نافذة على جامعة

مدرسة البوليتكنيك في فرنسا

TT

مع أن فرنسا تضم بعض أقدم جامعات العالم الغربي، وفي مقدمها جامعة باريس التي أسست فعليا عام 1160، فإن قمة هرم التعليم العالي في فرنسا، وبالأخص في شق العلوم التطبيقية، تحتله كوكبة من المدارس العليا أو المعاهد الجامعية العليا.

في هذه المعاهد الحكومية العليا أعلى درجات الانتقائية وأصعب معايير القبول، ومن ثم فإن الطريق ممهد لخريجي هذه المدارس لتبوء أهم المواقع الإدارية والعلمية والتقنية والسياسية في البلاد.

وبما يخص مدرسة «البوليتكنيك»، فهذا المعهد العريق يعد أحد أبرز معاهد العلوم التطبيقية والهندسية في العالم. وهو تأسس في العاصمة الفرنسية باريس عام 1794 تحت اسم «المدرسة المركزية للأشغال العامة» Ecole Centrale des Travaux Publics، تحت إشراف لازار كارنو وغاسبار مونغ، إلا أن الاسم تغير إلى «مدرسة البوليتكنيك» Ecole Polytechnique في العام التالي، وضمت إليه مدرسة المدفعية الحكومية عام 1802.

وكان الحرم الجامعي الأول للمدرسة في الحي اللاتيني الشهير بوسط باريس على الضفة الجنوبية (أو اليسرى) من نهر السين، بيد أنه انتقل عام 1976 إلى حرم رحب المساحة عصري العمارة في ضاحية باليزو على مسافة 14 كيلومترا إلى الجنوب الغربي من العاصمة الفرنسية قرب مطار أورلي الدولي، حيث يمتد على رقعة 320 فدانا (180 هكتارا).

في البداية كان المعهد خاضعا لإشراف وزارة الداخلية، ثم جرى تحويله إلى معهد عسكري عام 1804 في عهد نابليون بونابرت وبقي لفترة خاضعا لإشراف وزارة الدفاع. ولكن على مر السنين تغيرت طبيعة طلبته وخريجيه، إذ بعدما كان يخرج الضباط العسكريين الفنيين غدت الغالبية العظمى من خريجي المدرسة تتوجه إلى قطاعات الهندسة والبنوك والأعمال التجارية والخدمة الحكومية المدنية.

قبلت الطالبات لأول مرة في مدرسة البوليتكنيك عام 1972، وبعد أربع سنوات كانت النقلة الكبرى إلى الحرم الجامعي الجديد في باليزو. وعام 1985 منحت المدرسة العريقة الشهيرة درجة الدكتوراه لأول مرة. وعام 2005 منحت أول درجات ماجستير.

وتضم المدرسة اليوم معاهد ودوائر الرياضيات والهندسة الميكانيكية والفيزياء والكيمياء والاقتصاد والعلوم الاجتماعية والإنسانية.

من أشهر خريجي مدرسة البوليتكنيك الفائزان بجائزة نوبل هنري بكيريل (الفيزياء) وموريس آليس (الاقتصاد)، ومعهما أجيال من كبار رواد الرياضيات والعلوم النظرية والتطبيقية والمهندسين من أمثال فولجنس بيينفينو (أبو مترو باريس) وأوروبان لو فيرييه (مكتشف الكوكب نبتون) وإميل كلابيرون (رائد علم الديناميكيات الحرارية) وأوجين فريسينيه (الخرسانة المسبقة الضغط) وفرنسوا أوسينو (صندوق تسجيل رحلات الطائرات).

ومن أهل السياسة الرؤساء الفرنسيون ماري فرنسوا سادي - كارنو والبير لبرون وفاليري جيسكار ديستان، وعدد كبير من الوزراء والساسة بينهم المستشار الرئاسي جاك آتالي وزعيم «الجبهة القومية» اليمينية برونو ميغريه. ومن أهل الفكر والعلوم الاجتماعية أوغست كونت.

ومن رواد الصناعة والتجارة والمال آندريه سيتروين (مؤسس شركة سيارات سيتروين) وكونراد شلمبرجيه (أحد مؤسسي مجموعة شلمبرجيه) والملياردير برنار آرنو (رئيس مجموعة إل في إم إتش) وكارلوس غصن (رئيس رينو - نيسان) وسيرج داسو (داسو لصناعة الطائرات). ومعهم إدريس بنهيمة (رئيس الخطوط الجوية الملكية المغربية) وشفيق محرم (الخبير المالي والإداري والمستشار الرئاسي اللبناني).