الجامعات المصرية الخاصة تتقدم في «بورصة» رغبات طلاب الثانوية العامة

أولياء أمور: لديها «تعليم أفضل».. وخبراء يعزونها لانخفاض نسب القبول الحكومية

طلاب داخل جامعة الأهرام الكندية في مصر («الشرق الأوسط»)
TT

تفوقت الجامعة الخاصة على الجامعات الحكومية في بورصة رغبات طلاب الثانوية العامة هذا العام في مصر، وسارع الطلاب في الالتحاق بالجامعات الخاصة التي يقارب عددها 24 جامعة، بعدما شهدت الجامعات الحكومية ارتفاعا ملحوظا في درجات الالتحاق بكليات القمة في القسمين الأدبي والعلمي بقسميه.

وشهدت الجامعات الخاصة إقبالا كبيرا خلال التقديم للمرحلة الأولى والثانية، للالتحاق بالكليات، رغم غلق أبواب التقدم لكليات الطب البشري والأسنان والعلاج الطبيعي والصيدلة من المرحلة الأولى.

وأعلن الدكتور جمال نوارة، أمين المجلس الأعلى للجامعات الخاصة، عن الحد الأدنى للمرحلة الأولى بالجامعات الخاصة بـ95 في المائة لكلية الطب البشرى، و85 في المائة لكليات الصيدلة وطب الأسنان والعلاج الطبيعي، و80 في المائة للهندسة، و75 في المائة لعلوم الحاسب، و70 في المائة لباقي الكليات باستثناء كلية التمريض.

وتابع: «بالنسبة للطلاب غير المصريين، فيما عدا طلاب الدول التي طلبت معاملة أبنائها معاملة الطلاب المصريين، وهي المملكة العربية السعودية والبحرين، فيكون الحد الأدنى للكليات العملية 65 في المائة، والكليات النظرية 55 في المائة، وبالنسبة لطلاب دولة الكويت، فيتم معاملتهم معاملة الطلاب المصريين؛ فيما عدا كليات المجموعة الطبية، فيكون القبول فيها من 79 في المائة».

أمام أحد شبابيك الاستعلام بجامعة «6 أكتوبر» بمدينة 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة، وقفت نورهان عز الدين ابنة السابعة عشرة، وقامت بسحب استمارة للتقدم لكلية الطب مقابل 600 جنيه (نحو 90 دولارا)، وقالت إن «الجامعة الخاصة أفضل وستحقق لي فرصة الالتحاق بكلية القمة».

ويقول خبراء التعليم إنه «رغم ارتفاع أسعار الجامعات الخاصة هذا العام؛ إلا أن الإقبال عليها تفوق عن الأعوام الماضية»، وهو ما أرجعه الخبراء إلى انخفاض نسب القبول بكليات القمة في الجامعات الخاصة على الجامعات الحكومية بواقع ما بين ثلاثة إلى عشرة في المائة. فيما قالت مصادر مسؤولة في المجلس الأعلى للجامعات إن «الجامعات الخاصة رفعت مصروفاتها هذا العام بنسبة خمسة إلى عشرة في المائة».

وحصدت جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا في 6 أكتوبر، المركز الأول في الجامعات الخاصة الأعلى سعرا، حيث بلغ مبلغ الالتحاق بكلية الطب 66 ألف جنيه (نحو 9.5 ألف دولار) وكليتي الصيدلة وطب الأسنان 40 ألف جنيه، والهندسة 32 ألف جنيه، والعلاج الطبيعي 24 ألف جنيه، والإعلام 20 ألف جنيه، وكليتي إدارة الأعمال وتكنولوجيا المعلومات والتكنولوجيا الحيوية 20 ألف جنيه، وكليات «التمريض، والألسن، والآثار» ستة آلاف و700 جنيه لكل منها.

وتقدر مصادر مسؤولة في المجلس الأعلى للجامعات عدد الجامعات الخاصة بما يقرب من 24 جامعة، هي «الجامعة الأميركية بالقاهرة، والألمانية بالقاهرة، والجامعة الحديثة للتكنولوجيا والمعلومات، والبريطانية، والفرنسية، والمصرية الروسية، وجامعة الأهرام الكندية، والنيل، ومصر الدولية، وجامعة المستقبل، وجامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب، وسيناء، وجامعة 6 أكتوبر، ومصر للعلوم والتكنولوجيا، والأكاديمية الحديثة، وجامعة النهضة، وجامعة فاروس بالإسكندرية، والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، والجامعة العربية المفتوحة، وجامعة الدلتا للعلوم والتكنولوجيا، وجامعة سنجور، وأكاديمية أخبار اليوم، وجامعة هليوبوليس.

