القوائم الشرعية لتداول الأسهم

TT

يتساءل الكثيرون من المتعاملين في سوق الأسهم عن سبب تعدد القوائم الشرعية للشركات المساهمة، والتي يقوم بإعدادها إما بعض المشايخ المستقلين المهتمين بهذا الشأن على سبيل الاحتساب مع ما يتطلبه ذلك من بذل الجهد والمال، أو المؤسسات المالية الإسلامية أو المؤسسات المالية التي تقدم منتجات إسلامية لعملائها كإدارة المحافظ الخاصة وصناديق الاستثمار الإسلامية التي تستثمر في أسواق الأسهم، وقد أدى ذلك إلى تشوش الكثيرين حول مدى شرعية معاملاتهم في سوق الأسهم، فلماذا تعددت هذه القوائم ؟ وما هو السبب في انتقال بعض شركات هذه القوائم ما بين فينة وأخرى من قائمة الحلال إلى الحرام والعكس؟ ثم بأي قائمة يأخذون؟

الحقيقة ان منشأ تعدد هذه القوائم يعود في أصله إلى الخلاف بين العلماء المعاصرين في حكم شراء وبيع أسهم الشركات التي يكون اصل نشاطها مباحا ولكن لديها بعض الأنشطة أو الاستثمارات المحرمة، مثل ان تكون الشركة شركة لصناعة الاسمنت أو شركة ألبان ولكنها تقترض بالربا أو تستثمر أموالها كودائع ربوية في المصارف، أو في شراء سندات الدين وغيرها من الأدوات المالية المحرمة، فبعض العلماء يرى إباحة الاستثمار في هذه الشركات للحاجة إليها مع نصه على حرمة الربا ولو قل وانه يجب على المستثمر التخلص منه، ومنهم من يرى حرمة الاستثمار فيها مطلقا، ومن هنا نشأت قوائم الشركات التي اصطلح على تسميتها بالمختلطة والنقية، ثم ان من يرون جواز الشركات المختلطة منهم من يرى جواز التداول فيها مطلقا بدون أي ضوابط ومنهم من وضع ضوابط مالية لتداولها بناها على اجتهاده المحض، وقد اختلفت هذه الضوابط من هيئة شرعية إلى أخرى، ومن عالم إلى آخر، فمثلا نص البعض على عدم جواز شراء أسهم الشركات التي تتجاوز القروض الربوية لديها 25% من إجمالي موجودات الشركة في حين زاد البعض هذه النسبة إلى 33% مع نسبتها إلى القيمة السوقية بدلا من الموجودات، ولا شك ان الخلاف في هذه النسب ينعكس على قوائم الشركات القائمة عليها لذا نجد تباينا شديدا بين كل قائمة وأخرى، إذا أضفنا إلى ذلك ضعف الشفافية والإفصاح لدى الشركات المساهمة خصوصا في جانب الأدوات الإسلامية حيث يتم التسجيل المحاسبي في قوائم هذه الشركات بشكل موحد، إما تحت بند القروض أو الودائع أو استثمارات دون الإشارة في الإيضاحات إلى الأدوات الإسلامية المستخدمة، مما يلقي بتبعة التأكد من هذه التفاصيل على مُصدر القائمة فتجد ان البعض يجتهد في الوصول للمعلومة الدقيقة والبعض الآخر يكتفي بما ورد في قوائم الشركة المالية دون بذل أي جهد إضافي لتدقيقها، مما يؤدي إلى اختلاف هذه القوائم الناتج عن توفر المعلومة الصحيحة لدى طرف دون آخر حيث من الممكن ان تجد شركة في القائمة النقية في حين تكون محرمة في القائمة المختلطة.

أما لماذا تنتقل بعض الشركات من دائرة الحلال إلى الحرام في هذه القوائم فالسبب هو ان بعض الشركات عند مراجعة مصدري هذه القوائم من المشايخ والمؤسسات المالية لتقاريرها المالية ربع السنوية يجدون تغيرا في أنشطتها المالية، مثل ان تكون اقترضت بالربا فتخرج من القائمة النقية إلى المختلطة أو المحرمة، إذا تجاوزت النسبة المحددة للقروض الربوية عند من يرى جواز تداول أسهم الشركات المختلطة ولكن بضوابط فتصبح حراما بعد ان كانت حلالا.

ولعل القارئ الكريم يتساءل الآن وكيف لي ان اختار بين هذه القوائم المتعددة والاجتهادات المختلفة؟ فأقول له كما قال العلماء من قبل في من ليس من أهل الاجتهاد بأنه يجب عليه اتباع من يثق في تقواه وعلمه من العلماء دون ان يكون الدافع لهذا الاتباع الهوى أو التعصب الأعمى للأشخاص، فالحق أحق ان يتبع.

* مستشار في المصرفية الإسلامية [email protected]