محكمة في كاليفورنيا تنصر الطلاب على «قوانين غير عادلة»

التلاميذ اختصموا الولاية في قضية أثارت ضجة لتعيين مدرسين يفتقدون الكفاءة

جوليا ماكياس وهي واحدة من بين تسعة طلاب حركوا الدعوى ضد ولاية كاليفورنيا في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي (نيويورك تايمز)
TT

أصدر أحد القضاة في ولاية كاليفورنيا الأميركية حكما قبل أسبوع يقضي بأن القوانين المتعلقة بالتثبيت الوظيفي للمدرس تحرم الطلاب من حقهم في التعليم، وفقا لما نص عليه دستور الولاية، كما أنها تنتهك حقوق الطلاب المدنية. ويعد هذا القرار بمثابة إخفاق كبير لنقابات المعلمين في إحدى القضايا البارزة؛ حيث إن هذا القرار من شأنه أن يغير جذريا طريقة تعيين وفصل المدرسين في ولاية كاليفورنيا، كما أنه يفرض تحديات على القوانين المتعلقة بتثبيت المدرسين في وظائفهم في الولايات الأخرى.

وحسب ما ذكره القاضي رولف إم تريو، أحد قضاة المحكمة العليا بمقاطعة لوس أنجليس، في الحكم الصادر: «الأدلة المادية المقدمة أوضحت للمحكمة أن القوانين المطعون فيها تؤثر بالسلب على الطلاب من طبقة الفقراء والأقليات»، وأضاف أن «الأدلة مقنعة، وتعد في الواقع صادمة للضمير الإنساني».

هذا القرار المتخذ - الذي أيده بشدة وزير التعليم الأميركي آرني دنكان - ينهي الفصل الأول من القضية التي أثارت ضجة وعرفت تحت اسم «فيرغارا ضد كاليفورنيا»، حيث قام مجموعة من الطلاب، بدعم من مليونير من وادي السيليكون، برفع دعوى إلى المحكمة يدّعون فيها أن قوانين تثبيت المدرسين في وظائفهم الخاصة بالولاية تحرمهم من تلقي تعليم جيد نتيجة لتثبيت مدرسين غير أكفاء.

ويتوقع كلا الجانبين أن تسفر تلك القضية عن ظهور قضايا مماثلة في أروقة المحاكم في المدن والولايات الموجودة بالبلاد. وتجدر الإشارة إلى أن ديفيد ويلتش، أحد أقطاب التكنولوجيا في وادي السليكون، أنفق ملايين الدولارات من أجل إنشاء منظمة ستيودنت ماتر (Students Matter) التي تدعم الدعوى القضائية الخاصة بقضية فيرغارا، والتي بموجبها انتقلت القضية إلى أروقة المحاكم، كما أنه قام بتمويل فريق يضم عدد من المحامين البارزين، بمن فيهم ثيودور جيه بطرس. وبينما لا تزال الخطوة اللاحقة غير واضحة، ينظر هذا الفريق في مسألة رفع دعاوى قضائية في نيويورك، وكونيتيكت، وميرلاند، وأوريجون، ونيوميكسيكو، وإيداهو وكانساس، جنبا إلى جنب مع ولايات أخرى لديها نقابات قوية، والتي رفض مشرعو القوانين بها المحاولات المبذولة لتغيير قوانين التثبيت الخاصة بالمدرسين.

وذكرت نقابات المعلمين الأسبوع الماضي أنها تعتزم رفع استئناف. وذكر المتحدث باسم كامالا دي هاريس، المدعي العام لولاية كاليفورنيا، أنها بصدد مراجعة الحكم مع جيري براون، حاكم ولاية كاليفورنيا، والمسؤولين في مجال التعليم قبل اتخاذ قرار بشأن أي استئناف من جانب تلك النقابات. وذكر جوشوا بيكثالت، رئيس اتحاد المعلمين في كاليفورنيا: «نعتقد أن القاضي تأثر بالخطاب المعادي للنقابة وللمدرسين، وكذلك بواحدة من أرقى الشركات الأميركية في مجال القانون التي اعتزمت على جعل المعلمين كبش فداء للمشاكل الحقيقية التي يواجهها قطاع التعليم العام». وتجدر الإشارة إلى أن اتحاد المعلمين في كاليفورنيا، هو واحد اتحادين، والذي يمثل ما يقرب من نحو 400000 معلم في الولاية. وأضاف جوشوا: «توجد مشاكل حقيقية في المدارس لدينا، ولكن هذا القرار بالتأكيد ليس من شأنه المساعدة في تخطي هذه المشاكل وإحراز تقدم».

