من يحمي العميل من تغوّل المصارف؟

TT

يطلق على الصحافة السلطة الرابعة لما تقوم به من دور رقابي يتميز بالشفافية والحيادية أو هكذا ينبغي أن تكون، فمن يتصدر لهذه المهمة من الصحافيين والكتاب يفترض فيهم أن يعوا هذه المسؤولية الملقاة على عاتقهم فهم ضمير المجتمع الواعي ولسان حاله الذي ينطق به ومن هذا الباب اكتسبت الصحافة الجادة والعاملين فيها الاحترام والتقدير في جميع المجتمعات التي تعمل فيها ومن جميع طبقاته، وبذا كان لها هيبة وسلطة قادرة على التأثير الايجابي في حياة مجتمعاتها. ومن هذا الباب فإني سأطرق موضوع يهم شريحة كبيرة من المواطنين ألا وهو تغوّل بعض المصارف على عملائها خصوصا الكبيرة منها وسلبهم حقوقهم بدون أي حسيب أو رقيب وكما قال المثل العربي «من امن العقوبة أساء الأدب». فمن اشتراط مبلغ معين لفتح الحساب الجاري والذي نصت تعليمات مؤسسة النقد على وجوب فتح الحساب الجاري للمواطن والمقيم على حد سواء بدون اشتراط حد أدنى من المبالغ لفتح هذا الحساب إلى رفض تسديد فواتير الخدمات العامة، ولكن هذه الأمور تهون مع ما فيها من استغلال لجهل بعض العملاء بهذه الأنظمة عندما سأسوقه لكم من معاناة يمر بها عملاء (الإجارة مع الوعد بالبيع) في احد المصارف حال وقوعهم في فخ هذا النوع من التمويل، وهو من أدوات التمويل الإسلامي التي يفترض فيها أن تقوم على العدالة وإعطاء كل ذي حق حقه. وهذه الصور وقفت عليها بنفسي، بل إنني احد الذين يعانون من بعضها حتى أصبح العملاء يصيحون كلنا واحد فيما نتعرض له من استغلال وخداع وامتهان لإنسانيتنا وإضاعة لوقتنا الثمين. وسأعرض على القراء الكرام بعض الصور التي تبين ذلك. فعندما يبدي العميل رغبته في التمويل بالإجارة مع الوعد بالتمليك، فإن الموظف يشرح له بأن السيارة مؤمن عليها تأمينا شاملا علما بأن قيمة القسط التأميني تكون محملة في القسط الايجاري وانه يستطيع السفر بها خارج المملكة بعد الحصول على تفويض لا يكلفه شيئا وبإجراءات بسيطة ولكن هل هذه الحقيقة؟!!! الحقيقة تبينها زيارة واحدة للقسم المسؤول عن التمويل التأجيري في هذا المصرف، حيث تجد إن بعض العملاء تم تسليمه السيارة دون أن يسلم بوليصة التأمين أو صورة منها، كما انه لم يسلم صورة طبق الأصل من استمارة الملكية ولم يكتشف العميل أن هذه الأوراق من حقه الحصول عليها ابتداء إلا بعد وقوع حادث له أو سرقة السيارة وعندما يسأل موظف المصرف يجيبه بكل عنجهية أنت لم تطلب ذلك وهل يعلم العميل ان مثل هذا يحتاج إلى طلب!! الأدهى من ذلك انك عندما تطلب بوليصة التأمين أو صورة الاستمارة، فإنه ينبغي عليك الانتظار من أسبوع إلى أسبوعين إن كنت محظوظا، وقد قابلت احد العملاء يزعم أمام موظف المصرف انه قد طلب بوليصة التأمين منذ ثلاثة أشهر ولم تصل حتى الآن وحيث إن سيارته مصابة في حادث فقد بقيت واقفة كل هذه الأشهر، أما حينما تريد السفر بالسيارة خارج المملكة فهذه معاناة أخرى، حيث يلزمك زيارة بعض إدارات المصرف والغرفة التجارية والمرور اضافة إلى طلب تأمين خارجي. والحقيقة إنني أشبه المصارف في هذا البلد بالعناكب التي تمهر في اصطياد فرائسها حيث تحيك خيوطها الحريرية الناعمة التي تغري الفرائس بالوقوع فيها وعندما تقع فإنها تقوم بامتصاصها حتى تجف، حيث إن المصارف تمتلك من المال والقوة القانونية والوسائل ما تستطيع بها إجبار العميل على الإذعان لها والتسليم لأحكامها وقوانينها، وان كانت جائرة وظالمه، فالعميل عندما يتوقف عن السداد لمشكلة طرأت بينه وبين المصرف فإن المصرف يقوم بوضعه على لائحة العملاء المتعثرين بدون أن يكون له حق المدافعة أو المرافعة. إن العميل عندما يتعرض للظلم من المصرف فإنه لا يعرف الجهة التي تستطيع أن يتوجه إليها لتنصفه، لذا فإنني اشدد على انه يجب أن تقوم مؤسسة النقد ومن باب مسؤوليتها عن القطاع المصرفي بتوعية العملاء بحقوقهم عبر الإعلام وموقعها الالكتروني وإيضاح الجهة المخولة باستقبال شكاواهم وإجراءات الشكاوى وتخصيص رقم مجاني لاستقبال هذه الشكاوى حتى نقضي على هذه الظاهرة.

* خبير في المصرفية الإسلامية [email protected]