الضوابط الشرعية للمتاجرة في الأسهم

لاحم الناصر

TT

كنت أظن ان الضوابط الشرعية للمتاجرة في الأسهم معروفة لدى الغالبية لاسيما بعد حمى السوق التي أصابت الجميع إلى ان تلقيت اتصالا من أحد الإخوة ودار النقاش حول هذا الموضوع، وكيف أنني لم اكتب عن هذه الضوابط حتى الآن، فذكرت له وجهة نظري فقال لي يا أخي ان الغالبية العظمى من المتداولين يتداولون وفقا لقائم بأسهم الشركات التي يجوز تداولها بدون معرفة بالضوابط الشرعية التي بنيت عليها هذه القائمة. وحثني على الكتابة في هذا الموضوع والحقيقة ان المتاجرة في أسهم الشركات المساهمة الحديثة تعتبر من الاجتهادات الفقهية المعاصرة التي اختلف فيها العلماء اختلافا بيناً، ولكنني لن أتحدث في هذه المسألة فليس هذا المقال مقامها كما أنني سأحصر كلامي عن الضوابط الشرعية للمتاجرة في أسهم الشركات التي اشتملت على عنصر محرم إما في جانب الاقتراض أو الاستثمار، وهي ما تسمى بالشركات المختلطة. والحقيقة ان هذه الشركات قد بلغ فيها الاختلاف مبلغا، فمنهم من حرم الاستثمار فيها بالكلية، ومنهم من أباحه بالكلية إذا كان غرض الشركة المساهمة واصل نشاطها مباحا. ومنهم من وضع ضوابط إذا تحققت في الشركة جازت المتاجرة فيها، وان اختل احدها لم يجز ذلك وقد اختلف هؤلاء أيضا حول هذه الضوابط، وذلك لان القائلين بهذا القول بنوا قولهم بجواز المتاجرة في أسهم هذه الشركات على عموم البلوى ورفع الحرج، وان الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة وحيث ان هذه الضوابط وضعت وفقا لاجتهاد واضعيها فقد اختلفوا فيها اختلافا لا يخفى على متأمل، وذلك لاختلافهم في تقدير الحاجة ومقدار الحرج والتيسير على المتعاملين ونجمل هذه الضوابط فيما يلي:

أولا ً: ان يكون أصل نشاط الشركة مباحاً في الشريعة الإسلامية وقد منعت بعض الهيئات الشرعية المتاجرة في أسهم شركات الصناعات الحربية وشركات الأسلحة، وذلك لاعتبارات أخلاقية.

ثانياً: ان لا تزيد القروض الربوية على الشركة سواء طويلة أو قصيرة الأجل عن 33% على خلاف بينهم في احتساب هذه النسبة على متوسط القيمة السوقية للشركة أم على موجوداتها.

ثالثاً: ان لا تزيد الاستثمارات المحرمة لدى الشركة عن 33% على خلاف بينهم في النسبة وكيفية احتسابها هل هي على متوسط القيمة السوقية للشركة أم على موجوداتها. وقد قامت هيئة الراجحي بحذف هذا الضابط في آخر تعديل لها لهذه الضوابط وقد عللت ذلك بأن هذه الضوابط مبنية على الاجتهاد، وهو قابل لإعادة النظر حسب الاقتضاء. رابعاً: ان لا يزيد مجموع الديون للشركة والنقود لديها عن 33% على خلاف بينهم في النسبة وكيفية احتسابها هل هي على متوسط القيمة السوقية للشركة أم على موجوداتها ويوجد من الهيئات الشرعية ممن لم تقل بهذا الضابط منها هيئة مصرف الراجحي.

خامساً: ان لا يزيد مقدار الإيراد المحرم عن (5%) من إجمالي إيراد الشركة على خلاف بين الهيئات الشرعية في هذا الضابط كذلك.

وقد اتفق جميع القائلين بهذه الضوابط على وجوب تخلص مالك السهم من جميع الإيرادات المحرمة على سبيل التطهير، وذلك عند استحقاقها سواء وزعت على مالكي الأسهم أم لم توزع.

وهكذا نجد ان هذه الضوابط للاستثمار في الأسهم ليست محل اتفاق بين القائلين بها كما أنها قابلة للتعديل وإعادة النظر، فهي ليست من المسائل المستقرة فقهياً أو محل اتفاق بين العلماء القائلين بها، ولذا يجب ان لا تكون سببا للخلاف بين طلبة العلم أو اختلاف العامة ففي الأمر سعة ولله الحمد.

* خبير في المصرفية الإسلامية [email protected]