آليات التحوط الإسلامية

TT

تكلمت في الأسبوع الماضي عن صناديق التحوط التقليدية Hedging Fund ، تاريخها وآليات عملها، وسوف أتكلم اليوم عن الحكم الشرعي لهذه الصناديق وفقا لآليات عملها التي سبقت الإشارة إليها في المقال السابق والقائمة على الرفع المالي (الاقتراض بفائدة ) وهذا من الربا المحرم في الشريعة الإسلامية قال تعالى (وأحل الله البيع وحرم الربا( («البقرة» 275)، كما أن من الآليات المستخدمة في هذه الصناديق البيع على المكشوف ((short selling وهو من البيوع المحرمة في الشريعة الإسلامية، فعن حكيم بن حزام، قال: قلت يا رسول الله الرجل يسألني البيع وليس عندي، فأبيعه؟ قال:« لا تبع ما ليس عندك» (البخاري 4/349)، وقد علل العلماء ذلك بعدم قدرة البائع على تسليم المبيع مما يؤدي إلى الاختلاف، وقد جاءت الشريعة بمنع كل معاملة تؤدي إلى الاختلاف، فحرمت كل معاملة فيها جهالة أو غرر، وقد استثنت الشريعة من ذلك ما غلبت مصالحه على مفاسده فأجازت صورة من صور بيع الموصوف في الذمة وهو بيع السلم ويعتبر هذا العقد من صور التحوط التي أجازتها الشريعة الإسلامية حيث يقوم المشتري (التاجر) بدفع ثمن سلعة تسلم في وقت لاحق على أن يتم ضبط صفة هذه السلعة بشكل يضمن عدم الاختلاف عند التسليم، وهذا العقد يحقق مصلحة المشتري في دفع ثمن اقل لسلعة يريدها في المستقبل مع معرفته بتكلفتها مسبقا، كما انه يحقق مصلحة البائع في الحصول، على السيولة اللازمة لتغطية احتياجاته الآنية ويشترط لصحة هذا العقد أن يكون الثمن حالا ومن صور التحوط لتقلب الأسعار بيع العربون الذي أجازه الحنابلة. ومن الأمثلة على هذا العقد أن يقوم المستثمر بشراء أسهم يتوقع ارتفاعها ويدفع عربوناً للبائع نسبة من الثمن، لنقل على سبيل المثال 5%، فإذا ارتفع السهم كما توقع المشتري نفذ على الصفقة والعربون يصبح جزءا من الثمن، أما إذا انخفضت الأسهم، ولنقل 7%، فإن المشتري يقوم بالتخلي عن الصفقة مع فقده للعربون، وبذا يكون قد قلص خسائره. كما أن هناك استراتيجية الوعد الملزم، سواء للبيع أو الشراء، ويمكن استخدام احدى هذه الصيغ كآلية لصندوق تحوط إسلامي أو استخدامها مجتمعة بحيث يقوم مدير الصندوق ببيع أسهم يتوقع انخفاضها في المستقبل بعقد سلم بحيث يستفيد من ثمن البيع في استثماره في أدوات استثمارية تحقق عوائد أعلى مما يحققه السوق، كما يقوم في نفس الوقت بتأمين هذا المركز عبر عقد شراء بالعربون. ولمضاعفة العوائد يمكن استخدام التمويل بالمرابحة للرفع المالي بدلا من الاقتراض بالفائدة المحرمة شرعا، وقد تم طرح صندوق الخوارزمي كأول صندوق تحوط إسلامي عام 1997 من قبل شركة المستثمر الدولي وبإدارة اكسا روزنبرغ، أما ثاني هذه الصناديق فهو صندوق الفنار الذي استخدم عقود السلم، وقد قام اريك مايرز بطرح صندوق جمع فيه عددا مختارا من مريري الصناديق مستخدمين الوسائل طويلة وقصيرة الأجل لنظام المرابحة والعربون، ويعتبر هذا الوقت من انسب الأوقات لطرح صناديق التحوط في منطقة الخليج حيث تشهد أسواق المال في هذه المنطقة نزولا حادا مما سيدفع بالكثير من المستثمرين لتجنب الاستثمار المباشر في السوق والاتجاه لصناديق التحوط التي تحقق معدل عائد أعلى من معدل السوق مع تحييد مخاطر السوق.

* متخصص في المصرفية الإسلامية [email protected]