أبرز التحديات التي تواجه الصيرفة الإسلامية (2)

TT

تعرضت في الأسبوع الماضي إلى ثلاثة من ابرز التحديات التي تواجه الصيرفة الإسلامية؛ وهي اختلاف المدارس الفقهية التي ينتمي إليها أعضاء الهيئات الشرعية والتوافق مع المعايير الدولية وعدم وجود أدوات للتحوط من تقلب أسعار العملات والسلع والفائدة. وسوف استكمل اليوم عرض بقية التحديات وهي:

رابعاً: تعاني المصارف الإسلامية من ضعف البيئة التكنولوجية لديها، حيث ان غالبية عملياتها تتم معالجتها يدويا؛ فالمرابحة والمشاركة والاستصناع كلها عمليات تتم معالجتها في الغالب يدويا، مما يرفع درجة الخطأ البشري. وهنا تكمن المخاطرة كما أنها تؤدي إلى بطء سير العمليات لديها وكثرة الأعمال الورقية وطول الدورة المستندية، كما ان التسجيل المحاسبي في المصارف الإسلامية في الغالب لا يعبر بشفافية عن العمليات الإسلامية التي تجري في المصرف؛ ومرد ذلك إلى عدم وجود أنظمة حاسوبية ومحاسبية تخدم هذه الصناعة وفق طبيعتها الخاصة. ويعود عدم اهتمام شركات الأنظمة بتطوير أنظمة تتلاءم مع خصائص وطبيعة المصارف الإسلامية إلى قلة وعي القائمين على المصارف الإسلامية بأهمية أتمتة جميع العمليات المصرفية ومن ثم عدم الاهتمام بالإنفاق على تطوير أنظمة تخدم هذه الصناعة، فتحتاج إدارات المصارف الإسلامية إلى إيلاء هذا الجانب أهمية قصوى حتى تستطيع المنافسة في النظام المالي العالمي.

خامساً: تعمل الكثير من المصارف الإسلامية في بيئة قانونية وتنظيمية تقليدية صيغت لتناسب الإقراض ومنح الائتمان ولم تأخذ في الحسبان طبيعة العمل المصرفي الإسلامي القائم على البيع والإجارة والمشاركة مما يعرضها لمشاكل ضريبية، ومشاكل في الملكية وطرق التسجيل والرهن ويحملها أعباء قانونية ومالية إضافية، كما ان الكثير من عقودها صيغت من قبل محامين غير شرعيين، مما يجعل هذه العقود معرضة لمخاطر الإبطال أو فساد الشروط، كما أن الكثير من الجهات القضائية ليس لديها الخبرة في فقه المعاملات الإسلامي مما يجعل الكثير من هذه الجهات القضائية تنظر إلى العقد على انه هو القانون الحاكم للمعاملة؛ وكما يقول القانون الوضعي العقد شريعة المتعاقدين بغض النظر عما فيه من مخالفات للشريعة الإسلامية أو كون احد المتعاقدين ارتكب خطأ إجرائيا أدى إلى فساد المعاملة من وجهة النظر الشرعية، في حين ان وجهة النظر القانونية لا تراها مخالفة إذا لم ينص عليها في العقد.

سادساً: تحتفظ المصارف الإسلامية بسيولة كبيرة قصيرة الأجل تتمثل في الحسابات الجارية والاحتياط النظامي لمقابلة السحوبات، وحيث انها ليست قادرة على ربطها كودائع قصيرة الأجل (الاوفر نايت) لدى المصارف المركزية أو لدى المصارف التقليدية، فإن هذا الأمر يمثل تحديا لها لخلق أدوات استثمارية قصيرة الأجل تسمح لها بإدارة سيولتها بكفاءة، واعتقد ان الحكومة الماليزية أوجدت حلا لهذه المشكلة عبر إتاحة الفرصة للمصارف الإسلامية للاستثمار لدى البنك المركزي بعقد المضاربة، كما ان وجود سوق ثانوية لصكوك الإجارة سيحل جزءا من هذه المشكلة، والحقيقة ان هذه المشكلة تؤرق القائمين على المصارف الإسلامية، حيث تؤثر على التصنيف الائتماني للمصرف والذي يأخذ في حسبانه كفاءة إدارة السيولة.

سابعاً: تتمثل مصادر الأموال لدى المصارف الإسلامية في الحسابات الجارية والمرابحة العكسية والتي يقوم بموجبها العميل بتمويل المصرف تمويلا قصير الأجل بالمرابحة، حيث لا يتعدى أجل المرابحة سنة في الغالب وحسابات المضاربة وكل هذه المصادر تعتبر قصيرة الأجل، مما يحول بين هذه المصارف وبين الدخول في عمليات تمويل طويلة الأجل. أما حين تمنح هذه المصارف تمويلا طويل الأجل فإنه يصبح لديها مخاطر عدم المقابلة بين استحقاقاتها، ويعتبر إيجاد مصادر أموال طويلة الأجل عبر عقود شرعية تحديا بالنسبة للمصارف الإسلامية.

* خبير في المصرفية الإسلامية