عبد العزيز الغرير: نخطط لتحويل جميع العمليات المصرفية التقليدية إلى إسلامية

رئيس مجلس ادارة بنك المشرق لـ الشرق الاوسط: المصارف الاسلامية ستشتد عليها المنافسة في المرحلة المقبلة

TT

كشف عبد العزيز الغرير رئيس مجلس إدارة بنك المشرق عن خطة البنك لتحويل جميع عملياته المصرفية التقليدية إلى عمليات إسلامية، إلا أنه رهن هذا التحول في عمليات البنك في حال نجاح شركة بدر للتمويل الإسلامي التي أسسها البنك أخيرا، مضيفا «إذا أصبحت لدينا الخبرة الكافية لا يوجد ما يمنع من تحويل عمليات بنك المشرق إلى عمليات مصرفية إسلامية بالكامل». وأكد الغرير في حواره لـ «الشرق الاوسط» في دبي أن خيار تحويل بنك المشرق إلى بنك إسلامي خيار مطروح ومتاح أمام مساهمي البنك «في حال نجاحنا في مهمتنا الحالية». وتوقع الغرير أن تتمكن شركة بدر من اقتطاع حصة تصل إلى 15 في المائة من حجم العمليات المصرفية في دولة الامارات.

> ما هو الهدف من تأسيس شركة بدر للتمويل الإسلامي؟

ـ الهدف هو تقديم خدمات إسلامية لعميل بنك المشرق وكذلك جذب شريحة جديدة للمصرفية الإسلامية التي لا يملك بنك المشرق نافذة يعمل في ظلها.

> وما هي الخطوة التالية التي ستقومون بها بعد الاتجاه لفتح نافذة للعمل تحت مظلة الشريعة الإسلامية؟

ـ سنقدم جميع خدماتنا الإسلامية تحت مظلة شركة بدر الإسلامية بحيث تكون الفروع التابعة لها تقدم الخدمات المصرفية الإسلامية التي يحتاجها عميل بنك المشرق، وهناك فصل كامل في الخدمات ومجلس الرقابة الشرعية عن البنك، ربما يقدم البنك بعض الخدمات، لكن المصنع والمروج هو شركة بدر للتمويل الإسلامي، وسنقدم جميع الخدمات المصرفية الإسلامية المطروحة في الامارات حاليا.

> وما هي توقعاتكم لحجم الحصة التي ستتمكنون من اقتطاعها من التعاملات المصرفية الإسلامية في دولة الامارات؟

ـ إذا كان حجم المعاملات المصرفية الإسلامية في الامارات 100 في المائة فإنه ينبغي علينا في شركة بدر للتمويل الإسلامي أن نقتطع 8 في المائة خلال السنوات الخمس المقبلة، لا نريد المبالغة في الأرقام، وإذا لم تشتد المنافسة ولم يزد عدد البنوك العاملة في الصيرفة الإسلامية، فإن توقعاتنا ترتفع لتصل إلى 15 في المائة، أي أن توقعاتنا بحسب تطورات السوق وهي تتراوح من 8 إلى 15 في المائة.

> ما هي أبعاد هذه الخطوة لفتح نافذة إسلامية؟ هل هي نابعة من قناعات معينة؟ أم لأن السوق الخليجي بدأ في التوجه لهذا النوع من المصارف؟

ـ لا شك أن المصرفية الإسلامية مقارنة بالمصرفية التقليدية تعد منتجا جديدا، وخلال السنوات العشر الماضية تقدمت بشكل كبير بخطوات سريعة وأصبحت الآن صناعة قوية وأصبح لها جذورها وفلسفتها ولا يمكن تقديم عمل مصرفي دون تقديم هذه الخدمة، ولدينا قناعة بأن الصيرفة الإسلامية عملية أثبتت نجاحها وتحولت إلى قوة اقتصادية، وأصبح لها من يميلون إليها ويقتنعون بها بفعل النجاحات السابقة.

> في هذا الجانب تحديدا، ما فلسفة بنك المشرق؟

ـ بدأنا في بنك المشرق كبنك تقليدي لم نكن على خبرة كافية بالمصرفية الإسلامية، أما الآن فقد تغير الحال وهو ما أدى بنا إلى البدء بالخطوة الأولى نحو تأسيس شركة بدر للتمويل الإسلامي، ومنذ فترة طويلة كانت القناعة موجودة للاستثمار في الصيرفة الإسلامية، لكن النواحي القانونية لم تساعدنا على المضي قدما في هذه الخطوة الضرورية، فالمصرف المركزي كان يمنع علينا الازدواجية في تقديم الخدمات المصرفية الإسلامية بالإضافة إلى الخدمات المصرفية التقليدية، ولكن يبدو أن هناك تحولا في نظرة البنك المركزي بعد أن رأى التحولات في صناعة الصيرفة الإسلامية في العالم وفي دول المنطقة وهو الأمر الذي تسبب في سماحه بتقديم هذه الخدمات طالما كان هناك فصل كامل بين الخدمات الإسلامية والتقليدية، وأعتقد أن خطوتنا الأولى كانت بافتتاح هذه الشركة، علما أننا كنا من أوائل من تقدم للبنك المركزي بطلب رخصة لافتتاح هذه الشركة، كان ذلك منذ أربع سنوات قبل أن توافق الجهات المختصة على طلبنا، وهذا فتح لنا نافذة للدخول لهذا القطاع بقوة.

