خبير مصرفي لـ «الشرق الأوسط»: البنوك تتحفظ على 98 % من إصدارات الصكوك الإسلامية لتكثيف موجوداتها

انطلاق فعاليات المؤتمر الأول للصكوك الإسلامية في البحرين اليوم

الصكوك الإسلامية أصبحت الخيارَ الأولَ لمعظم المستثمرين في منطقة الشرق الأوسط ودول شرق آسيا («الشرق الأوسط»)
TT

باتت الصكوك الإسلامية الخيارَ الأولَ لدى معظم المستثمرين في منطقة الشرق الأوسط ودول شرق آسيا، فبعد أن كانت لا تتجاوز العدد البسيط من الإصدارات أصبحت اليوم هي الخيار المفضل لدى معظم المتعاملين مع المصرفية الإسلامية.

ويرى العديد من الخبراء أن ثورة المصرفية الإسلامية حاليا، وحتى الأعوام العشرة المقبلة ستكون في الصكوك الإسلامية التي باتت البنوك الإسلامية والمؤسسات المالية الإقليمية والعالمية تتنافس فيما بينها لإصدار مزيد من هذا المنتج.

ورغم ما صاحب الصكوك الإسلامية من صخب وجدل واسع بعد تصريحات رئيس المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، وتأكيده أن أكثر من 85 في المائة من إصدارات الصكوك الحالية غير شرعية، إلا أن الهدوء عاد مرة أخرى لهذه السوق بعد إصدار بيان من هيئة المحاسبة أوضحت من خلاله ما أثير حوله من جدل شرعي في الصكوك الإسلامية.

ويرى العديد من خبراء الصيرفة الإسلامية أن الصكوك تعد البديل الإسلامي عن السندات الحكومية، حتى إنه يتوقع أن تغري الصكوك الإسلامية الأفراد أكثر من الشركات والمؤسسات المالية الإسلامية، كونها آخذة بالزيادة والنمو في معظم دول مجلس التعاون الخليجي وعدد من دول آسيا وبعض الدول الأوروبية.

وفي هذا الصدد، يقول عبد الحق القفصي الخبير المصرفي ومدير عام شركة الاستشارات المالية الإسلامية، إنه يتوقع دخول الأفراد أكثر خلال الأعوام القليلة المقبلة، وسيكون اللاعبون الرئيسيون لزيادة الإصدارات جنباً إلى جنب مع المؤسسات والشركات الأخرى.

وتوقع القفصي أن تكون الصكوك الإسلامية مستقبل الاقتصاد الإسلامي بشكل عام، خاصة لما تتمتع به من ديناميكية ومرونة في التأقلم مع أوضاع السوق، مبينا أن ما تعرضت له هذه السوق من هزات بعد تصريحات هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية كان عاملا إيجابياً لتصحيح وضع السوق الذي لا بد له من مراجعة نفسه بين فترة وأخرى.

ولم يشأ القفصي تسمية الوضع الراهن لسوق الصكوك بالناضج، وإنما «هو سوق لا يزال في مرحلة الحضانة، ويحتاج إلى وقت أطول»، متوقعا أن تنمو الصكوك الإسلامية بشكل أكثر، مما هو موجود حالياً خلال خمسة أو عشرة أعوام المقبلة مع زيادة الطلب على المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.

وحول وضع سوق الصكوك الإسلامية، أوضح القفصي أن نحو 98 في المائة من الإصدارات الأخيرة للأسف تحتفظ بها البنوك الإسلامية، وأن هذا ما جعل الصكوك لا تتداول بشكل يتماشى وحجم الطلب عليها. وعلل احتفاظ البنوك الإسلامية بإصدارات الصكوك بأنها تبحث عن تكثيف موجوداتها في الميزانيات، أو أنها ربما وبسبب ندرة الإصدارات تحتفظ بالصكوك الإسلامية.

وتوقعت مؤسسة «ستاندرد آند بورز» العالمية أن يتجاوز إجمالي قيمة إصدارات الصكوك 100 مليار دولار خلال العامين المقبلين، مشيرة إلى أن الصكوك تحولت في الآونة الأخيرة إلى «ظاهرة عالمية»، مع اهتمام العديد من المؤسسات والحكومات باعتمادها بديلاً تمويلياً مناسباً لمواكبة خطط التوسع والاستثمار.

وقالت «ستاندرد آند بورز» في تقرير أصدرته أخيراً، إن حجم سوق الصكوك زاد أكثر من الضعف خلال عام 2007 إلى ما يزيد على 60 مليار دولار، استمراراً لنموه الكبير منذ عام 2001 عندما كان حجم القطاع أقل من 500 مليون دولار.

