«عوض التأخير» يثير جدلا بين فقهاء المصارف الإسلامية في مصر

البعض يرى أنه مدخل للربا وآخرون يعتبرونه حماية

وحدة الرقابة على المعاملات الإسلامية في البنك المركزي المصري تواجه تحديات كثيرة («الشرق الأوسط»)
TT

أثار «عوض التأخير» الذي تطالب به البنوك الإسلامية عملاءها غير الملتزمين بالسداد والمعروفة بـ«الغرامة» كثيراً من الجدل بين الخبراء والمختصين في مصر، فمنهم من أجازه على اعتبار انه حماية لأموال المودعين والبعض حرمه درأً للشبهات واصفينه بأنه مدخل للربا.

 فماذا يقول خبراء الاقتصاد والبنوك الإسلامية عن «عوض التأخير»؟ وما حكم الشرع فيه؟ وكيف يتم تقديره؟ وهل يراعي ظروف العميل وتعثره؟ وأسئلة أخرى أجاب عنها خبراء. حيث يقول هشام موسى مدير فرع مصدق رخاء للمعاملات الإسلامية بالمصرف المتحد ان «عوض التأخير» يتمثل في حصول البنك على مبلغ زائد على الدين مقابل التأخير عن الوفاء بما عليه من التزامات في ميعاد الاستحقاق. وأشار موسى إلى انه بالرغم من اختلاف شرعية حصول البنك على هذا العوض، الا انه في الحكم المتعارف عليه هو انه «لا ضرر ولا ضرار». وأوضح أن البنك يصيبه الضرر بسبب تأخر عملية السداد إذ ان هذه الأموال يعاد استثمارها مرة أخرى وبالتالي تحقيق أرباح، ففي حالة التأخير يحرم البنك من الربحية لهذا يستحق البنك التعويض شرعا باعتبار انه نوع من أنواع الضرر. وأكد ان بعض الفقهاء أجازوا للبنك ان يفرض غرامات تأخير للعميل المماطل القادر على السداد بعائد متوسط اموال البنك في نفس النشاط الذي تمت المماطلة فيه.

ويتفق الدكتور شوقي دنيا أستاذ الاقتصاد الاسلامي مع وجهة نظر موسى بالحصول على عوض التأخير اذا تأكد البنك من تعمد العميل المماطلة وعدم السداد، مشيرا الى ضرورة ان يقوم البنك بالرقابة والمتابعة لعقود المرابحة لاتخاذ القرار الصحيح.

وقال دنيا إن اختلاف الفقهاء حول عوض التأخير، منهم من يراه مدخلا للربا وآخرون يرون عكس ذلك وبضرورة الحصول على تعويض عادل لما يشكله التأخير من آثار اقتصادية على البنك وأموال المودعين. وطالب شوقي البنوك الإسلامية بضرورة التعرف والدراسة الجيدة للعملاء الراغبين في التمويل لأنه يتعامل مع أموال المودعين وإذا حدث إي خسائر لهذه الأموال فهم الذين يتحملون هذه الخسائر. كما طالب بضرورة متابعة العميل بجدية والتعرف على مدى التزامه بالعقود التي ابرمها مع البنك وفي حالة عدم انضباطه يفضل عدم التعاون معه والابتعاد عنه ولا تقوم البنوك الإسلامية بتمويله مرة أخرى.  من جهته، يفيد الدكتور عبد الحميد الغزالي أستاذ البنوك الإسلامية جامعة القاهرة ان البنوك الإسلامية أدارت ظهرها للحرام واتجهت إلى الحلال وأمامها مشوار طويل للحلال الصافي إذا لم يصبها الربا أصابها غباره وهي ليست مؤسسات خيرية وإنما مؤسسات تهدف إلى الربح الحلال المحافظ على ودائع عملائها من التآكل. وأضاف، في حالة تأخر العميل عن سداد التزاماته على أساس علمه أن البنك الإسلامي لن يشغل عداد الفائدة، هنا يجب على البنك حماية أمواله، وفرض عوض التأخير على أساس ان مماطلة الغني ظلم وعدم الوفاء بالتزاماته غبن للدائن. وأشار إلى انه يجب التفريق بين عدم قدرة العميل على السداد مطلقا او تعرضه لازمة مادية مؤقتة وفي هذه الحالة يجب إعطاء العميل فترة أخرى للسداد ومنحه بعض التسهيلات في السداد مثل إعادة جدولة ديونه والتنازل أو إسقاط جزء من الربح او العمولات وإبراء المدين منها وذلك من قبيل نظرة إلى ميسرة.

وعن كيفية تقدير التعويض، يقول الدكتور الغزالي إن هناك ثلاثة خيارات لتقدير حجم الضرر الذي لحق بالبنك إذ يتم تحديد العوض على أساس نسبة الربح التي حققها البنك في نفس السلعة عن نفس الفترة التي حصل فيها الضرر أو على أساس نسبة الربح التي حققها المشتري مرابحة بسبب السلعة محل التعامل.

وأبان أنه حتى لا تكون مماطلته سببا لإثرائه على حساب أموال المودعين، أو على أساس نسبة الربح التي حققها البنك بصفة عامة خاصة انه قد لا يكون له استثمارات في نفس السلعة وهذا مع التأكيد على عدم اقتراب البنك الإسلامي من أكل أموال الناس بالباطل من خلال حساب تقديرات مبالغ فيها.

ويستند الغزالي في هذا الأمر على أحاديث نبوية تنهي عن ذلك ومنها ما قاله الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «مطل الغنى ظلم» وفي حديث آخر يقول المصطفى عليه الصلاة وأتم التسليم «لا ضرر ولا ضرار»، كما يقول الرسول الكريم «لي الواجد ظلم يحل عقوبته وعرضه» رواه البخاري.

لهذا يخلص الغزالي إلى أن عوض التأخير شرعي بشرط التأكد من ان العميل غير مماطل، مطالبا الهيئات الشرعية في البنوك بضرورة تحري الدقة حول العملاء ومعرفة حقيقة تأخرهم عن السداد وتقدير عوض التأخير بشكل عادل وان يكون لهم دور فعال داخل البنوك الإسلامية.