سلوكيات محرمة في سوق الأسهم

TT

كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول «من لم يتفقه في دينه فلا يدخل سوقنا» وذلك حتى لا يقع في المحرم. والحقيقة أن هذا القول ينطبق على سوق الأسهم التي اشتغل بها جل الناس في هذه الأيام حيث أن الكثيرين ممن يتاجرون في السوق سواء من كبار المضاربين أم من صغارهم يقعون في أمور حرمتها الشريعة الإسلامية إما جهلا بالحكم الشرعي أو اعتقادا منهم أن الحكم الشرعي لا ينطبق على هذا الفعل، ومن هذه الممارسات المحرمة النجش. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا» (البخاري:6066). والنجش هو أن يزيد في سعر السلعة من لا يريد شراءها حتى ترتفع قيمتها، وهذا الأمر يمارس كثيرا في سوق الأسهم حيث تجد المضارب يطلب السهم بسعر عال وبكميات كبيرة، ويهدف من وراء ذلك إلى الإيحاء للمتداولين بأن السهم لديه خبر ايجابي أو عليه تجميع، فيتدافع الناس لشراء هذا السهم، ومن ثم يقوم هو ببيع الكميات التي لديه بهذا السعر، وهو ما يسمى في لغة المتداولين بالتصريف، أما الصورة التي عكس ذلك فهو أن يكون المضارب يرغب في التجميع في السهم بأسعار متدنية فيقوم بعرض السهم بكميات كبيرة بسعر متدن ليوهم المتداولين بأن السهم غير مرغوب فيه أو أن لديه خبر سلبي، فيسرع المتداولون ببيع الأسهم التي لديهم بسعر السوق ليقوم المضارب بشرائها بهذا السعر، وهو ما يسمى في لغة المتداولين بضغط السهم، كما أن من الممارسات الخاطئة في سوق الأسهم ما يقوم به البعض من إطلاق الشائعات حول أسهم معينة بأنه سوف يتضاعف سعرها أو أنها سوف ترتفع، وذلك عبر رسائل الجوال أو البريد الإلكتروني أو المنتديات الإلكترونية أو غرف البالتوك، والهدف من وراء ذلك هو دفع المتداولين للإقبال على السهم، ولا شك أن هذا الأمر محرم لأنه من الغش، قال صلى الله عليه وسلم: «من غش فليس مني» (رواه مسلم: 102)، وهو من كبائر الذنوب وأعظمها لما فيه من التغرير بالمسلمين وأكل أموالهم بالباطل، قال تعالى«ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون» (البقرة 188)، وقال تعالى «يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما» (النساء 29). ولا شك أن هذه الممارسات المحرمة هي التي أضرت بالسوق كثيرا وأفقدته ثقة المستثمرين به، فيجب على من يرتكب مثل هذه المخالفات أن يمتنع عنها طاعة لله عز وجل حتى يبارك الله له في رزقه، فالبركة في الحلال، كما يجب على الجهات الرقابية على السوق أن تركز على مخاطبة الإيمان في قلوب المتداولين عبر دعوة بعض أصحاب الفضيلة العلماء الأفاضل للمشاركة في الندوات المختصة ببث الوعي الاستثماري لدى المتعاملين بالسوق ليقوموا ببيان الحكم الشرعي لما يجوز من ممارسات في السوق وما لا يجوز، والتنبيه على مثل هذه الممارسات المحرمة وتبيان وجهة نظر الشريعة فيها عسى أن يكون في ذلك تذكرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

* متخصص في المصرفية الإسلامية