> وفي حال نجاح خطوتكم الأولى في الصيرفة الإسلامية، ما مصير العمليات التقليدية في بنك المشرق؟

ـ في حال نجاحنا وأصبحت لدينا الخبرة الكافية لا يوجد ما يمنع من تحويل عمليات بنك المشرق بالكامل إلى عمليات مصرفية إسلامية بالكامل، طالما أنني استطيع أن أغير هذه العمليات المصرفية بكل سهولة سواء للعملاء أو للمساهمين أو لجميع المتعاملين، فبدلا من أن أقرر تغيير العمليات المصرفية للبنك في يوم وليلة، استطيع الآن بعد حصولي على الخبرة الكافية التي تساندني في عملية التحول هذه، واستطيع أن أقول «إن خيار تحويل بنك المشرق إلى بنك إسلامي خيار مطروح ومتاح أمام مساهمي البنك في حال نجاحنا في مهمتنا الحالية».

> هل تعتقد أن البنوك التقليدية ستجد نفسها مضطرة لموجة ما يمكن أن نطلق عليه «هجمة» الصيرفة الإسلامية؟

ـ أعتقد أن البنوك التقليدية والبنوك الإسلامية ستظل تعمل دون أن تطغى واحدة على الأخرى، سيظل عملاء كل منهما يرغبون في الخدمات التي تقدم إليهم من مصارفهم، لا أظن أنه سيكون هناك نقلة 100 في المائة للبنوك الإسلامية، فالسعودية مثلا لا يوجد لديها إلا بنكان إسلاميان ولم يؤثرا على وجود بقية البنوك، هي تأتي عن فلسفة ورغبة من المساهمين والمودعين في عملية البقاء تحت غطاء معين من العمليات المصرفية.

> أظهرت دراسة سابقة نشرت في دبي أن البنوك الإسلامية بالمنطقة تقتطع 30 في المائة من نسبة نمو المصارف التقليدية سنويا، كيف تقيم أنت وضع المصارف الإسلامية ونسبة نموها مستقبلا؟

ـ أنا أرى أن المصارف الإسلامية ستزدهر وتنمو وتكبر، لكن أيضا ستشتد عليها المنافسة في المرحلة المقبلة، فقبل ثلاثين عاما لم يكن العميل مخيرا، لا يوجد إلا مصرف إسلامي واحد كان العميل مضطرا للذهاب إليه، ومع التطور الذي شهده القطاع المصرفي اشتدت المنافسة، فالبنوك الإسلامية تواجه منافسة شرسة، فالخيارات أمام العميل زادت، وستنجح المصرفية الإسلامية في حال قدمت خدماتها بشكل أفضل وبوقت أسرع، أما مسألة التعاطف مع البنوك الإسلامية فستنتهي فور وجود بنوك إسلامية متعددة، وسيكون هناك انتقاء للاختيار بين البنوك.

> وماذا عن توقعاتكم لنسبة النمو المستقبلية للمصارف الإسلامية؟

ـ لا أعتقد أن نسبة النمو في السنوات العشر المقبلة للمصارف الإسلامية ستتكرر، ستتغير المعادلة بكل تأكيد كما ذكرنا بسبب حجم المنافسة، إلا أن ذلك لا يمنع من وجود نسبة نمو ملحوظة بالمصرفية الإسلامية في العقد المقبل. > لماذا في رأيكم تتجه المجموعات المصرفية العالمية إلى فتح نوافذ تعمل تحت الشريعة الإسلامية؟

ـ البنوك العالمية المؤسسة في دول غير إسلامية التي تقوم بافتتاح نوافذ إسلامية لم تقم بذلك عن قناعة ذاتية، ولكنه بالنسبة إليهم كان منتجا مربحا، يستطيعون الخروج به والاستفادة منه وهو ما كان دافعا لهم لتقديم هذه الخدمات المصرفية الإسلامية.

> هل ترون أن البنوك الإسلامية في المنطقة الخليجية قادرة على تحقيق منافسة عادلة مع المصارف التقليدية؟

ـ دعني أبين أن البنوك التقليدية لا تزال أقدم ولديها خبرة وافية عن نظيرتها الإسلامية، فيما لا تزال البنوك الإسلامية تتلمس خطواتها، ولكن من الممكن أن تنافس البنوك الإسلامية، مع التأكيد على فارق الخبرة الذي يصب لصالح البنوك التقليدية.

