مصر تطبق نظاما جديدا للثانوية العامة

مصادر بوزارة التربية والتعليم: حذف تعديلات الإخوان على المناهج

عشرات الطلاب يصطفون أمام إحدى المدارس الثانوية بالقاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

في خطوة لتحسين وضع التعليم في مصر بعد عامين من ثورة «25 يناير» عام 2011، أعلنت وزارة التربية والتعليم المعنية بشؤون التعليم في مصر، تطبيق نظام جديد للثانوية العامة والتي يطلق عليها «عنق الزجاجة»؛ لتكون سنة واحدة بدلا من سنتين اعتبارا من العام الجديد الذي سوف يبدأ يوم 21 سبتمبر (أيلول) الحالي، تخفيفا عن الأسر المصرية.

كما قامت الوزارة بإجراء تعديلات على المناهج، التي تم تعديلها في فترة حكم جماعة الإخوان المسلمين. وقالت مصادر مسؤولة في وزارة التربية والتعليم في مصر، إنه «بدءا من العام القادم سيتم ضم فترة حكم الرئيس السابق محمد مرسي، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين للمناهج الدراسية ولن يتم استبعادها، مثلما فعل الإخوان في فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك»، مؤكدة أنه سيتم تناول فترة الرئيس المعزول بسلبياتها وإيجابيتها.

وأوضحت المصادر، أنه تم حذف بعض التغييرات التي أدخلها رئيس المركز القومي للمناهج السابق في عهد حكم الرئيس المعزول، وأن معظم التدخلات في المنهج جاءت في مواد التاريخ والمواد القومية.

وأضافت المصادر المسؤولة التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، أن «التعديل في المناهج الدراسية يتزامن مع اعتماد النظام الجديد للثانوية العامة والتي أصبحت عاما واحدا فقط، بدلا من عامين في النظام السابق»، لافتة إلى أن الطالب في نظام الثانوية العامة الجديد يدرس مواد «التربية الدينية، والتربية الوطنية، والاقتصاد»، سواء للشعبة الأدبية أو العلمية، وتجرى امتحاناتها مسبقا بالمدارس، ويشترط نجاح الطالب بها. وأوضحت المصادر أن زيادة عدد المواد جاء في صالح الطلاب، وأن الدرجات التي خصصت لكل مادة، جاء موازيا لعدد الحصص بالأسبوع الواحد، بالإضافة إلى عدد الساعات التي تدرس بها المادة.

وأعلن الدكتور محمود أبو النصر، وزير التربية والتعليم المصري، أن «النظام الجديد للثانوية العامة تم عرضه على عدة جهات، كان من أهمها مجلس التعليم قبل الجامعي، والذي اعتمده مؤخرا، بالإضافة إلى عقد عدة مشاورات مع اتحاد طلاب المدارس، والأخذ بآرائهم في بعض النقاط».

ويدرس طلاب شعبة العلمي علوم مواد «اللغة العربية، واللغة الإنجليزية، واللغة الأجنبية الثانية، والكيمياء، والفيزياء، والأحياء، والجيولوجيا وعلوم البيئة»، ومواد طلاب شعبة العلمي رياضيات «اللغة العربية، واللغة الإنجليزية، واللغة الأجنبية الثانية، والكيمياء، والفيزياء، ورياضة بحتة، ورياضة تطبيقية».

أما طلاب الشعبة الأدبية فسيدرسون مواد «اللغة العربية، واللغة الإنجليزية، واللغة الأجنبية الثانية، والتاريخ، والجغرافيا، والفلسفة والمنطق، وعلم النفس والاجتماع، والجيولوجيا». ويخير الطلاب بين دراسة عدد من المواد باللغة العربية أو اللغة الإنجليزية.

وأشار وزير التربية والتعليم إلى أن الوزارة ستشكل لجنة لدراسة نسبة الأنشطة الصفية واللاصفية في المراحل التعليمية، والتي تتمثل وفقا للقرار 313 في 50% بالنسبة للمرحلة الابتدائية و40% بالنسبة للمرحلة الإعدادية و30% بالنسبة للمرحلة الثانوية.

