الإفصاح عن الأدوات المالية الإسلامية في قوائم الشركات

لاحم الناصر

TT

اذكر انني في ندوة الصيرفة الاسلامية بين الخلاف المحمود والمذموم طرحت سؤالا حول اسباب تعدد قوائم الشركات التي يجوز تداولها وكان مما اجاب به الشيخ الفاضل الدكتور محمد القري ان السبب في ذلك (يعود الى عدم وجود مصدر يعتمد عليه للمعلومات المالية عن الشركات حتى صناديق الاستثمار الإسلامية التي تطبق معايير استثمار واحدة وتشرف عليها نفس الهيئة الشرعية تختلف، فتجد ان شركة ما عند مدير هذا الصندوق لا يجوز الاستثمار فيها لأن الديون الربوية على الشركة قد تخطت النسبة المسموح بها في المعايير، ثم يجد مدير صندوق آخر ان نفس تلك الشركة قد استوفت متطلبات المعيار الخاص بالديون وان الديون التي عليها أقل من النسبة المعتمدة. فإذا راجعت هذا المدير وذاك وجدت ان السبب يرجع إلى ان مصادر المعلومات نفسها لا يمكن الاعتماد عليها؛ فمثلا تظهر الأرقام الرسمية للشركة انها مدينة بمبلغ 500 مليون، وهذا يمثل 70 في المائة من قيمتها السوقية، فلا يجوز الاستثمار فيها بناء على المعايير، لكن المدير الآخر لا يقف عند ذلك الحد من جمع المعلومات بل يتصل بمسؤولي الشركة فيقولون له نعم هي ديون كثيرة ولكنها مرابحات وليست ديونا ربوية، وبناء عليه فإن الحكم عليها تغير. ومدير ثالث لا يكتفي حتى بكلام المسؤولين في الشركة بل يرجع إلى البنك ذي العلاقة ليعرف حقيقة الديون التي على الشركة وهكذا) ولا شك ان هذا الامر الذي ذكره الشيخ يعود الى غياب الافصاح في قوائم الشركات المتداولة عن الادوات المالية الاسلامية المستخدمة من قبل هذه الشركات والذي يعتبر اساسا في معرفة مدى موافقة الشركات للمعايير الشرعية لتداول الاسهم ومن ثم الحكم على تداول اسهم هذه الشركات بالجواز او المنع من الناحية الشرعية ويعتبر هذا الامر عاملا محددا للقرار الاستثماري من عدمه لدى الكثير من المستثمرين الافراد والصناديق الاستثمارية التي تعمل وفق احكام الشريعة الاسلامية مما حدى بالكثير من الشركات الى تحويل جميع تعاملاتها وفقا لاحكام الشريعة الاسلامية وحيث اصبح هذا الامر من العوامل المؤثرة في القرار الاستثماري فيجب ان لا يترك لادارات الشركات بل يجب على هيئة السوق المالية وضع اشتراطات محددة عند رغبة شركة ما في اعلان ان جميع معاملاتها خاضعة لاحكام الشريعة الاسلامية منها تقرير محاسب خارجي يفيد بذلك مرفقا بشهادة من هيئة شرعية مستقلة تؤكد هذا الامر حتى لا يتعرض المستثمر الى التغرير به ومن ثم تعرضه للخسارة او فقدان الارباح في حال ظهر له خلاف ذلك ورغب في التخلص من اسهم الشركة. كما انه يجب على الهيئة النظر في الزام الشركات المدرجة في السوق بالافصاح في قوائمها المالية عن الادوات المالية الاسلامية المستخدمة حيث ان هذا الامر من لوازم مراقبة الهيئة للصناديق الاستثمارية الاسلامية التي يرخص لها من قبل الهيئة حيث يجب على الهيئة التأكد من انها تعمل وفق الشريعة الاسلامية بناء على الاتفاقية المبرمة بين الصندوق والمستثمر وحتى يتم وضع معايير للافصاح عن الادوات المالية الاسلامية في قوائم الشركات فإنني اقترح على الهيئة بهدف التأكد من التزام الصناديق الاسلامية بالمعايير الشرعية للتداول الزام هذه الصناديق بتقديم تقارير ربع سنوية للهيئة عن اعمالها صادر عن هيئة الرقابة الشرعية على هذه الصناديق على ان يتم نشر هذا التقرير ليطلع عليه المستثمرون.

واعتقد جازما انه مع الزام الهيئة للشركات المدرجة بالافصاح في قوائمها المالية عن الادوات المالية الاسلامية المستخدمة سوف تضيق فجوة الخلاف بين القوائم الشرعية للشركات التي يجوز تداولها الناتج عن عدم الافصاح فيصبح الامر محض خلاف فقهي ناتج عن الاجتهاد في معايير التداول الشرعية.

* متخصص في المصرفية الإسلامية [email protected]