فيما تشير مؤسسة «مورغان ستانلي» إلى أن 12 إصداراً للصكوك في الطريق بقيمة إجمالية تصل إلى 9.93 مليار دولار، من المتوقع طرحها خلال النصف الأول من العام الجاري وتشمل على سبيل المثال إصدارات بمليار دولار لصالح هيئة مياه وكهرباء دبي، وآخر بقيمة ملياري دولار لصالح رأس الخيمة العقارية، كما تخطط أملاك للتمويل لطرح إصدار بقيمة 260 مليون دولار، إلى جانب عدة إصدارات، قيمة كل منها مليار دولار لصالح قطر للأسمدة، وأبيار العقارية الكويتية، وبنك الدوحة، وبنك البحرين الإسلامي.

وتعتقد «ستاندرد آند بورز» أن القطاع مرشح للحفاظ على معدلات نموه العالية خلال الأعوام القليلة المقبلة، بحيث يتجاوز إجمالي قيمة الإصدارات 100 مليار دولار في العامين المقبلين وحدهما، في ضوء الاحتياجات التمويلية الهائلة في دول الخليج وآسيا على وجه الخصوص.

وحسب «ستاندرد آند بورز» تعد صكوك الايجارة «التمويل التأجيري»، وصكوك المشاركة هي الأكثر شعبية بين فئات الصكوك المختلفة أخيراً.

وقال التقرير إن الدولار الأميركي لا يزال يهيمن على إصدارات الصكوك عالمياً، غير أن حصته تراجعت تدريجياً في الأعوام الخمسة الأخيرة مع اهتمام بعض الجهات المصدرة بتقويم إصداراتها من الصكوك بعملات محلية.

وتحظى الصكوك باهتمام متزايد في منطقة الخليج إلى جانب الدول الإسلامية في جنوب شرقي آسيا. وتعتبر أداة تمويلية مهمة لمواكبة البرامج الاستثمارية واسعة النطاق التي تطبقها العديد من الدول، وخاصة في الخليج حيث تقدر «ستاندرد اند بورز» تكاليف مشروعات البنية الأساسية الضخمة بما يزيد على 1.6 تريليون دولار.

ولا تعتقد «ستاندرد آند بورز» أن نمو قطاع الصكوك سيتراجع في ظل احتدام الجدل حول مطابقتها للشريعة الإسلامية. وتشير المؤسسة إلى أن الجدول بشأن الصكوك من شأنه إيجاد مزيد من المعايير والضوابط، وتشجيع الابتكار في هذا القطاع، خاصة بالنسبة للصكوك المستندة إلى أصول، والتي لا تستفيد من «تحسينات ائتمانية» أو ضمانات من أطراف ثالثة، وبعض المقومات الإضافية الأخرى التي تعزز من الجدارة الائتمانية للصكوك.

وتتوقع «ستاندرد آند بورز» أن تقدم دول غير إسلامية على إصدار صكوك في المرحلة المقبلة، خاصة بريطانيا واليابان، حيث أعلنت الحكومة البريطانية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2007 عن سعيها لاستشارات بشأن إمكانية إصدار صكوك بالجنيه الإسترليني. كما أعلن بنك التعاون الدولي الياباني عن نيته لإصدار صكوك بقيمة تتراوح بين 150 و200 مليون دولار في مايو (أيار) المقبل.

ويتوقع «مورغان ستانلي» أن تحافظ إصدارات الصكوك الجديدة على معدلات نمو عالية عام 2008 على الرغم من الضغوط المتزايدة على السيولة عالمياً، وألا تتراجع تكلفة الاستدانة بصورة جوهرية عن مستوياتها الحالية.

وأضافت «مورغان» أنه لا يعتقد أن الشركات الخليجية ستكون قادرة على تأجيل خطط التوسع أكثر من ذلك، وأنه يتوقع أن تؤدي المصارف الخليجية، وخاصة الإسلامية، دوراً متزايداً في إصدار الصكوك بسبب أن نمو ودائع العملاء أقل من نمو الموجودات، إلى جانب التوقعات بالعوائد التراكمية الأعلى على الأصول في السنوات القليلة المقبلة، الأمر الذي سيدفع البنوكَ إلى جمع المزيد من الأموال متوسطة وطويلة الأجل.

