ماليزيا تستعد لافتتاح مجلس الخدمات المالية الإسلامية «إي إف إس بي»

8 بنوك مركزية من الدول الأعضاء توقع الشهر المقبل على الاتفاقية

TT

خطت ماليزيا خطوة قربتها أكثر تجاه تحقيق هدفها بأن تصبح مركزاً مالياً إسلامياً إقليمياً في الشهر المقبل بتدشينها أخيرا، اللجنة الدولية المكلفة بوضع معايير المعاملات المصرفية الإسلامية. ومن المقرر أن توقع مصارف مركزية من الدول الثماني الأعضاء وهي: ماليزيا، والسعودية، وإندونيسيا، وإيران، والكويت، وباكستان، والسودان، ومصرف التنمية الإسلامي، اتفاقية في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) في كوالالمبور لافتتاح مجلس الخدمات المالية الإسلامية «IFSB». وبحسب قول المسؤولين، فإن إنشاء مجلس الخدمات المالية الإسلامية ـ وهو عبارة عن اتحاد للبنوك المركزية والسلطات المالية وغيرها من المؤسسات المسؤولة عن الإشراف على المعاملات المصرفية الإسلامية وتنظيمها ـ يأتي استجابة للأهمية المتزايدة لصناعة الخدمات المالية الإسلامية. ويعتبر هذا المجلس ثمرة عامين من العمل الدءوب من قبل الأعضاء المؤسسين، بالإضافة إلى دعم صندوق النقد الدولي وهيئة المحاسبة والمراجعة المحاسبية للمؤسسات المالية الإسلامية وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية.

وأشاد المصرفيون بتدشين المجلس، ووصفوه بأنه دفعة قوية للمعاملات المصرفية الإسلامية وعمليات التمويل على مستوى العالم، وأن هذا المجلس من الممكن أن يعمل كوسيلة لخلق تفسير متسق لقواعد الشريعة الإسلامية للعمليات، وأنماط التمويل، والمعايير التنظيمية.

وقال نور الدين يحيى مدير مجموعة المعاملات المصرفية الإسلامية SBB إن هذا المجلس يتيح للعاملين في قطاع المعاملات المصرفية الإسلامية المزيد من المصداقية والثقل لمنافسة المصارف التقليدية سواء على المستوى المحلي أو مستوى العالم، مضيفا أن حصة السوق المتنامية للاستثمارات الإسلامية التي تقدر بمليارات الدولارات دللت على الطلب القوي على المنتجات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية على مستوى العالم. وأبان يحيى أن هناك فرصا استثمارية هائلة، حيث يقدر الخبراء ثروة الشعوب الإسلامية بين 800 مليار دولار وتريليون دولار تقريبا، مشيرا إلى أن تدشين مجلس الخدمات المالية الإسلامية جاء مناسباً من ناحية التوقيت، حيث من المتوقع أن يركز على تطوير المنتجات، خاصة السندات المالية المتداولة عالمياً أو الصكوك الإسلامية، والتي تقبل بها مجالس الشريعة الأخرى.

كما بين أحمد تاج الدين عبد الرحمن المدير الإداري لمصرفBank Islam Malaysia أن هذا المجلس سيحسن من كفاءة الصناعة المصرفية، وينهض بفرص ماليزيا المرتقبة في أن تصبح مركزاً إقليمياً للمعاملات المصرفية الإسلامية والتمويل الإسلامي، مشيرا إلى أن عددا متزايدا من غير المسلمين يستثمرون في المنتجات الإسلامية التي كان ينظر إليها على أنها أكثر قدرة على المنافسة، وأوفر في تكلفتها من نظيراتها.

ومن المرتقب أن تخدم خطة الحكومة الماليزية لإصدار ترخيص جديد لمصرف إسلامي أجنبي وهو ما يمثل لفت انتباه أو تحذيرا للمؤسسات المحلية لكي تعمل على النهوض بعملياتها المصرفية الإسلامية لمواجهة المنافسة.

