب وانتهاء بإصدار وثيقة الحماية للطلبات المستحقة نظاما، مرورا بالإجراءات المالية والقانونية والفنية المختلفة، إضافة لخدمة البحث المبدئي التي تهدف إلى رفع مستوى الاختراعات قبل تقديمها كطلبات براءات اختراع، حيث يتم تقييم تلك الاختراعات وإعداد تقرير مبدئي عنها.

ولعل ما يقلق المخترع، ويثنيه عن طلب براءة الاختراع، هو إما الجهل بحفظ حقوقه، أو التخوف من التأخر منح براءات الاختراع، فتفحص طلبات براءات الاختراع وإنهاء الطلب يتم خلال فترة تتراوح من سنتين إلى ثلاث سنوات من لحظة إيداع الطلب، باختلاف مجال الاختراع ومدى صعوبته.

الأفكار الإبداعية أساسها التعليم والتعلم عن البحث عن المعلومة والبدء بتطوير فكرة من النقطة التي انتهى منها الآخرون. وكتأكيد للدعم الحكومي للابتكار من كبريات الجهات، تشارك وزارة التربية والتعليم السعودية ومؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع «موهبة» في معرض «إنتل» الدولي للعلوم والهندسة بولاية أريزونا الأميركية، في منتصف مايو (أيار) الحالي، بفريق يضم 22 طالبا وطالبة، يقدمون 18 بحثا علميا في 11 مجالا علميا، بشكل فردي وجماعي في عدة مجالات؛ كهندسة المواد والهندسة الحيوية، والهندسة الكهربائية والميكانيكية، وعلم الحيوان، وعلوم الأحياء الخلوية والجزيئية والمجهرية، والفيزياء والفلك، والكيمياء، وعلوم النبات، وعلوم الأرض والكواكب، والطب والعلوم الصحية، والعلوم الاجتماعية والسلوكية.

وتأهل الطلاب والطالبات المشاركون بعد فوزهم في المرحلة النهائية للأولمبياد الوطني للإبداع العلمي (إبداع) الذي أقيم في مارس (آذار) الماضي، بعد منافسات بين 518 مبدعا ومبدعة (252 طالبة و266 طالبا) من السعوديين عرضوا 400 مشروع مناصفة بين البنين والبنات في مساري الابتكار والبحث العلمي في 17 مجالا علميا.