وأوضحت المصادر المسؤولة نفسها في وزارة التربية والتعليم، أن «الوزارة تدرس مقترحا خاصا بتخصيص 10 درجات في الثانوية العامة للحضور في المدارس، لأهمية عودة الانضباط إلى المدرسة، على ألا تكون هذه الفكرة وسيلة ضغط من جانب المعلمين لإعطاء المزيد من الدروس الخصوصية».

لكن نور عبد الحميد، ولي أمر أحد الطلاب، رفض هذه الفكرة واعتبرها مجالا يزيد الأعباء على الأسر المصرية في مسألة الدروس الخصوصية، مضيفا لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا المقترح لو طبق سيزيد من سطوة المدرس على الطالب في مسألة الدروس الخصوصية».

ويرى مراقبون أن نظام الثانوية العامة الجديد يهدف إلى تخفيف العبء عن كاهل الأسر المصرية التي تعاني من المصروفات والدروس الخصوصية لمدة عامين، بالإضافة إلى أن جعل نظام الثانوية العامة عاما واحدا يخفف العبء على الطالب في المذاكرة.

وقال وزير التربية والتعليم، إن «الوزارة استشعرت أن العودة لنظام العام الواحد للثانوية العامة هو مطلب جماهيري وشعبي لتخفيف الأعباء المالية والنفسية على الطلاب وأولياء أمورهم، خصوصا أن نظام العامين أدى إلى زيادة ظاهرة الدروس الخصوصية والعبء النفسي على الطلاب وأولياء الأمور».

وقال محمد حسيب، وهو وكيل وزارة سابق في وزارة التربية والتعليم، إن «الثانوية العامة المصرية مرت بعدد كبير من التغيرات على مدى تاريخها الطويل الممتد منذ الربع الأول من القرن التاسع عشر، ويعد عام 1825 أول أعوام التعليم الثانوي في مصر، وكانت وقتها تسمى المرحلة التجهيزية، حيث يتم «تجهيز» طلاب المدرسة لدخول التعليم في المدارس العالية مثل مدرسة الحقوق والمهندسخانة وغيرها. وظلت تلك المرحلة من التعليم تدار الامتحانات فيها بشكل منفصل في كل مديرية، أو حكمدارية، حتى جاء عام 1887، والذي تم فيه عقد أول امتحان موحد للثانوية العامة في أكثر من مدرسة، وعلى إثر هذا الامتحان أطلق عليها الشهادة العامة، لعمومية الامتحان فيها.

وتابع حسيب: «كان نظام التعليم في الثانوية العامة وقتها أربع سنوات، حتى عام 1891، حيث تمت زيادة مدة الدراسة بها إلى خمس سنوات، وفى عام 1897 تقلصت مدة الدراسة في الثانوية العامة إلى ثلاث سنوات، بسبب حاجة الحكومة وقتها إلى المتعلمين من أجل شغل الوظائف، لتعود بعد ذلك مدة الدراسة في الثانوية أربع سنوات عام 1905، إلا أن الدراسة وقتها كانت مقسمة على مرحلتين، وكان هناك عامان لكل مرحلة، وكانت السنتان الأوليان تسميان بـ«الكفاءة»، وهى شهادة مستقلة، بعدها يأتي التخصص في أحد القسمين العلمي أو الأدبي، وتمتد الدراسة في تلك المرحلة أيضا إلى عامين، بعدها يحصل الطالب على شهادة «البكالوريا» التي تعادل حاليا الثانوية العامة. وفى عام 1907 ألغيت شهادة الكفاءة، وأطلق عليها «القسم الأول من الشهادة الثانوية»، وظلت الثانوية العامة هكذا حتى عام 1928، وزيد عليها في تلك المرحلة عام خامس فأصبحت خمس سنوات، وظل هذا النظام ساريا حتى عام 1935، حين تم تعديل نظام الثانوية العامة لتصبح خمس سنوات دراسية للبنين وست سنوات للبنات، حيث كانت تضاف مواد تخص الفتيات.