ويشير موقع بنك ماليزيا المركزي إلى أن المعاملات المصرفية الإسلامية نشأت في البلاد منذ السبعينيات كواقع جديد على المشهد المالي الدولي، بيد أن فلسفاتها ومبادئها ليست جديدة، إذ تم تحديد معالمها في القرآن الكريم والسُنَّة النبوية. وعادة ما يرتبط ظهور المعاملات المصرفية الإسلامية بإحياء الإسلام ورغبة المسلمين في عيش جوانب حياتهم كلها بما يتفق مع تعاليم الإسلام.

وفي ماليزيا، توجد الشريعة والقوانين المصرفية الإسلامية المنفصلة جنباً إلى جنب مع قوانين أنظمة المصارف التقليدية. وكان الأساس القانوني لتأسيس المصارف الإسلامية هو قانون المصارف الإسلامية «IBA» والذي صار سارياً منذ السابع من أبريل (نيسان) عام 1983.

ويوفر قانون المصارف الإسلامية لبنك ماليزيا المركزيBNM صلاحيات للإشراف على المصارف الإسلامية وتنظيم معاملاتها، وهو ما يشبه حالة المصارف المرخصة الأخرى. وتم سن قانون الاستثمار الحكومي أيضاً في عام 1983 في نفس الوقت لتمكين الحكومة الماليزية من إصدار سندات الاستثمار الحكومية «GII»، وهي سندات حكومية تصدر وفقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية. وكان أول مصرف إسلامي يؤسس في ماليزيا مصرف Bank Islam Malaysia Berhard «BIMB» الذي استهل نشاطه في يوليو (تموز) 1983، وجميع أنشطة قائمة على مبادئ الشريعة الإسلامية. وبعد أن أثبت المصرف قدرته التنافسية، بدأت أنشطته تتوسع في شتى أرجاء البلاد عبر شبكة مؤلفة من 80 فرعا يعمل بها نحو 1200 عامل. ويتمثل الهدف الأساسي بعيد الأجل للمصرف في خلق نظام مصرفي إسلامي يعمل بالتوازي مع النظام المصرفي التقليدي، لكن ذلك يتطلب ثلاثة عناصر أساسية لكي يصبح مؤهلاً كنظام إسلامي ناجح، وهذه العناصر هي: أن يكون هناك عدد كبير من المستثمرين، وأن تكون هناك تشكيلة عريضة من السندات أو الصكوك، وتوفر سيولة مالية إسلامية.

وأمام ذلك تبنى البنك المركزي الماليزي نهجاً تدريجياً لتحقيق هذه الأهداف، فكانت الخطوة الأولى في نشر الثقافة الاستثمارية الإسلامية للوصول إلى أكبر قدر من الماليزيين. وطرح البنك المركزي عام 1993 نظاماً جديدا عرف بـ «SPTF» أي النظام المصرفي معدوم الفائدة، إلى جانب استحداث سوق المال الإسلامية Islamic Interbank Money Market مطلع العام 1994، بهدف الربط ما بين المؤسسات المصرفية والسندات. وفي أكتوبر (تشرين الأول) عام 1996، أصدر بنك ماليزيا المركزي نموذج بيان «الميزانية وحساب الأرباح والخسائر» للمؤسسات المصرفية المشاركة في الاستثمارات المحددة بمدة مختارة لنشر العمليات المصرفية الإسلامية، وقد وضع كبند إضافي تحت عنوان «ملاحظات للحسابات». وأسس البنك المركزي الماليزي مجلس الشريعة الاستشاري الوطني للمعاملات المصرفية الإسلامية والتكافل الإسلامي «NSAC» في مطلع مايو (أيار) عام 1997 بصفته أعلى سلطة لشريعة المعاملات المصرفية الإسلامية والتكافل الإسلامي في ماليزيا، كجزء من الجهد المبذول لإضفاء المرونة والانسجام على تفسيرات الشريعة بين المصارف وشركات التكافل.