خبراء مصرفيون يطالبون باستقلال الهيئات الشرعية عن مجالس إدارة المصارف الإسلامية

حتى لا تقع تحت ضغوط الإدارة.. ولتضمن شرعية كافة المعاملات

TT

طالب العديد من الخبراء بضرورة استقلال الهيئات الشرعية داخل المصارف الإسلامية عن مجالس إدارات هذه الكيانات، وأن يتم تعيينها من قبل الجمعية العمومية، مشددين على ضرورة وجود هيئة رقابية علي مستوي البنك المركزي للتأكد من الصيغة الإسلامية لعمل المصارف الإسلامية، خاصة في ظل انتشار المصارف الإسلامية وتطور المعاملات المالية.

واستند هؤلاء الخبراء في مطالباتهم على انه رغم الدور الأساسي الذي تلعبه الهيئات الشرعية بالمصارف الإسلامية، إلا أن ثمة تساؤلات عديدة تحيط بعمل هذه الهيئات وتأديتها لدورها بعيدا عن مجالس إدارات المصارف التي تتعامل بالشريعة الإسلامية في مصر، خاصة بعد أن لجأت بعض هذه المصارف إلى المعاملات المتبعة في الكيانات التقليدية، بدعوى المنافسة والاستمرار في السوق المصرفية.

وتعد هيئة الرقابة الشرعية، وهي مجموعة من علماء الفقه يقومون بمتابعة وفحص وتحليل كافة الأعمال والتصرفات والمعاملات التي تقوم بها المصارف الإسلامية للتأكد من أنها تتم وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، وذلك باستخدام الوسائل الملائمة المشروعة وبيان المخالفات والأخطاء وتصويبها فورا، وتقديم التقارير إلى الجهات المعنية متضمنة الملاحظات والنصائح والإرشادات وسبل التطوير.

وتتخذ تلك الهيئة عدة أسماء منها هيئة الرقابة الشرعية وهيئة الإفتاء والهيئة الشرعية، وأصبحت هيئة الرقابة الشرعية هيكلا أساسيا داخل أي مصرف إسلامي شأنها شأن الجمعيات العامة ومجالس الإدارة ومراقبي الحسابات.

كما حرصت معظم المصارف الإسلامية على الحصول على تقارير من هيئة الرقابة الشرعية تشهد بأن أعمالها تسير على أسس من الشريعة الإسلامية ويوقع عليها رئيس الهيئة وتنشر مع تقارير مراقبة الحسابات للتأكيد على شرعية كافة أعمالها.

وقال الدكتور محمد عبد الحليم عمر مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي، عضو هيئة شرعية بأحد المصارف إن الرقابة الشرعية مطلب ضروري وحيوي في ظل الانتشار الكبير للمصارف الإسلامية في دول العالم العربي والإسلامي وتزايد الإقبال على المعاملات الإسلامية وظهور منتجات جيدة وصيغ متعددة للتمويل الإسلامي، مشيرا إلى أن ذلك يتطلب وجود رقابة شرعية قوية قادرة على متابعة عمل المصارف ومعرفة مدى مطابقة ما تقوم به لأحكام الشريعة الإسلامية.

وأشار الى أن هناك بعض التجاوزات تحدث من قبل مجالس إدارات بعض المصارف، الأمر الذي يتحتم معه تعيين الهيئة الشرعية من قبل الجمعية العمومية لضمان الاستقلالية وحتى لا تقع الهيئة تحت ضغوط الإدارة.

وشدد على ضرورة حصول عضو الهيئة الشرعية على دبلوم في الرقابة الشرعية كما هو متبع في السعودية والبحرين، مطالبا بتعميم هذه الدبلوما على جميع الدول التي بها مصارف إسلامية حتى يتمكن أعضاء الهيئة الشرعية من الحصول على هذه الدبلوما، بالإضافة إلى وجود مواصفات أخرى للعضو تتمثل في أن يكون دارس فقه أو شريعة وأن تضم الهيئة الشرعية خبيرا اقتصاديا ومحاسبا قانونيا وشرعيا. ومن جانبه، أيد الدكتور عبد الحميد الغزالي خبير المصرفية الإسلامية ورئيس قسم الاقتصاد الإسلامي بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى سابقا فكرة استقلال هيئة الرقابة الشرعية داخل المصرف الإسلامي، مشيرا إلى أن المصرفية الإسلامية نهج تمويلي جديد لا يتجاوز عمرها أكثر من ثلث قرن، ولأنها ترتبط بجانب هام من الاقتصاد الإسلامي وبالإسلام كدين ونظام حياة شامل وكامل تأتي الأهمية القصوى للرقابة الشرعية على العمل المصرفي الإسلامي، حيث لا يتصور مصرفا إسلاميا ويخطئ في المعاملات.

وأشار إلى أهمية أن تقوم المصارف الإسلامية بتوحيد المصطلحات والمفاهيم المحاسبية الخاصة بصيغ وأساليب الاستثمار الإسلامية وأن تكون هناك هيئة رقابة على مستوى البنك المركزي على أساس أن يتأكد من الصيغة الإسلامية لعمل المصارف الإسلامية، موضحا أن ذلك يتطلب أن يكون هناك قانون خاص للمراقبة والتفتيش على هذه المصارف وتحديد العلاقة المصرفية بين البنك المركزي وبينها كما هو الحال في دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين، بجانب التجارب التي تحولت إلى المصرفية الإسلامية بالكامل في السودان وإيران.

ومن جانبه، أكد الدكتور عزت عبد الله خبير المصرفية الإسلامية أهمية دور الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية، خاصة أن هناك أوعية ادخارية بها شبه تعاملات ربوية يجب منعها وتقديم منتجات جديدة تتفق مع الشريعة الإسلامية وتطورات المعاملات المالية. وطالب بضرورة تفرغ الهيئات الشرعية بشكل كامل للعمل بالمصارف الإسلامية، خاصة مع تزايد نشاط هذه النوعية من المصارف، مشيرا إلى أن تزايد الجدل الذي يدور حول كثير من المعاملات الإسلامية لا يصلح معه وجود أعضاء غير متفرغين للمصرف ولا تستطيع القيام بمراقبة ورصد سير عمل المصارف الإسلامية والتزامها وتطبيقها في معاملاتها للأحكام الشرعية.