التصنيف الائتماني والخلاف الفقهي حول الصكوك

TT

حسب التقرير الذي نشرته الاقتصادية أجمعت وكالات التصنيف الائتماني على أنها لا تأخذ في الاعتبار عند التصنيف الائتماني للصكوك مبدأ شرعية الصك من عدمه لان الحكم على شرعية الصك من عدمه هو عمل الهيئات الشرعية. والحقيقة أنني أرى ان هذا خلل غير مقبول في مبدأ التصنيف نظرا لكون المخاطر الشرعية يجب ان تؤخذ في الاعتبار عند تصنيف الصكوك. حيث ان الطعن في عدم شرعية الصكوك لأنها قائمة على فتاوى تخالف قرارات المجامع الفقهية ومؤسسات الاجتهاد الجماعي أو بنيت على رأي قوي فيه الخلاف بين العلماء سيؤدي إلى عدم الاكتتاب بها أو شرائها من قبل المستثمرين نظرا للشكوك التي تحيط بشرعيتها مما ينتج عنه تراجع سيولة هذه الصكوك (أي القدرة على تداولها) وهذا ما اقر به ريموند هيل من مؤسسة فتش. ولا شك ان سيولة الصكوك عامل مهم في قرار المستثمرين شراء هذه الصكوك من عدمه. كما ان تبين عدم شرعية الصكوك بعد شراء المستثمرين لها قد يؤدي بهم إلى بيعها بأقل من ثمنها للتخلص منها وبالتالي خسارتهم لجزء من استثماراتهم على فرض أنهم وجدوا من يشتريها. إذا أضفنا إلى ذلك المخاطر القانونية في حال حدوث نزاع حول هذه الصكوك والتي تنشأ عن الحكم بمخالفة الصكوك للشريعة الإسلامية مما يجعلها عرضة للإبطال أو انتقاص حقوق حامليها بفساد بعض شروطها وفقا لاجتهاد القضاء، فإن مراعاة انضباط هذه الصكوك بأحكام الشريعة الإسلامية وبالآراء الفقهية المعتبرة يصبح متعينا على مؤسسة التصنيف الائتماني ويجب ان يظهر اثر ذلك في التصنيف الائتماني للصكوك وذلك حتى يطمئن المستثمرون إلى نتيجة هذا التصنيف. وأي تصنيف لا يراعي الرأي الفقهي الذي قامت عليه الصكوك من حيث قوة الرأي الفقهي أو شذوذه لا يعتبر تصنيفا يعبر بكل شفافية ووضوح عن المخاطر المحيطة بهذا النوع من الاستثمار.

ولعلني اعزوا أسباب عدم اعتبار مؤسسات التصنيف الائتماني للخلاف الفقهي عند تصنيفها للصكوك إلى ما يلي:

أولا: معاملة مؤسسات التصنيف الائتماني الصكوك على أنها أدوات دين وعدم مراعاة الخصوصية التي تتمتع بها الصكوك عن سندات الدين التقليدية حيث انها تمثل حصص ملكية في الأصول المكونة للصك بخلاف السندات التي لا تمثل أي حقوق ملكية.

ثانيا: عدم وجود الخبرات الشرعية المؤهلة داخل هذه المؤسسات لإيضاح هذا الجانب وبالتالي فإن هذه المؤسسات تنأى بنفسها عن الخوض في هذا المجال. ثالثا: عدم وجود معايير شرعية واضحة وموحدة للصكوك يمكن لمؤسسات التصنيف الائتماني تطبيقها والاحتكام إليها.

ويمكن معالجة هذا الخلل بتضافر الجهود بين مؤسسات التصنيف الائتماني ومؤسسات الصيرفة الإسلامية المساندة مثل هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية ومجلس الخدمات المالية الإسلامية والوكالة الدولية الإسلامية للتصنيف لإيجاد معايير للتصنيف الائتماني تختص بالصكوك الإسلامية بحيث يكون للخلاف الفقهي الوارد في هيكل الصك المصنف نصيب في التصنيف، مع استعانة هذه المؤسسات بأهل الخبرة من علماء الشريعة لإيضاح هذا الجانب إلى ان يتم الوصول لمعايير شرعية موحدة للصكوك.

* مستشار في المصرفية الإسلامية [email protected]