كرة الرغبي.. طريقك الجديد إلى منحة دراسية في أميركا

الأعوام الأخيرة شهدت نموا لممارسة اللعبة في الكليات وفتحت بابا جديدا للشباب

فريق «بيرغين باربيريانز» ومنافسه «ويست سايد» اثنان من أبرز فرق الجامعات ضمن المشهد المتنامي في محيط نيويورك (نيويورك تايمز)
TT

في العام الماضي، لم تكن بريانا دانر، ذات السبعة عشر عاما، أمسكت بكرة الرغبي المفلطحة من قبل. لكنها بعد أربعة عشر شهرا ستختار ما بين منحتين دراسيتين في كليتين أميركيتين، يلعب في كل منهما فريق أول لكرة الرغبي. وتقول دانر، الطالبة في السنة النهائية بمدرسة برونكس استوديو للكتاب والفنانين «كانت نقلة كبيرة أن يساعدني التقدم الذي أحرزته على الالتحاق بالكلية بسبب شيء أحب القيام به».

في الأعوام الأخيرة ازدادت حرارة المنافسة على المنح الدراسية للاعبي كرة السلة وكرة القدم، بعد أن استعانت الكليات برياضيين تبدأ أعمارهم من سن 13 عاما. كانت دانر واحدة من عدد متزايد من طلاب المدارس الثانوية الذين اكتشفوا طريقا بديلا إلى الجامعة عن طريق رياضة هامشية، على غرار الرغبي والتجديف ولكروس. جرى إنشاء أكثر من 180 ناديا للرغبي في الكليات في الأعوام الأربعة الأخيرة، مما سمح بتقديم مزيد من الفرص للحصول على منح مالية. حصل نحو 100 فتاة و75 شابا في جميع أنحاء البلاد، من بينهم عدد كبير من الأقليات، على منح دراسية عن طريق الرغبي في العام الماضي.

قالت كارين فونغ دونوغو، وهي مديرة شركة تقدم استشارات للطلاب الذي يجري إلحاقهم بفرق الرغبي في الجامعة، إنها عملت عن قرب مع 30 لاعبا في العام الماضي. وأضافت أنها قدمت ندوات عن الرغبي والجامعة لنحو 2000 أسرة. وأضافت فونغ دونوغو أن «هذه المنح سمحت للطلاب بتعزيز مهاراتهم في رياضة الرغبي للالتحاق بتلك الجامعات والتعامل مع مجتمع من الطلاب، وربما لم يكونوا ليحققوا ذلك من دونها».

حصلت لاعبتان أخريان في فريق دانر في المدرسة الثانوية على منح دراسية للانضمام لفريق الرغبي. يجتمع فريق المدرسة في أربعة أيام أسبوعيا، ويكون موقع التدريب أحيانا في متنزه عام بالقرب من المدرسة، حيث يتدربن على الركلات والتمريرات في مساحة صغيرة مليئة بالقاذورات والحجارة والزجاج بين ملعبين للبيسبول. وتقول بيلي نيكولاس، مدربة دانر «يتسبب ذلك في إصابتهن بالاستياء، فهو مكان غير مجهز تتطاير فيه كرات البيسبول فوق الرؤوس وتنتشر الكلاب الضالة ويسير الغرباء وسط التمرين. لكننا نتأقلم على الأمر ونستمتع بالتدريب».

تعرفت الطالبات على الرياضة عن طريق مؤسسة «بلاي رغبي يو إس إيه»، وهي معنية بتنمية الشباب، حيث ساعدت الفتيات على تكوين فريق لكرة الرغبي في المدرسة عام 2011. وهي الرياضة الوحيدة المخصصة للفتيات في المدرسة. وأصبحت مدينة نيويورك مقرا لفرق الرغبي - ومنح الرغبي الدراسية أيضا، حيث أضافت مؤسسة «بلاي رغبي» 40 موقعا لرياضة الرغبي في المدينة في الأعوام الثلاثة الماضية.

وصرح مارك غيرفين، الذي أسس «بلاي رغبي» في نيويورك منذ عشرة أعوام، بأنه لم يكن يتصور أن جمعيته سوف تصبح طريقا للدخول إلى الجامعة. وقال «نهتم في الأساس بتزويد هؤلاء الأطفال بمهارات الحياة، وتنمية عاداتهم الصحية وسلوكياتهم عن طريق الرغبي. ويمكن أن تكون الجامعة بالفعل جزءا من تلك الرحلة».. وبالنسبة لكثير من الشباب هي جزء مهم للغاية.

بدأت روزاليند بينا (18 عاما) طريقها في رياضة الرغبي باللعب في جناح الهجوم في العام الثاني من المرحلة الثانوية في مدرسة (برونكس استوديو). وتروي أنها «أحبت اللعبة عندما شاهدت كيفية إيقاف الخصم». لكنها لم تعرف سوى في عامها الدراسي الأخير أن الرياضة قد تكون تذكرتها للحصول على مستوى أعلى من التعليم. التحق شقيقاها الأكبر سنا بالجامعة، لكنهما تركا الدراسة بعد مرور فصل دراسي واحد. وكانت خطط بينا مشوشة حتى جاءها عرض الحصول على منحة دراسية.