ووقفت «نورهان» داخل جامعة 6 أكتوبر أمام لافتة ورقية في مدخل كلية الطب والجراحة تدقق النظر في مسوغات قبول الطلبة الجدد، ودار بينها وبين والدتها تغريد الأربعينية حديث حول أسعار الكلية التي أعلنت إدارة الجامعة عنها، والتي ارتفعت لتصل إلى 52 ألفاً و400 جنيه. وتقول لوالدتها:«ليس أمامي سوى الجامعة الخاصة لأحقق حلمك أن أصبح طبيبة».

وتضيف نورهان أنها اجتهدت في المذاكرة وحصلت على مجموع 95 في المائة في الثانوية العامة؛ لكنها تقول إن «مجموعها لم يلحقها بكلية الطب، ولا حتى بالمرحلة الأولى، بسبب ارتفاع مجاميع القبول هذا العام بكليات القمة».

وتقول والدة نورهان، وهي تعمل مدرسة (45 عاما)، إن «الجامعات الخاصة ليست عليها رقابة في زيادة المصروفات»، لافتة إلى أن جامعة 6 أكتوبر رفعت الأسعار بشكل كبير هذا العام، مؤكدة أنها لم تكن تفكر في التحاق ابنتها بالجامعة الخاصة لو قبلتها الجامعة الحكومية.

في المقابل، قالت إيمان سالمان (43 عاما)، إن «بعض أولياء الأمور يفضلون التحاق أبنائهم بالجامعات الخاصة لضمان تعليم أفضل»، مؤكدة أن «ضمان مستوى علمي وأخلاقي غاب عن الجامعات الحكومية».

وعن زيادة أسعار الجامعات الخاصة، رفضت كثير من الجامعات التعليق عليها؛ لكن مسؤولا بإحدى الجامعات الخاصة - فضل عدم ذكر اسمه أوضح أن «زيادة الأسعار طبيعية مع زيادة كل شيء في مصر»، لافتا إلى أن «زيادة المصروفات قابلتها زيادة في رواتب العاملين بالجامعة وإصلاح المباني والإنفاق على الجامعة وتطويرها».

ويضيف المسؤول أن «الجامعات الخاصة تأثرت كثيرا بأحوالها المادية منذ ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، ولم ترتفع المصروفات إلا هذا العام».

في السياق ذاته، اعتبر عدد كبير من أولياء الأمور أن الجامعات الخاصة مجرد مشروع لـ«سلب جيوب» الأسر بالمصروفات. واستنكر أحمد عبد الحميد، أحد أولياء الأمور، رفع أسعار مصاريف الجامعات الخاصة هذا العام عن العام الماضي بنسبة وصلت إلى 20 في المائة، وهو الأمر الذي أصبح عبئًا على أولياء الأمور الذين التحق أبناؤهم بالكليات الخاصة.

وقال ياسر صبحي (50 عاما) إن «أغلب الجامعات الخاصة تؤكد أنه لا يوجد أماكن بها، ويجبرون الطالب على شراء استمارة على سيبل الاحتياط حال توفر مكان له، رغم علمهم أنه لا يوجد أماكن». ويضيف: «تقدمت بملف ابني للالتحاق بكلية العلاج الطبيعي، ففوجئت باستيفاء الكلية العدد المطلوب وقامت إدارة الكلية بحيلة لجمع مبالغ من الطلبة لإلحاقهم بكشوف الانتظار، وهي ملء استمارة بقيمة 600 جنيه على أمل الاتصال بالطالب في حال توفير مكان له».

لكن المسؤول في الجامعة الخاصة قال إنه «نظام متبع في جميع الجامعات الخاصة، لأنه أحيانا يكون لدينا أمل بخفض نسبة التنسيق في بعض الكليات في المرحلة الثانية، لذلك لا مانع من أن يقوم الطالب بتسجيل اسمه على قوائم الانتظار». لافتا إلى أن أغلب الجامعات الخاصة لا تهدف إلى الربح في المقام الأول، لكن تهدف الوصول إلى أفضل مستوى تعليمي لتخريج أجيال على مستوى علمي وخلقي عال.

وعن أسباب زيادة الالتحاق بالجامعات الخاصة هذا العام، قال الدكتور حسام شاكر، الأستاذ بجامعة الأزهر، إن «فرصة التحاق الطلاب بالجامعات الخاصة، بها مميزات لن يجدها الطالب في الجامعات الحكومية، وهى تناسب عدد الطلاب مع عدد الأجهزة والمعدات المتوفرة بالكلية»، لافتا إلى أن أفضلية الجامعات الخاصة تتضح في مدى تقديمها لبرامج حديثة تواكب الوقت والعصر، وأن هذه الجامعات تقدم تخصصات غير تقليدية في البرامج التعليمية، والتي تتسع لها سوق العمل في المجالات الحديثة منها علوم الحاسب الآلي ومواد إدارة التشييد والطاقة الحيوية.