أوضاع لبنان السياسية «تخنق» حركة البنوك الإسلامية

المدير العام للبنك الإسلامي اللبناني: عملنا يصطدم بعقبات

TT

تعاني البنوك الإسلامية العاملة من لبنان من ضموراً جدياً في حركتها ونمو مؤشراتها على خلفية انطلاق اعمالها بالتزامن مع دخول البلاد مرحلة اضطراب واجهتها منذ العدوان الاسرائيلي صيف العام الماضي، وأزمة سياسية عاتية لا تزال فصولها مستمرة.

وتسعى البنوك الاربعة، المرخصة بموجب القانون 520 الصادر عام 2004 والتعميمات التطبيقية اللاحقة الصادرة تباعاً عن البنك المركزي، الى انتاج مساحات خاصة بمنتجات وخدمات تتوافق من جهة مع الشريعة الاسلامية وذات مزايا تنافسية من جهة موازية مع خدمات المصارف التجارية.

وتواجه مساعي البنوك الإسلامية مشكلات مستعصية في ايجاد سوقها الخاص والتنافسي لأسباب جوهرية.

ومن هذه المشكلات عدم الاستفادة من التسهيلات المدعومة التي يمنحها البنك المركزي من خلال مؤسسات مستقلة معنية بتمويل الاسكان والسياحة والزراعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وثانيها انتشار محدود لفروع البنوك الاسلامية لا يتجاوز مراكزها الرئيسية وفروعاً قليلة تابعة في مواجهة نحو 800 فرع تابع للمصارف التجارية في مختلف المناطق. وثالث المشاكل التى تواجه المصرفية الاسلامية، هى ضرورة توفر الاقتناع والوعي الكافيين لدى المستثمرين والمساهمين بطبيعة عمل البنوك الاسلامية ومفاهيمها الاساسية. وهنا يؤكد خضر تمساح المدير العام للبنك الاسلامي اللبناني (بنك تابع لمجموعة الاعتماد اللبناني) «إن الأوضاع العامة السائدة في البلاد تؤثر سلباً على كل القطاعات كافة، لكن القطاع المصرفي الاسلامي يصطدم ايضاً بعقبات ذاتية تتطلب ادراكاً افضل لروحية العمل المصرفي والمالي الاسلامي من قبل المساهمين ومجالس الادارات.

وأضاف ان ذلك تتطلب تنسيقاً اكبر واشمل مع البنك المركزي وكل المؤسسات ذات العلاقة بهدف ازالة اي لبس لفظي او قانوني يحول دون تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص مع المصارف التجارية وبالاخص في مجال التمويل الذي يشمل التسهيلات المدعومة في قطاعات انتاجية حيوية، كما يشمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

ويقول تمساح «ان ركيزة العمل المصرفي الاسلامي هي الاستثمار من خلال الشراكة. فنحن لا نستطيع منافسة المصارف التجارية في الاستحواذ على حصة جيدة في مجال صيرفة الشركات والمؤسسات Corparate Banking. وأضاف ان السوق اصلاً ليست كبيرة والعملاء المصنّفون جيدين هم موضع منافسة كبيرة بين المصارف التجارية ذاتها، اما الشراكة المباشرة التي تقع في صلب مفاهيمنا فهي ليست موضع اهتمام جدي منهم. وهذا ما يتوجب إدراكه وإعداد الاستراتيجيات والخطط المناسبة لمواكبته.

ويوضح تمساح: «من المعلوم ان القطاع العقاري اللبناني كان الاقل نمواً وارتفاعاً في المنطقة. وهو يمثل مركز جذب واعداً لضخ رساميل واستثمارات من خلال المشاركة مع المقاولين. لا سيما من المصرفية الإسلامية بالإضافة الى العوائد النوعية الكامنة في هذا القطاع فانه يوفر فرصة رأس المال المضمون التي من الممكن ان تستفيد منها بنوك تعتمد على خدمات تتوافق مع الشريعة، من خلال المساحة العقارية بذاتها وما تمثله من قيمة مالية تعادل قيمة الاستثمار وتتجاوزه بعد انشاء المباني والمراكز سواء منها للأغراض التجارية أو السكنية.

ويشير الى تقرير حديث أعدته إحدى المؤسسات العقارية الموثوقة يترقب فورة نوعية في قطاع العقارات اللبناني بما يعادل 5 أضعاف الأسعار السائدة حالياً على مدى السنوات الثلاث المقبلة على غرار تضاعف الأسعار في الدول المجاورة ومنطقة الخليج ومنها، تضاعف الأسعار 6 مرات في دمشق و10 مرات في عمان. فيما يتطلع المستثمرون بشغف الى السوق العقاري اللبناني مما قد يكون فرصة استثمارية امام البنوك الإسلامية.

وتتوفر سيولة مالية كبيرة بمئات مليارات الدولارات في المنطقة والعائق الوحيد حاليا هو الأزمة السياسية الداخلية والمخاوف من تداعياتها. ويشير تمساح الى ان البنوك الإسلامية العاملة في لبنان حاليا «ستواجه أيضا منافسة في قطاعها خلال المرحلة المقبلة من خلال البنوك الجديدة الوافدة او التابعة لمؤسسات مصرفية محلية تعكف على تأسيس بنوك إسلامية، وهذا التنافس على حصة محدودة أصلا يفرض توسعا في السوق وتنويعا مدروسا في الخدمات والمنتجات خصوصا في مجال الاستثمار المباشر او المشاركة في قطاعات جاذبة وحافلة بعوائد مرتفعة لاسيما العقارات والنصاعة.

ويملك المستثمرون الخليجيون خبرات وساعة ومتراكمة في هذه الأنواع من الأنشطة، وهم مهتمون بدخول قطاع الصيرفة الإسلامية اللبنانية ووضع خبراتهم واستثماراتهم في هذه المجالات».

وما ينطبق على صيرفة الشركات ينطبق بشكل مواز على صيرفة التجزئة Retail Banking، فالمصارف التجارية متمرسة في هذا المجال ولديها مروحة واسعة من الخدمات والمنتجات الخاصة بالأفراد في سوق شديدة التنافسية. ومن يريد دخول السوق واستحواذ حصة في هذا المضمار عليه إضفاء قيمة مضاعفة على هذه الخدمات مع الاستفادة من شريحة معينة ترغب او تلتزم الصيرفة الإسلامية.

ويرى تمساح ان صيرفة التجزئة هي احد منافذ العمل المصرفي الاسلامي لكنها لا تشكل وحدها السوق الكافية لتنمية الأعمال والمؤشرات. وليست أيضا المجال الأنسب لفلسفة الصيرفة الإسلامية القائمة على خدمة المجتمع والفرد من خلال تنمية الأعمال والمشاركة المباشرة في المشاريع التنموية ذات المضامين الاقتصادية والاجتماعية.