وقارن القاضي تريو في حكمه الشديد اللهجة الصادر، والذي يتكون من 16 صفحة - قضية فيرغارا بالقضية التاريخية المتعلقة بإلغاء الفصل العنصري (قضية براون ضد مجلس التعليم)، موضحا أن قضية براون كانت تناقش «حق الطالب الأساسي للمساواة في الحصول على التعليم»، بينما تعني قضية فيرغارا بتطبيق هذا المبدأ على «جودة العملية التعليمية».

واتفق القاضي مع ما ذكره المدعون بأنه في ظل القوانين الحالية في كاليفورنيا يكون من المستحيل التخلص من الكثير من نقاط القصور في الأداء، وفصل المدرسين غير الأكفاء، وذلك نظرا لأن نظام التثبيت يضمن لهم البقاء في الوظيفة مدى الحياة؛ فقد كانت قواعد الأقدمية التي بموجبها يكون المدرسون المعينون حديثا هم أول من تشملهم عملية الفصل سيئة ولها تأثير سلبي، ويعد تثبيت المدرسين عقب عامين فقط بمقتضى هذه القواعد أمرا هزليا؛ حيث إن هذه الفترة تعد قليلة للغاية من أجل تقييم منصف لمدى مهارة المدرس.

وعلاوة على ذلك، ذكر القاضي تريو أنه يجري تعيين المدرسين الأقل كفاءة في المدارس التي بها طلاب من طبقة الفقراء والأقليات، وأصر على حقيقة أن هذا الأمر ينتهك الحق الدستوري لهؤلاء الطلاب من أجل المساواة في الحصول على التعليم. ومن المعتقد أن هذا القرار سيكون أول قرار قانون يؤكد على أن جودة التعليم تحظى بنفس أهمية الحق في التعليم أو التمويل الكافي.

وفي نص الحكم الصادر عن القاضي، ذكر الآتي: «يوافق كافة أطراف هذه الدعوى القضائية على أن كفاءة المدرسين تعد أمرا هاما، إن لم تكن الأكثر أهمية، فهذا الأمر من شأنه التأثير على نجاح الطالب في العملية التعليمية»، وأضاف: «لا يوجد جدال حول حقيقة أنه في الوقت الراهن يوجد عدد كبير من المدرسين غير الأكفاء إلى حد بعيد في الصفوف الدراسية في كاليفورنيا».

الحق في التعليم منصوص عليه في دستور كل ولاية، ولكن ذكر المحامون المدافعون عن الولايات ونقابات المعلمين أن إلغاء مثل هذه القوانين من شأنه أن يقوض من إجراءات الحماية اللازمة التي تحول دون اتخاذ الموظفين الإداريين بالمدرسة قرارات شخصية غير عادلة. كما أنهم ذكروا أن الغالبية العظمى من المعلمين في المدارس بالولاية أكفاء، ويوفرون للطلاب كافة الوسائل اللازمة للتعلم، كما يرون أن العوامل الأكثر أهمية من المدرسين تكمن في عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، جنبا إلى جنب مستويات التمويل في المدارس العامة.

وأشاد ناقدو هذه القوانين القائمة بالقرار المتخذ عادين إياه انتصارا هائلا، داعين مشرعي القوانين لاتخاذ تدابير فورية لإدخال تغييرات على هذه القوانين، وأصدر السيد دنكان بيانا، أوضح فيه أن هذا الحكم الصادر من شأنه أن يساعد الملايين من الطلاب المتضررين من قوانين التثبيت الخاصة بالمدرسين.

