الطلاب الإيرانيون في بريطانيا يواجهون مشكلات مضاعفة

أبرزها خاصة بالتحويلات المصرفية وغياب السفارة

TT

يشاطر الطلاب الإيرانيون الذين يسافرون إلى بريطانيا من أجل الدراسة، غيرهم من الطلاب المغتربين عن دولهم في كثير من المشكلات والمؤرقات التي ترتكز في معظمها على البعد عن الوطن والعائلة، وتحمل مشاكل مثل الشوق والوحدة.. لكن هؤلاء الطلاب يواجهون كذلك مشاكل إضافية في بريطانيا؛ بسبب كونهم إيرانيين.

ويبذل الشباب الإيراني جهودا كبيرة من أجل الدخول إلى جامعة وكذلك المرور في مرحلة الدراسات العليا كي يستطيعوا البقاء في ساحة المنافسة في المجالات المختلفة. بصورة عامة؛ فإن امتلاك شهادة جامعية في إيران يعد اليوم أحد العوامل البارزة التي تساعد في الحصول على عمل أفضل، بل وليس هذا فحسب، لكنه يؤدي إلى ارتقاء مكانة الفرد اجتماعيا وثقافيا.

ورغم الجهود الحثيثة التي تبذلها الجامعات الإيرانية من أجل جذب الطلاب، فإن الإمكانات المحلية الإيرانية في هذا المجال لا تزال ضعيفة، لذلك فإن الكثير من الشباب الإيرانيين يغادرون إيران من أجل الحصول على إمكانات دراسية أفضل، مثل سطح علمي أعلى أو التعرف على لغة جديدة أو اكتشاف ثقافة أخرى.

أحد المراكز الرئيسة التي يقصدها الشباب الإيراني من أجل الدراسة هي بريطانيا، فالجامعات البريطانية لا تعد الأقدم خبرة في العالم فحسب؛ بل هي مشهورة من ناحية الجودة والترتيب العالمي لجامعاتها.. وذلك رغم أن أسماء الكثير من الجامعات الإيرانية غالبا ما توجد في المراكز العليا في الترتيب العالمي للجامعات. وتعد إجادة اللغة الإنجليزية من المميزات الإضافية للدراسة في الجامعات البريطانية؛ وهي ما يدفع بالكثير من الطلاب من إيران ومن جميع أنحاء العالم إلى الاتجاه إلى هذا البلد للدراسة.

لكن طلاب إيران قد يواجهون مشكلات مضاعفة في بريطانيا. وبالنظر إلى الحصار المفروض على إيران في مجال تبادل العملة الصعبة، فإن بطاقات الاعتماد الإيرانية لا يمكن استخدامها إلا في داخل إيران.. وهو أمر يفرض على الإيرانيين الذين يخرجون من بلدهم حمل المال معهم بصورة نقدية في أغلب الأحوال، وكذلك فإن الإيرانيين لا يمكنهم افتتاح حسابات في المصارف البريطانية بسهولة.

باران، طالبة بكالوريوس في لندن، قالت لـ«الشرق الأوسط»: «عندما جئت إلى بريطانيا كنت أحمل ما يناهز الخمسة آلاف جنيه إسترليني.. ولأنني لم أمتلك حسابا مصرفيا، كنت مجبرة على حمل هذه النقود معي دائما، نظرا لكوني أتشارك المنزل مع طلبة آخرين».

وتتابع باران قائلة إنه «رغم أن المصارف الإنجليزية يمكن أن تقوم بفتح حسابات مصرفية للإيرانيين الذين يحملون تأشيرة دخول دراسية أو تأشيرة دخول للعمل، فإن الكثير منها تمتنع عن ذلك عند مشاهدتها جواز السفر الإيراني.. بالطبع في نهاية المطاف، قام أحد المصارف بافتتاح حساب لي باسمي بعد تأكده من أن اسمي غير موجود في قائمة الحصار (الممنوعين من فتح حسابات أو التعامل مع المصارف)».