> لكن قوانين البنوك المركزية الخليجية لا تزال تستخدم معايير تتناسب مع المصارف التقليدية، ولا يوجد لديها أي قوانين تتوافق مع عمليات البنوك الإسلامية، ألا ترى أن ذلك يقلل من العدالة التنافسية بين الطرفين؟

ـ لذلك يجب تطوير أنظمتنا المصرفية بفتح المجال للطرفين، فلا أميز بنكاً عن آخر، لذا يجب أن يكون هناك نظامان وأترك المصارف تختار الذي يناسبها من القوانين، وهنا نطالب البنوك المركزية بتطوير النظام المصرفي التقليدي وأيضا تطوير النظام الخاص بالمصارف الإسلامية.

> بالمقابل المصارف التقليدية ترى أن المجتمع يوفر غطاءً قانونيا للمصارف الإسلامية أكثر من التقليدية، فعلى سبيل المثال القوانين التي تصدر من البرلمانات تميز المصارف الإسلامية أو تضع شروطا تصب في صالح التعاملات الإسلامية، هل بالفعل هذا تمييز ضد المصارف التقليدية؟

ـ أنا لا أؤمن أن يحصل أي مصرف على مزايا تفضيلية من الجهات المختصة، وأي حكومة تفضل قطاعا على قطاع ستنفي المنافسة بين المصارف، ولكن لماذا لا تقدم البنوك التقليدية على الدخول في هذا الجانب عبر فتح نوافذ إسلامية تساعدها في الدخول تحت تلك المتطلبات المجتمعية؟ فطالما النظام يسمح فيجب أن أتوافق مع هذا النظام الذي سينعكس على عملياتي في النهاية.

> نفيتم في وقت سابق توجه بنك المشرق نحو زيادة رأس ماله من 866 مليون درهم إلى 5 مليارات درهم، ألا ترون أن وضع البنك المالي ربما يحتم عليه رفع رأس المال؟

ـ لم تكن هناك نية أصلا لرفع رأس المال، أي مؤسسة تعلن عن زيادة رأس مالها يكون ذلك مرده الرغبة في التوسع، ونحن لا نزال من كفاءة رأس المال لدينا نحو ضعفين ونصف متطلبات البنك المركزي، ولدينا القدرة في التوسع دون زيادة رأس المال، وكل عام يمكن لنا أن نحقق أرباحاً حوالي مليار ونصف مليار درهم، ونستطيع أن نحولها لحقوق المساهمين وبالتالي يمكن أن تلبي هذه الزيادة ما نطمح لتحقيقه من توسعات مستقبلية، إلا إذا كان هناك توسع في مشاريع ضخمة أكبر من طاقة البنك وأحتاج لزيادة رأس المال وستكون حينها زيادة في رأس المال. وأزيدك أن بنك المشرق لديه فائض في أرباحنا وفي نسبة كفاءة رأس المال.

> مع الارتفاع القياسي في أسعار النفط، كيف تتمكن المصارف في منطقة الخليج من الاستفادة من هذه الطفرة؟

ـ الطفرة في أسعار النفط تستفيد منها الحكومات، التي تعيد استثمارها في مشاريع بالدولة، وبالتالي ينعكس خيرها على الجميع من مواطنين ومؤسسات، وبالتالي فإن البنوك هي إحدى هذه المؤسسات التي تستفيد من تدفق السيولة العالية.

> مع موجة الهبوط أو الانهيار التي عمت أسواق الأسهم الخليجية في الفترة السابقة، ما هو تصوركم للحيلولة دون تكرار هذه الانهيارات؟

ـ في رأيي أن التوعية مطلوبة، فما زال صغار المستثمرين يخاطرون بأموالهم ومدخراتهم دون وعي، بعد أن أصبحت الأسهم بالمنطقة تتداول بأسعار مبالغ فيها وارتفعت نسبة الربحية حتى وصلت إلى أرقام مخيفة، ولا أخفيك أنه بالفعل هناك جهل عام لدى شريحة واسعة من المستثمرين، وهنا نتساءل لماذا لا يتعلم هؤلاء المستثمرون، لذا يجب أن تكون هناك حملة مستمرة لا تقف عن التنبيه عن ماهية المعايير وأفضل الطرق بالدخول في عالم الأسهم، خاصة أن المتضرر الأكبر من انهيارات الأسواق الخليجية هم صغار المستثمرين، واقترح أن يتم تخصيص 50 مليون درهم (10.3 مليون دولار) في كل بورصة خليجية لتوعية المستثمرين في هذه الدول، ولا أعتقد أن المبلغ كبير مقارنة بالمليارات التي خسرتها الأسواق الخليجية.