خطر الخلاف الفقهي على انتشار الصكوك

لاحم الناصر

TT

تبعا لوكالة التصنيف الائتماني موديز فإن إصدارات الصكوك قفزت في منطقة الخليج عام 2006 إلى حوالي 10 مليارات دولار ومنذ بداية عام 2007 بلغت الإصدارات 6.2 مليار دولار مما سيهيئ المنطقة لتحقيق أرقام قياسية في هذا المضمار في نهاية هذا العام. وقد تغلبت منطقة الخليج هذا العام ولأول مرة في مجال إصدار الصكوك على ماليزيا. وإذا نظرنا إلى مالكي هذه الصكوك نجد ان 80% منها مملوكة لمؤسسات مالية غربية، كما ان بريطانيا تسعى لإصدار صكوك سيادية إسلامية حيث أوصت هيئة الخدمات المالية والخزينة البريطانية بوضع مجلس استشاري للبدء بدارسة جدوى إصدار الصكوك الإسلامية السيادية للاستفادة من الفوائض النقدية في دول الخليج الناتجة عن الطفرة في أسعار البترول، مما يجعل من الصكوك منتجا عالميا لا محليا وبالتالي فإن ظهور أي خلاف فقهي بين العلماء حول شرعية الصكوك فإنه سيؤثر في قبولها عالميا. حيث ان مثل هذا الخلاف سيؤخذ في الاعتبار من قبل وكالات التصنيف الائتماني عند تقييمها لهذه الصكوك وقد صرحت وكالة ستاندرد بورز بأن الخلاف الفقهي سيؤثر على تقييمها للصكوك الإسلامية من حيث تأثير الخلاف على رغبة المستثمرين في تداول هذه الصكوك مما سيؤثر بدوره على سيولتها ومن حيث النص على أن الصكوك تخضع لأحكام الشريعة الإسلامية وان جهة الاختصاص هي المحاكم الشرعية وذلك لعدم تقنين الشريعة الإسلامية وبالتالي خضوع أحكام هذه المحاكم لاجتهاد القاضي والذي قد يختلف مع اجتهاد الهيئة الشرعية التي أجازت هذا الصك أو ذاك من حيث مثلا جواز الإجارة مع الوعد بالشراء أو البيع من عدمه أو من حيث إلزامية الوعد من عدمه. حيث ان مثل هذه الاجتهادات الفقهية المخالفة تؤثر في صحة العقود التي يقوم عليها الصك ومن ثم نفاذها. والحقيقة ان الصكوك كمنتج عالمي لا تحتمل مثل هذا الخلاف الذي سيؤثر على قبول المؤسسات والأسواق المالية العالمية لها. حيث ترتفع درجة مخاطر الاستثمار فيها مما سيؤدي في النهاية إلى إلغاء هذا المنتج من قائمة المنتجات المالية الإسلامية بعد ان حقق هذه النجاحات الباهرة على المستوى المحلي والعالمي، خصوصا في حال صدور حكم من أي محكمة ببطلان أي إصدار من إصدارات الصكوك تأسيسا على مخالفته لأحكام الشريعة الإسلامية. وقد دفعني للإشارة لخطورة الخلاف الفقهي على انتشار الصكوك ما أشار إليه فضيلة الشيخ عبد الله بن منيع في معرض رده على الدكتور حسين حامد حسان والذي نشر في هذه الصفحة الأسبوع الماضي، من ان الدكتور حسين حامد حسان يسوق لصكوك حقيقتها أنها تعامل ربوي مغلف بدعوى المشروعية الإسلامية حيث أن موجوداتها صورية.

ولا شك ان ما قاله الشيخ عبد الله رأي خطير حيث انه صدر من عالم من أهم علماء هذه الصناعة واشهرهم. حيث يتمتع بعضوية الكثير من الهيئات الشرعية للمؤسسات المالية والمجامع الفقهية. كما يتمتع بالقبول لدى العامة والخاصة مما يجعل من رأيه ذو تأثير حاسم في قرار الاستثمار في هذه الأوراق المالية سواء بالنسبة للمؤسسات المالية التي هو عضو في هيئتها الشرعية أو بالنسبة للمستثمرين الأفراد، وبالتالي فلا شك ان مؤسسات التقييم الائتماني ستأخذ مثل هذا الرأي في الحسبان عند تقييمها لهذه الورقة المالية أو تلك.

وعليه وخروجا من مثل هذه الخلافات التي قد تقضي على الصكوك وهي المنتج العالمي أرى ان يقوم مجلس الخدمات المالية الإسلامية بإصدار معايير شرعية لإصدارها يتم ألزام جميع المؤسسات المالية بها، والاتفاق مع مؤسسات التقييم الائتماني على رفض تقييم أي صك يصدر خلاف هذه المعايير وان لم يتم الاتفاق على الرفض فلا اقل من تخفيض تقييمه الائتماني.

* متخصص في المصرفية الإسلامية [email protected]