وتعتقد «مورغان ستانلي» أن اهتمام الدول غير الإسلامية بإصدار صكوك وليس سندات تقليدية، يعكس الظروف المواتية في السوق لإصدار الصكوك وإدراجها نتيجة الطلب المتزايد على أدوات إسلامية مطابقة للشريعة الإسلامية.

من جهة اخرى، تنطلق اليوم (الثلاثاء) فعاليات «المؤتمر العالمي الأول للصكوك الإسلامية» الذي تستضيفه البحرين وتنظمه مجموعة (سما. وتوب. اكسبو) لتنظيم المعارض والمؤتمرات بالتعاون مع شركة دار الاستثمار، تحت رعاية محافظ مصرف البحرين المركزي.

وقال يوسف مال الله، نائب أول الرئيس التنفيذي في شركة دار الاستثمار، إن المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية فرضت واقعا جديدا تشعبت منه أدوات استثمارية جديدة، منها الصكوك الإسلامية، مبينا أن مشاركة الشركة تأتي بعد تعزيز الشركة لخبرتها ومكانتها في سوق الصكوك المزدهر.

وأوضح مال الله أن التقديرات تشير إلى أن حجم الصكوك ارتفع على مستوى العالم إلى أكثر من 40 مليار دولار حتى الربع الثالث من العام الحالي، وأنه يتوقع أن يشهد سوق الصكوك الإسلامية في دول الخليج رواجا كبيرا خلال السنوات القليلة المقبلة، خاصة مع توجهات دول المنطقة لإصدار تشريعات تسمح للمؤسسات المالية الإسلامية بإصدار صكوك.

ولفت مال الله إلى أن رواج الصكوك الإسلامية لم يقتصر على البلاد الإسلامية فقط بل شهدت الصكوك إقبالا عليها في الدول الأوروبية، وأن المؤتمر سيساهم في فتح آفاق جديدة وأكثر تنوعاً لاستثمار الأموال من خلال الأدوات والمنتجات المالية والاستثمارية الإسلامية المتاحة، والاضطلاع بعملية تأسيس وإصدار الصكوك، الأمر الذي يتيح الاستفادة من أفضل الفرص الاستثمارية الواعدة واقتناصها من خلال الاستفادة من خبرة ودراية دار الاستثمار في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية، إلى جانب علاقاتها المصرفية المتشعبة. وأفاد مال الله بأنه ينظر إلى الصكوك على أنها من أفضل وسائل اجتذاب المدخرات وتجميع الأموال لتمويل مشروعات التنمية، خاصة مشروعات البنية التحتية ذات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية. والمعروف أن الصكوك الإسلامية هي بمثابة أدوات دين في الأسواق الإسلامية كوسيلة لتمويل المشاريع. كما يمكن الاتجار بها وبيعها بسهولة ولا يقتصر الإقبال على شرائها على المستثمرين المسلمين فقط بل يشمل كافة المستثمرين. وباتت الصكوك من الأدوات المالية الإسلامية الأكثر جذباً للمؤسسات المالية العربية والإسلامية منها والأجنبية، وذلك في ضوء الطلب المتزايد عليها في الأسواق العالمية، خصوصا أن الصكوك الإسلامية ظهرت كواحدة من الأدوات الإسلامية المبتكرة خلال السنوات القليلة الماضية.

ومن المتوقع أن يناقش المؤتمر عددا من المحاور المهمة، منها هيكلة سوق الصكوك، ومعدلات الصكوك، وديناميكية الصكوك، والتحديات في سوق الصكوك، والصكوك كأداة تغيير في تمويل الشركات.

من جانبه، قال وليد القدومي، العضو المنتدب في مجموعة توب اكسبو، ومجموعة سما إن فكرة إقامة مؤتمر دولي عن الصكوك الإسلامية تولدت في ظروف تشهد بها الأسواق فورة حقيقية في إصدارات الصكوك سواء في الأسواق العربية أو الآسيوية أو الأجنبية.

وأضاف القدومي أن الصكوك باتت من الأدوات المالية الإسلامية الأكثر جذبا للمؤسسات المالية العربية والإسلامية منها والأجنبية، وذلك في ضوء الطلب المتزايد عليها في الأسواق العالمية، خصوصا أن الصكوك الإسلامية ظهرت كواحدة من الأدوات الإسلامية المبتكرة خلال السنوات القليلة الماضية.

كما أوضح أن فعاليات المؤتمر تشتمل على العديد من المحاور؛ أبرزها هيكلة سوق الصكوك، معدلات الصكوك، ديناميكية الصكوك، التحديات في سوق الصكوك، والصكوك كأداة تغيير في تمويل الشركات.