الفائدة ليست الفرق الوحيد بين الصيرفة الإسلامية والتقليدية

لاحم الناصر

TT

يخطئ الكثيرون عندما يعتقدون ان الفرق بين الصيرفة الإسلامية والتقليدية هو عنصر الفائدة فتجد ان الكثيرين يعرّفون الصيرفة الإسلامية بأنها الصيرفة الخالية من الفائدة ولا شك ان منشأ هذا الاعتقاد هو ان جل العمليات المصرفية التي تجريها المصارف التقليدية قائمة على الفائدة، ما بين إقراض واقتراض فودائع العملاء بشتى أنواعها يتم ربطها بفائدة، وعمليات تمويل العملاء بشتى أنواعها تتم بفائدة، فهي محور العمل المصرفي التقليدي ومعلوم ان الفائدة المصرفية من الربا المحرم في الشرعية الإسلامية وتوعد الله أصحابه بالحرب قال تعالى «يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون» (278 ـ 279) البقرة، وقد صدرت بتحريم الفائدة المصرفية قرارات المجامع العلمية والفقهية واستقرت الفتوى على ذلك، كما طالبت هذه القرارات والفتاوى بإيجاد بديل مصرفي إسلامي يفي بحاجة المسلمين، فقامت المصارف الإسلامية بدافع الحاجة إلى بديل مصرفي يخضع لأحكام الشريعة الإسلامية الواردة في فقه المعاملات كأحكام الصرف والبيوع والإجارة والمشاركات والوكالة والجعالة، وما دمنا قلنا بأن أعمال الصيرفة الإسلامية تخضع لأحكام فقه المعاملات إذا فالفرق بين الصيرفة الإسلامية والصيرفة التقليدية لا يمكن اختزاله في إعطاء وأخذ الفائدة من عدمه فلا يكفي ان تكون العمليات المصرفية خالية من الفائدة حتى تكون متطابقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، بل يجب ان يكون كل عقد من عقودها سواء كان عقد بيع أو أجارة أو غيرها صحيحا من حيث صيغته وشروطه، خاليا مما يؤثر على صحته من جهالة أو غرر أو تدليس أو ظلم.

كما انه لا يجوز للمصارف الإسلامية تقديم أي من خدماتها للأنشطة المحرمة في الشريعة الإسلامية مثل صناعة الخمور أو لحوم الخنزير أو أدوات القمار هذا من حيث العمليات.

أما من حيث بيئة العمل والهيكل الإداري والتسجيل المحاسبي، فيجب ان تكون بيئة العمل في المصارف الإسلامية خالية من المحاذير الشرعية التي يمكن ان توجد في بيئات العمل الأخرى من الاختلاط بين الرجال والنساء المفضي إلى الخلوة المحرمة شرعا، أو عدم التزام النساء بالحجاب الشرعي وغيرها من المحرمات. إضافة إلى وجود اختلاف في الهيكل الإداري بالنسبة للمصارف الإسلامية عنها في التقليدية حيث تتميز المصارف الإسلامية بوجود الهيئة الشرعية كهيئة تدقيق خارجي إضافة إلى وجود إدارة للتدقيق الشرعي الداخلي.

أما التسجيل المحاسبي في المصارف الإسلامية فيختلف عنه في المصارف التقليدية تبعا لاختلاف المعايير المحاسبية المستخدمة حيث تستخدم الصيرفة الإسلامية معايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (الايوفي).

إذاً فلا يمكن وصف أي مصرف أو نشاط مصرفي بأنه إسلامي بمجرد خلوه من الفائدة بل لا بد ان تتحقق فيه الشروط الشرعية الأخرى اللازمة حتى يوصف هذا المصرف أو النشاط المصرفي بأنه إسلامي. فيا ترى كم لدينا من النشاط المصرفي الذي يصدق عليه وصف الإسلامي لو طبقنا هذه الفروق ؟!!

* خبير في المصرفية الإسلامية [email protected]