ضبط الجودة الشرعية في المؤسسات المالية

TT

الشريعة الإسلامية هي الركن الأساسي الذي تقوم عليه الصيرفة الإسلامية فهي شعارها ومضمونها فمنها انطلقت الفكرة وبها تميزت صناعة الصيرفة الإسلامية عن الصيرفة التقليدية ولذا كان لا بد من العناية بضبط الجودة الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية والمنتجات الإسلامية المقدمة من قبل المصارف التقليدية للتأكد من ان العمليات المنفذة تتم وفق أحكام الشريعة الإسلامية. ويمكن تقسيم هذه المعايير إلى قسمين قسم يتعلق بالمؤسسة المالية الإسلامية وقسم يختص بالمنتج الإسلامي فأما ما يتعلق بالمؤسسة المالية الإسلامية فإن من أهم عوامل قياس الجودة الشرعية في هذه المؤسسة هو ان ينص عقدها التأسيسي ونظامها الأساسي على أنها تخضع لأحكام الشريعة الإسلامية في جميع أعمالها وبالتالي فإن جميع أنظمة المؤسسة ولوائحها وسياساتها وإجراءاتها يجب ان تصاغ وفق أحكام الشريعة الإسلامية وأي مخالفة في هذا الجانب يعتبر قصورا في الجودة الشرعية للمؤسسة المالية الإسلامية أما ما يختص بجودة المنتج الإسلامي سواء كان مقدما من قبل مؤسسة مالية إسلامية أو تقليدية فيتم قياس جودته بالنظر إلى العوامل التالية:

أولا: استقلالية الهيئة الشرعية: بحيث يتم تعيينها والاستغناء عن خدماتها من قبل الجمعية العمومية للمؤسسة المالية أسوة بالمحاسب الخارجي، وان لا تشمل عضويتها أي موظف في المؤسسة المالية بحيث يتم الاطمئنان إلى استقلالية قراراتها وتقاريرها وضمان عدم وجود تضارب في المصالح. ثانيا: إلزامية قرارات الهيئة الشرعية: يجب النص في قرار تعيين الهيئة الشرعية على إلزامية قراراتها.

ثالثا: عضوية الهيئة الشرعية: يجب ان يكون اختيار أعضاء الهيئة الشرعية تم وفق معايير مهنية واضحة مثل المؤهل العلمي المناسب والدراية بالصناعة المصرفية كما انه لا يجوز ان يوجد في عضوية الهيئة الشرعية من يتبنى اجتهادا يخالف فيه الأصل الذي قامت عليه الصناعة مثل القول بجواز الفوائد المصرفية.

رابعا: الفتوى تعتبر الفتوى من حيث انضباطها من أهم المعايير في تقييم الجودة الشرعية للمنتج ويمكن تقييم انضباط الفتوى وفق التالي:

أ ـ عدم مخالفتها للفتاوى الصادرة عن المجامع الفقهية (ان وجدت). ب ـ ان لا تكون مبنية على رأي فقهي مرجوح أو شاذ. ج ـ وجود التأصيل الشرعي المبني على الدليل.

خامسا: الرقابة الشرعية الداخلية: لا يمكن الوثوق بأي مؤسسة مالية تطرح منتجا ماليا إسلاميا بدون وجود رقابة شرعية داخل هذه المؤسسة تتابع وتتأكد من تنفيذ قرارات الهيئة الشرعية ومن ثم ترفع تقريرها مباشرة للهيئة الشرعية للنظر في المخالفات واتخاذ قرار بشأنها ولا يمكن الحكم على المنتج الذي تقدمه هذه المؤسسة أو تلك بأنه متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية إلا بوجود هذه الرقابة الشرعية حيث المخالفات الكثيرة للشريعة الإسلامية التي تعاني منها منتجات الصيرفة الإسلامية تحدث في مرحلة التطبيق وكلما كانت الرقابة الشرعية الداخلية مستقلة وذات صلاحيات قوية في المؤسسة المالية دل ذلك على الجودة الشرعية. سادسا: السياسات والإجراءات يجب ان تكون سياسات وإجراءات ومنتجات الصيرفة الإسلامية واضحة وشفافة في إيضاح دورة المنتج كما يجب ان تكون مفصلة بحيث تحمي المنتج من الاجتهادات الفردية وان تحقق الانضباط الشرعي المطلوب فلا يجوز مثلا ان يتم استخدام أموال مستثمري المنتج الإسلامي البديل عن الودائع الآجلة في الإقراض الربوي حيث ان هذا مخالف لقصد المستثمرين في هذا المنتج وهو من باب الغش والخداع، أو ان تبيع المؤسسة المالية على عميل المرابحة الراغب في التورق سلعة لا تملكها المؤسسة المالية اعتمادا على عدم رغبة العميل في السلعة. سابعا: التسجيل المحاسبي: يجب ان يتم التسجيل المحاسبي وفق المعايير المحاسبية الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية. هذه أهم معايير ضبط الجودة الشرعية التي أرى انه يجب مراعاتها عند تقييم الجودة الشرعية لمؤسسة أو منتج الصيرفة الإسلامية.

* مستشار في المصرفية الإسلامية [email protected]