ويعبر محمد، الذي يدرس فرع دراسات علوم الفضاء، عن إحدى المشاكل الأخرى التي تواجه الطلاب الإيرانيين، وهي التحويلات المالية. وقال: «من حيث إنه لا يمكن جلب المال من إيران إلى بريطانيا عبر المصارف والطرق القانونية، فنحن مجبرون على التعامل مع السماسرة الذين يعينون سعر الصرف؛ وعادة ما يحدد هؤلاء السماسرة سعرا أعلى من سعر الصرف في السوق السوداء في داخل إيران». وبعد إغلاق السفارة البريطانية في طهران، وما أعقبه من إغلاق السفارة الإيرانية لدى بريطانيا، ازدادت مشكلات الإيرانيين بصورة عامة، والطلاب بصورة خاصة. يقول أمير، الطالب في مرحلة الماجستير: «السفارة كانت بمثابة المنزل لنا نحن الإيرانيين، عندما أغلقت أصبحنا كالمشردين في الغربة». ويضيف «كان من المقرر أن أذهب إلى مؤتمر علمي في هولندا.. ومن أجل ذلك احتجت لأن تختم السفارة إحدى وثائقي. للأسف، بسبب إغلاق السفارة حرمت من هذه الرحلة العلمية التي شارك فيها أغلب زملائي من الجنسيات الأخرى». وعن ذات القضية، تقول مريم، التي تدرس في مجال الطب الإشعاعي، لـ«الشرق الأوسط»: «كانت مدة جواز سفري على وشك أن تنتهي عندما أغلقت السفارة، في حين أنني كنت أمر بفترة الامتحانات.. وأجبرت على مراجعة سفارة إيران لدى آيرلندا وفرنسا والاتصال بوزارة الخارجية من أجل تمديد جواز سفري.. وقد سبب لي هذا الموضوع الكثير من المشاكل».

مشكلة أخرى يواجهها الطلاب الإيرانيون تتمثل في عدم انتظام سوق العملة والتذبذب في قيمتها، الأمر الذي عرض حياة الطلاب الإيرانيين في الخارج للكثير من المصاعب.

ويقول سينا، وهو طالب آخر يسكن في لندن، إن «الدراسة في هذا البلد صعبة جدا.. رغم أن محاضرتنا تنحصر في يومين من أيام الأسبوع، ولكننا مجبرون على الدراسة والبحث على مدار الساعة. لذلك، فإن أغلب الطلاب - رغم السماح لهم قانونا بالعمل بدوام جزئي لمدة 20 ساعة (في الأسبوع) - إلا أنهم لا يستطيعون العمل. ونحن مجبرون على الاعتماد على مساعدات أهلنا».

ويضيف أن «السعر الحالي للصرف جعل حياتي هنا صعبة جدا، وأنا أكتفي بتأمين احتياجاتي الأساسية». بينما تقول سارة، وهي طالبة أخرى: «يعلم الجميع أن الدراسة في بريطانيا صعبة جدا، ويمكن القول إنها مثل العمل بدوام كامل، ولكن بالنظر إلى أوضاع الصرف الحالية في إيران؛ فإني والكثير من صديقاتي مجبرات على العمل في نهاية الأسبوع».

أما ندا، وهي طالبة إيرانية أخرى، فتقول: «أنا أدرس في العام الدراسي الثالث الآن، وأتعاب دراستي الجامعية هي 10 آلاف جنيه إسترليني في العام. في كل عام، أدفع الأتعاب في بداية السنة الدراسية، ولكن هذا العام دفعتها عندما كان سعر الجنيه الإسترليني يوازي 5050 تومان (وحدة نقد قديمة يستخدمها الإيرانيون لتقدير النقد، ويوازي التومان 10 ريالات إيرانية). ولذلك، تحولت أتعاب دراستي من أقل من عشرين مليون تومان إلى 50 مليون تومان». وتضيف أن «هذه أتعاب الدراسة فحسب، ويضاف إليها مصاريفي الشخصية. لدي غرفة صغيرة إيجارها الشهري 460 جنيها إسترلينيا. بالطبع، أنا أعمل بدوام جزئي، ولكن راتبي لا يغطي مصارف الغذاء والملابس».

طالب آخر يرسل له والده المال بصورة شهرية قال: «باضطراب سوق العملات الصعبة، تدهورت أوضاع والدي في العمل.. وعلي أن أترك الدراسة وأعود إلى إيران، رغم أنني في السنة الدراسية الثانية».

يقول مدير إحدى المؤسسات المجازة في إيران المختصة بإرسال الطلبة إلى الخارج: «في هذا العام، دفع الكثير من الطلبة الأموال، وبعد حصولهم على القبول في الجامعات ودفعهم مستحقات تأشيرة الدخول ونصف أتعاب الجامعة، رحلوا. ولكن بسبب الأوضاع الراهنة، فإن 40% منهم قد عادوا، وهذا يعني أن أموالهم التي صرفوها ذهبت مع الريح».