التشديد على أهمية تمويل مشاريع الاستصلاح والاستزراع الإسلامي

خلال ندوة أقيمت في جدة بحضور علماء فقه وشريعة

TT

لم يغفل المشاركون في الندوة السابعة والعشرين للاقتصاد الإسلامي في جدة، أهمية تمويل مشاريع التنمية الزراعية وبخاصة مشاريع الاستصلاح والاستزراع والغرس وفقا للصيغ الإسلامية بدلا من التركيز على التمويل قصير الأجل في النشاط التجاري.

وأوصى المشاركون في الندوة التي نظمتها مجموعة البركة المصرفية الإسلامية، على ضرورة أن تخرج المصارف الإسلامية من قيود المرابحة والتورق المصرفي بتنويع مجالات الاستثمار، مع أهمية وجود دليل شرعي يتضمن ضوابط شركات الزراعة والمساقاة والمغارسة، ليكون مرجعا فقهيا في التطبيق العملي، على أن تضع المؤسسات المالية الإسلامية في خطتها دعم الشركات الزراعية وفق معايير محاسبية خاصة بها. وشهدت الندوة التي نظمت على مدى يومين الأسبوع الماضي، طرح أوراق عمل وبحوث متنوعة، تتركز على أهمية القيام بدور تنموي أكبر للمصارف الإسلامية التي قضت نحو 30 عاما منذ بداية نشاطها المصرفي في البلاد الإسلامية. وأكد الشيخ صالح كامل رئيس مجموعة البركة المصرفية أن مؤسسات الصيرفة الإسلامية تشهد تنامياً متزايداً في نشاطاتها ورؤوس أموالها، وهو ما أفضى إلى تدوير أكثر من 350 مليار دولار من رؤوس الأموال، تعمل جميعاً في نطاق المصرفية الإسلامية، مشيرا إلى أن المؤسسات الإسلامية العاملة في القطاع المصرفي قد وصلت إلى أكثر من400 مؤسسة تعنى بالعمل المالى بطريقةٍ شرعية.

ولم تغب مقاصد الشريعة عن هموم وتطلعات المشاركين، حيث تجتمع الرغبة لدى الكثيرين من أبناء المجتمعات الإسلامية بإيجاد تركيبة ناجعة تحقق لهم الرخاء الاقتصادي من جهة وتتواءم مع متطلبات الشريعة الإسلامية من جهةٍ أخرى، في الوقت الذي يشهد فيه القطاع البنكي التحول إلى العمل وفق حدود العمل المالي الإسلامي.

كما بين كامل أن صناعة المصرفية الإسلامية حققت الشيء الكثير، وتم الانتهاء من المرحلة الأولى التي تختص في مدى انتشارية المصارف الإسلامية، وأن المرحلة الثانية التي نعمل عليها هي النظر إلى مقاصد الشريعة وليس إلى المظهر في عمليات المصرفية الإسلامية وكذلك إلى نتيجة المعاملات وليس إلى ميكانيكية المعاملات، مشيرا إلى الآليات والأدوات التي يتطلبها العمل المصرفي للتواؤم مع مقاصد الشريعة، وبما يخدم أهداف التنمية في الدول الإسلامية. وأعلن كامل خلال الندوة عن تأسيس مجموعة الإعمار العالمية، وهي بنك إسلامي دولي برأسمال يبلغ مليار دولار توكل إليه العديد من المهام من بينها إدارة سيولة المصارف والمؤسسات المالية.

وخلال الندوة طرحت عدة قضايا مصرفية مهمة، منها: حق الانتفاع والتي تفتقر إلى التنظيم، وتطبيقات الإجازة، وصيغ المشاركات الزراعية والتي لا بد ان يهتم بها، لا سيما صيغة المغارسة التي تقوم على إحياء الأرض البور، والمشكلات القضائية كتطبيقات الشريعة الإسلامية، ومراعاة القوانين المصرفية المحلية، والشركات والصفات المؤثرة بالتعامل معها. وتطرقت الندوة إلى الجوائز والمسابقات الترويجية ورأي الفقه الإسلامي فيها، والتي قدمها الدكتور محمد انس الزرقا أحد المشاركين، وجوازية المسابقة بعوض إذا ما توفرت فيها الضوابط المتمثلة في أن تكون أهداف المسابقات ووسائلها ومجالاتها مشروعة، بأن لا يكون العوض «الجائزة» فيها من جميع المتسابقين، وأن تحقق المسابقة مقصدا من المقاصد المعتبرة شرعا، وان لا يترتب عليها ترك واجب أو فعل محرم. كما تناول الدكتور محمد إكرام الأستاذ في الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا، في بحثه (حق الانتفاع وضوابط نقله في الإجازة الطويلة) والذي تناول محاور تحديد حق الانتفاع، والفرق بين الانتفاع والمنفعة والإجازة، وصلة حق الانتفاع بالملكية، والضوابط الشرعية لممارسة حق الانتفاع، وانقضاء حق الانتفاع وآثاره، وصور حق الانتفاع في الإجازة الطويلة وتكيفها الفقهي، والفرق بين الحكر والانتفاع، او لتكييف الفقهي للإجازة الطويلة الممنوحة من الدولة. كما قدم الدكتور عبد الستار الخويلدي الأمين العام للمركز الإسلامي الدولي للمصالحة والتحكيم التجاري، بحث حول (المغارسة كصيغة استثمارية ومصرفية حديثة)، والتعريف بأنها «عملية استثمارية تقوم على إصلاح الأرض وتشجيرها» وبذلك تسهم في تعزيز الاقتصاد الإنتاجي وتخفف من سلبيات الاقتصاد الخدمي الذي انتشر في البنوك على اختلاف أنواعها. وأشار الخويلدي في ورقته إلى أن المغارسة تخضع إلى قوانين الجباية، فهي بذلك من العقود التي تسجل لدى إدارة الجباية وترسم بالشهر العقاري أو ما يعادلها من السجلات الرسمية المعتمدة، وخضوع المصارف لرقابة وإشراف السلطات النقدية ومراقب الحسابات وعمليات التدقيق بشتى أنواعها، مما يجعلها ملزمة أكثر من غيرها من المؤسسات التجارية على توثيق معاملاتها. وكانت التحديات التي تواجهها المصرفية الإسلامية حاضرة في أذهان المجتمعين، إذ تم النقاش حولها في اليوم الثاني من جلسات الندوة، كما تمت مناقشة «المشكلات القانونية والقضائية في تطبيقات المؤسسات المالية الإسلامية»، بالإضافة إلى المناقشة العلمية لموضوع «الصفات المؤثرة في العلاقة بين الشركات».