أوضاع مصر وسوريا تجبر مئات الطلبة الأردنيين على العودة لبلادهم

الحكومة تبحث عن «قرار سياسي» لاحتواء الأزمة

كلية الدراسات العليا بالجامعة الأردنية (الشرق الأوسط)
TT

فرضت الأحداث الحالية في مصر وسوريا، تحديات إضافية على واقع التعليم في الأردن؛ سواء على صعيد التعليم العام أو العالي، الأمر الذي تسبب في حدوث ارتباكات داخل أروقة صنع القرار التعليمي في الأردن.

وتسببت هذه التحديات، التي تمثلت بعودة مئات الطلبة الأردنيين الملتحقين بجامعات مصرية وسورية، إلى بلادهم، في تجاوز التشريعات المنظمة للقطاع التعليمي، في سبيل إيجاد الحلول لهم من أجل إكمال دراستهم الجامعية.

اشتراطات القبول بالجامعات الأردنية من حيث المعدلات المطلوبة ومحدودية أعداد المقاعد الجامعية جعلت الكثير من الطلبة أمام خيار الجامعات المصرية والسورية لقرب المسافة وقلة التكاليف، إلا أن الأحداث التي اشتعلت في هذين البلدين، حالت دون إكمال غالبيتهم الدراسة هناك.

الولاية العامة والمصلحة العامة، تفرض على الحكومة الأردنية، وتحديدا مجلس التعليم العالي، إيجاد حل لمشكلة هؤلاء الطلبة على حساب «الأسس والتعليمات»، وهو فعلا ما لجأت إليه الحكومة، إذ قبلت المئات من الطلبة العائدين من الجامعات السورية للالتحاق بالجامعات الأردنية لإكمال دراستهم.

إلا أن المشهد ذاته، يتكرر الآن، بالنسبة للطلبة العائدين من الجامعات المصرية، والذين يناهز عددهم أربعة آلاف طالب، غالبيتهم في تخصص الطب وطب الأسنان والهندسة.

تزامن عودة هؤلاء الطلبة، الذين بدأوا منذ أيام تنفيذ اعتصامات أمام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لبلادهم تحت شعار «نريد حلا»، مع بدء فترة القبول السنوية بالجامعات الرسمية، والتي ستشمل 43 ألف طالب. وهو الرقم الذي جعل من الاستجابة السريعة لمطالب الطلبة العائدين أمرا في غاية «الصعوبة»، بحسب الصحافي المتخصص في الشؤون التعليمية حاتم العبادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط».

ويقول العبادي: «رغم التبريرات المنطقية التي يسوقها الطلبة لاستصدار قرار قبولهم بالجامعات الأردنية، لا يزال المسؤولون في الحكومة الأردنية يماطلون في اتخاذ موقف واضح».

وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأردني الدكتور أمين محمود، وعد الطلبة العائدين من مصر بإيجاد حل لمشكلتهم، من خلال المتابعة مع سفارة بلاده في القاهرة للوقوف على واقع الحال، وإمكانية متابعة الطلبة دراستهم في مصر.

وأكد تقرير صادر عن الملحقية الثقافية في السفارة الأردنية في القاهرة، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن أوضاع الطلبة الأردنيين في مصر بخير ولم يتعرض أي طالب إلى الخطر أو الأذى.

ورغم أن التقارير القادمة من مصر تفيد بأن الأوضاع آمنة، ولا يوجد ما يستدعي أمنيا أن يعود الطلبة الأردنيون إلى بلادهم، فإن هؤلاء الطلبة يطالبون حكومة بلادهم بتأمين قبولهم، أسوة بالطلبة العائدين من سوريا وقبلهم العائدين من العراق.

ومن أجل قطع الشك باليقين، يرجح أن يقوم الوزير محمود بزيارة إلى القاهرة للتأكد من واقع الحال هناك، وبحسب النتائج التي سيخرج بها سيتم اتخاذ القرار.

ويرى الصحافي العبادي أن مماطلة الحكومة الأردنية باتخاذ قرار، سواء قبول الطلبة أو رفضهم، سببه أن حجم هؤلاء الطلبة كبير ويفوق قدرة الجامعات الأردنية على استيعابهم، وخصوصا أن غالبيتهم في تخصص الطب، ولا يوجد في الأردن سوى خمس كليات في هذا التخصص، وقدرتها الاستيعابية لا تتمكن من قبول الطلبة.

كما أن أسس القبول الجامعي في الأردن، بحسب العبادي، تشترط حدودا دنيا لمعدلات القبول في التخصصات، وهذا الشرط لا ينطبق على غالبية هؤلاء الطلبة، مما يجعل قرار قبولهم، يتطلب موافقة مرجعيات رسمية عليا، باعتباره قرارا سياسيا، وليس أكاديميا.

ويشير العبادي إلى أن بعض الطلبة يحاولون استغلال مثل هذه الظروف، خصوصا من هم في السنة الأولى أو الثانية في الدراسة، من أجل الحصول على مقعد في جامعات الأردن، التي منعتهم بداية اشتراطات أسس القبول من دخولها، بحيث يكون القبول استثنائيا.

هذا القضية توسعت أركانها، لتصل إلى أروقة مجلس النواب الأردني، الذي تناول أعضاؤه في مذكرات نيابية مطالبات بمتابعة ظروف هؤلاء الطلبة وإيجاد حل لمشكلاتهم.

ويقول النائب خميس عطية لـ«الشرق الأوسط» إن موضوع الطلبة العائدين من الجامعات المصرية، لا يزال يناقش من قبل وزارة التعليم العالي، وإنه في حال عدم التوصل إلى حل سيتدخل مجلس النواب بمناقشة الموضوع مع الحكومة.

وتوجد في الأردن 27 جامعة، منها عشر جامعات رسمية تتلقى الدعم من الدولة. وتطرح تلك الجامعات الرسمية، التي تقبل سنويا ما يناهز 60 ألف طالب وطالبة، مسارين للتعليم.. الأول «عادي»، يقبل به الطلبة تنافسيا، وبرسوم دراسية مدعومة من الدولة، والثاني «مواز» يدفع فيه الطالب رسوما أعلى بضعفين على الأقل عن العادي، ويكون متاحا للجميع ضمن حدود دنيا للمعدلات.

ولا يزال القبول في تخصص الطب مقتصرا على الجامعات الرسمية، ضمن المسارين «العادي» و«الموازي»، بالمقابل تمت الموافقة على إنشاء جامعة طبية خاصة بالشراكة مع «الخدمات الطبية الملكية»، إلا أنه لم تحصل على الموافقة النهائية لبدء استقبال الطلبة.