وأضاف محمد حسيب، لـ«الشرق الأوسط»، في عام 1977 تغير نظام الدراسة في الثانوية العامة مرة أخرى، وتحددت مدة الدراسة بثلاث سنوات، وفى عام 1981 أدخلت وزارة التربية والتعليم نظاما جديدا على الثانوية، وتم تشعيب القسم الأدبي إلى شعبتين أيضا، وكان التخصص يبدأ مع هذا النظام منذ الصف الأول الثانوي، ولم يستمر هذا النظام طويلا، حيث ألغاه الدكتور أحمد فتحي سرور وزير التربية والتعليم الأسبق، وعاد بالثانوية العامة إلى ثانوية السنة الواحدة، فكان الصف الأول والثاني الثانوي دراسة عامة والتخصص يقع في الصف الثالث فقط، الذي كان بمثابة سنة الشهادة.

وفى عام 1991 تعدل نظام الدراسة في الثانوية العامة، وتم إدخال المواد الاختيارية لدراسة ميول وقدرات الطلاب، وكذلك كان هذا أول عام يتم فيه دراسة المستوى الرفيع للطلاب، بما يساعد على زيادة مجموع الطلاب، مؤكدا أنه في عهد الدكتور حسين كامل بهاء الدين، وزير التعليم الأسبق، دخلت الثانوية العامة بنظام المرحلتين، فشهد عام 1994 تحول الدراسة في الشهادة الثانوية إلى النظام الممتد بين العامين الثاني والثالث الثانوي، وكانت الدراسة تتم بموجب مواد إجبارية ومواد اختيارية يختارها الطالب عند التخصص في الصف الثاني الثانوي. وقد ألغي هذا النظام بعد عامين من تطبيقه، وتحديدا في عام 1996 في حكومة الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء الأسبق، ومع هذا ظلت الثانوية العامة تدرس بنظام العامين وبنظام الشعبتين.

وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة من التعديلات النهائية لنظام الثانوية العامة الجديد، فيما يتعلق بتوزيع درجات المواد، فبالنسبة للمواد الأساسية التي تدرسها جميع الشعب: 80 درجة للغة العربية، و50 درجة للغة الأجنبية الأولي، و40 درجة للغة الأجنبية الثانية. أما مواد التخصص لشعبة العلمي علوم، فحددت 60 درجة لكل من مواد الكيمياء والأحياء والفيزياء والجيولوجيا، وبالنسبة لشعبة الرياضة، فحددت 60 درجة لكل من مواد الكيمياء والفيزياء والرياضيات التطبيقية والرياضيات البحتة.

أما توزيع الدرجات بالنسبة لشعبة الأدبي، فتم تحديدها بـ60 درجة لكل من مواد التاريخ والجغرافيا والفلسفة والمنطق وعلم نفس والاجتماع، على أن يكون المجموع الكلي النهائي 410 درجات. وللطالب إعادة قيد واحدة ثم يحول إلى نظام «المنازل» (الذي يعني الدراسة في المنزل بدلا من الصف الدراسي)، إذا تغيب 15 يوما متصلة أو 30 يوما منفصلة. فيما تدرس جميع الشعب مواد لا تضاف للمجموع، لكنها أساسية للنجاح، وهي التربية الدينية والتربية الوطنية والاقتصاد والإحصاء.

كما نصت التعديلات على أنه بالنسبة لمواد «الكيمياء والفيزياء والأحياء والتاريخ والجغرافيا والفلسفة والمنطق وعلم النفس والاجتماع»، سيتم استكمال باقي المناهج، ولن تتم إضافة أي جديد عليه، أما فيما يتعلق بمادة الجيولوجيا، فسيتم حذف أجزاء من المنهج ولن تتم دراستها كاملة، بل نصفها فقط.

وكانت جماعة الإخوان قد أجرت تعديلات في كتب العام الماضي، وحسب مراقبين، تم حذف صور خاصة بثورة «25 يناير (كانون الثاني)»، وصورة لافتة «لا لبيع الغاز لإسرائيل»، واستبعاد صورة ناشطة حقوقية بسبب عدم ارتدائها الحجاب، مع استبدال صور المصحف والصليب بصور علم مصر فقط، وذلك في كتابي التربية الوطنية بالصفين الثاني والثالث الثانوي.