وذكر السيد دنكان: «أتمني أن يهدف القرار الذي ستتخذه المحكمة إلى نهج قائم على تعاون عادل، ومدروس وعملي وسريع في كاليفورنيا»، وأضاف: «كل ولاية، وكل منطقة تعليمية بحاجة لمثل هذا النوع من المحادثة».

ويدور حكم القاضي تريو، بالأساس، حول ضمان جودة التعليم لكافة الطلاب في الولاية - الأمر الذي يعتمد على كفاءة المدرس - وكذلك ضمان عدم وجود أي شيء من شأنه أن يقوض من جودة العملية التعليمية وينتهك البند المتعلق بالحماية المتساوية المنصوص عليه في دستور الولاية.

وأضاف القاضي تريو صوته، من خلال حكمه، إلى النقاش السياسي الذي أثار الخلاف بين المعلمين لعدة سنوات. واحتج مديرو المدارس في المدن الكبرى في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك لوس أنجليس ونيويورك وواشنطن، ضد القوانين التي تمنح بشكل أساسي المعلمين تثبيتا وظيفيا. فهم يرون أن مثل هذه الحماية الوظيفية تضر بالتلاميذ وأنها قد عفا عليها الزمن.

ونجحت ثلاث ولايات، بالإضافة إلى مقاطعة كولومبيا في إلغاء مسألة التثبيت في العمل، بيد أن جهودا مماثلة فشلت مرارا وتكرارا في ولايات أخرى، منها على سبيل المثال ولاية كاليفورنيا. وبمقتضى قانون الولاية هنا، يجب أن يتبع الإداريون، الذين يسعون إلى إقالة مدرس ما يرونه غير كفء، إجراءات معقدة تستمر ربما لأشهر، إن لم يكن لسنوات. ويصبح المدرسون مؤهلين للتثبيت الوظيفي بعد 18 شهرا من العمل، ويجب أن يُحدد تسريح العمل طبقا للأقدمية، تلك القاعدة التي تسمى «من يدخل آخرا، يخرج أولا».

وكتب القاضي تريو، الذي عينه المحافظ الجمهوري السابق، بيت ويلسون: «كل من التلاميذ والمعلمين متضررون ظلما ودون داع وليس لسبب قانوني يمكن إدراكه من قانون التوظيف الدائم». وأضاف، موضحا أن قوانين الإقالة الحالية «معقدة للغاية، ومكلفة، وتستهلك وقتا كثيرا من أجل اتخاذ إجراءات فعالة وكافية وعادلة لفصل معلم غير كفء». كما وبخ بشدة نظام التسريح الذي يحمي المعلمين ممن لهم الأقدمية دون اعتبار لأي تقييم. وكتب أيضا أن «المنطق وراء هذا الموقف مبهم، وبالتالي لا يمكن تأييده دستوريا».

ومن المتوقع أن يصدر القاضي تريو رأيه النهائي في القضية نهاية هذا الشهر عقب سماع تعليقات كلا الطرفين، ولكنه أمر أن تظل القوانين الحالية سارية في الوقت الراهن حتى تسلك القضية طريقها نحو الاستئناف. وقال جون دايزي، مدير إدارة لوس أنجليس التعليمية الموحدة الذي أدلى بشهادته أمام المدعين، إنه يأمل بأن يكون القرار بمثابة صيحة لاستنفار رد فعل فوري من جانب مشرعي الولاية، الذين كانوا مترددين دوما بشأن إجراء أي تعديلات على قوانين التثبيت في العمل. وأوضح أنه «كل يوم تظل فيه هذه القوانين سارية يعد بمثابة فرصة أخرى فائتة» وردد الصياغة المستخدمة في أحكام الفصل العنصري قائلا: «بكل السرعة المتعمدة. لا أعتقد بأننا نحتاج إلى رؤية جيلين آخرين لإصلاح هذا الأمر».

* خدمة «نيويورك تايمز»