صكوك الإجارة وتمويل توسعة (الخطوط الحديدية)

TT

شهد سوق الصكوك الإسلامية في الآونة الأخيرة إصدارات ضخمة ففي عام 2004 تم جمع مبلغ 750 مليون دولار لصالح دائرة الطيران المدني لحكومة دبي وفي يناير (كانون الثاني) من العام الماضي أصدرت هيئة موانئ دبي العالمية صكوكا بقيمة 3.5 مليار دولار في اكبر إصدار للصكوك الإسلامية في العالم ويتوقع الخبراء أن يبلغ حجم الصكوك الإسلامية في الخليج خلال العام الحالي 9 مليارات دولار كما أن اليابان وهي من الدول الصناعية الكبرى تعتزم إصدار صكوك إسلامية تتراوح قيمتها ما بين 300 إلى 500 مليون دولار مما يعكس الثقة المتزايدة في هذه الأداة الإسلامية، وتنقسم الصكوك الإسلامية إلى قسمين قسم غير قابل للتداول وهي الصكوك القائمة على الديون مثل صكوك المرابحة والسلم والاستصناع وقسم قابل للتداول وهي الصكوك التي تمثل حصصا شائعة في ملكية أعيان ومنافع مثل صكوك المشاركة والمضاربة والإجارة وتعتبر صكوك الإجارة الأداة المالية الإسلامية الأكثر كفاءة في تعبئة الموارد المالية الضخمة التي تحتاجها مشاريع البنى التحتية نظرا لجاذبيتها لدى أصحاب رؤوس الأموال من أفراد ومؤسسات لما تتميز به من مرونة في تحديد العائد (حيث يمكن ربط الأجرة بمؤشر معين يتم على أساسه احتساب الأجرة وتعديلها كل فترة إجارية) وقابلية هذه الصكوك للتداول كما تتميز بتدني مخاطرها وإمكانية السيطرة على هذه المخاطر مما يمكن الدول من استقطاب رؤوس الأموال المحلية والعالمية واستخدامها في التنمية المستدامة ومن هذا الباب فإنني أرى أنه من الأجدى للمملكة العربية السعودية تمويل مشروع توسعة شبكة خطوط سكة الحديد المقدرة تكلفته بمبلغ 6683 مليار ريال عن طريق إصدار صكوك إجارة يتم طرحها في السوق المحلية والدولية ويستخدم ناتج الاكتتاب في هذه الصكوك من قبل الدولة في تمويل توسعة خطوط سكة الحديد وفق الآلية التالية:

تقوم الدولة ممثلة في مؤسسة النقد بإنشاء صندوق لهذا الغرض تتكون أصوله من الأراضي التي سيتم عبرها المشروع ومن ثم يقوم الصندوق بتأجير هذه الأراضي للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية مع الوعد بالبيع، بعد ذلك يقوم الصندوق بتحويل هذه الأصول المؤجرة إلى صكوك قابلة للتداول يتم طرحها للاكتتاب على مستوى محلي ودولي ويتم ضمان هذه الصكوك من قبل حكومة المملكة العربية السعودية وبعد اكتمال الاكتتاب يتم إدراجها في الأسواق الثانوية المحلية والإقليمية والعالمية. وحيث إن هذه الصكوك متوافقة مع أحكام الشريعة ومضمونة من قبل حكومة المملكة العربية السعودية فإنها تعد بديلا إسلاميا عن السندات الحكومية مما سيغري الأفراد والمؤسسات المالية الإسلامية المحلية والإقليمية باقتنائها ولما تتمتع به المملكة العربية السعودية من تصنيف ائتماني عالي حيث رفعت مؤسسة التصنيف الائتماني العالمية فيتش درجة التصنيف الائتماني السيادي للمملكة من (A) إلى (A+) كما رفعت درجة السقف الائتماني للمملكة درجتين إلى (ِِAA-) فمن المتوقع أن تجد هذه الصكوك إقبالا من المؤسسات المالية العالمية ولعل في تجارب حكومة البحرين ودبي وماليزيا وباكستان ما يدفع إلى الاعتقاد بنجاح إصدار مثل هذه الصكوك. إن آلية صكوك الإجارة في اعتقادي أكثر جاذبية للمستثمرين من الآلية المقترحة وهي (BOT) وتعني (البناء والتشغيل ثم التحويل) حيث تجنب المستثمرين المخاطر التجارية والتشغيلية الموجودة في آلية (BOT) حيث إن صكوك الإجارة تعتبر أداة تمويلية قائمة على الائتمان.

كما أن هذه الصكوك من جانب آخر ستمنح مؤسسة النقد الجهة الرقابية المسؤولة عن إدارة السيولة في البلد أداة مالية إسلامية قادرة من خلالها على امتصاص فائض السيولة المحلي وتوظيف هذا الفائض التوظيف السليم.

* متخصص في المصرفية الإسلامية [email protected]