غطت الكلية الدولية الأميركية، وهو معهد خاص تمتد دراسته لأربع سنوات في سبرينغفيلد في ماساشوستس، جزءا كبيرا من المصروفات السنوية التي تقدر بـ34.000 دولار، حتى تتمكن من اللعب في فريق الرغبي النسائي، الذي تم إنشاؤه منذ ثلاثة أعوام. وتتخصص بينا، التي تكمل عامها الأول في الجامعة، في دراسة علم النفس والعدالة الجنائية. وتعلق على تلك الفرصة قائلة «من دون المال كان من المحتمل أن ألتحق بكلية حكومية. وأنا أحب نيويورك لكني لا أريد العودة. هدفي في الحياة هو السفر كثيرا. وهذه هي البداية لتحقيق هدفي».

وهكذا أصبح الرغبي وسيلة مجانية للالتحاق بالدراسة الجامعية. يقدم نحو رُبع عدد فرق الرغبي الجامعية للرجال والسيدات، البالغ 974، نوعا ما من المساعدات المالية. وتخصص 30 كلية تقريبا ميزانيات سنوية للرغبي - أكثر من 100.000 دولار في بعض الحالات - بما يكفي لتقديم منح دراسية كبيرة. وتقدم كليات أخرى كثيرة منح التفوق الرياضي، التي أحيانا ما يصاحبها تقديم منح أكاديمية. وتقول فونغ دونوغو «لا يمكن أن تكون طالبا ذا مستوى متدن أكاديميا وتحصل على منحة الرغبي. إذا كنت ترغب في اللعب والحصول على برنامج منح جيد بالفعل، سيكون عليك التفوق دراسيا. تتطلب هذه الرياضة لاعبا ذكيا». على الرغم من أن أغلبية منح الرغبي ليست كبيرة بما يكفي لتغطية مصروفات الكليات بالكامل، فإن تخفيض إجمالي المصروفات يمكن أن يحقق فارقا كبيرا بالنسبة للطلاب من أسر منخفضة الدخل أو حتى متوسطة الدخل. كان جيفرسون جيمينيز (19 عاما) طالبا مهملا كثير التغيب عن المدرسة لعدة أعوام من مرحلة المراهقة، في حي إنوود في شمال مانهاتن. ويقول «كنت أظن أنني لن أستطيع الالتحاق بالجامعة».

منذ ثلاثة أعوام، جرى اعتقاله بتهمة الاعتداء على أحد الأشخاص. وكان احتمال دخوله السجن مفزعا وواقعيا، لذلك أصبح تغيير نمط حياته أمرا ضروريا. ابتعد جيمينيز عن أصدقائه والتحق من جديد بالمدرسة. تم إلحاقه بمدرسة «إدوارد إيه رينولدز ويست سايد» الثانوية، وهي مدرسة بديلة في مانهاتن للطلاب البالغين «الأكبر سنا وذوي الأداء الدراسي المنخفض».

تتبع أكاديمية القادة الرياضية بويست سايد، وهي شريكة لمؤسسة «بلاي رغبي يو إس إيه»، مدرسة جيمينيز الثانوية. وفي أكتوبر (تشرين الأول) عام 2012، التقط جيمينيز كرة الرغبي لأول مرة ولعب في أول تمرين له. كما انضم جيمينيز أيضا إلى فريق «أولد بلو آر إف سي» المحترف للرجال في مانهاتن. ويقول جيمينيز «يجعلني الرغبي ملتزما، فهو يتطلب مني تحمل المسؤولية ويجعلني صحيح الجسم ويبعدني عن المشاكل».

يستعد جيمينيز للتخرج في شهر يونيو (حزيران)، وقد أصبحت مهاراته الرياضية جديرة بالحصول على منحة دراسية، على حد قول مدربيه، لكن درجاته العملية ليست كذلك. لذلك يخطط جيمينيز للالتحاق بدورات في كلية مانهاتن بروكلين الحكومية لمدة عام ليحصل على متوسط درجات مرتفع يستطيع من خلاله تحقيق حمله بالحصول على منحة الرغبي الجامعية.

عندما يقابل جيمينيز أصدقاءه القدامى، غالبا ما تكون حواراتهم قصيرة. كما أنهم يرونه في الحي مرتديا زيه ويسير مع زملائه في الفريق وأحيانا ما يحمل كرة يبدو شكلها غريبا. ويشير جيمينيز إلى أنه فعل ما في وسعه لإقناعهم بحضور التمرين - حيث يسمح لأصدقاء الطلاب بالحضور، لكنهم لم يفعلوا. وفي ذلك يقول «أتذكر كم كان صعبا أن أفعل ذلك، أن آتي إلى هنا وأترك العالم من ورائي».

بالنسبة لأشخاص مثل نيكولاس، مدربة فريق مدرسة برونكس استوديو، التي شهدت عدة قصص نجاح في رياضة الرغبي وإمكانيات تغيير الحياة التي تحققت بفضل الرياضة، فلا شك في أن هذه المعادلة تؤتي ثمارها. وتقول «لا يوجد شعور في العالم أفضل من رؤية لاعبات فريقي في المدرسة الثانوية وهن يرتدين زي الفريق الجامعي، إلا معرفتي بأن الرغبي كان سببا في إلحاقهم بالجامعة».

* خدمة «نيويورك تايمز»