الصكوك أداة لإدارة السيولة

لاحم الناصر

TT

تمر معظم دول الخليج العربي بطفرة اقتصادية هائلة ناتجة عن ارتفاع أسعار النفط التي لم يشهد لها التاريخ مثيلا في تسارعها، حيث بات سعر برميل النفط يحقق كل يوم رقما جديدا في سباق سعري محموم فوصل سعر برميل النفط اليوم إلى 122 دولار. ويتوقع المحللون ان يصل سعر برميل النفط في نهاية العام إلى 200 دولار مما ولد فوائض نقدية هائلة لدى هذه الدول، وإذا أخذنا في الاعتبار قلة الفرص الاستثمارية المتاحة مع ضعف أسواق رأس المال في هذه الدول وصغر حجمها بحيث أنها ليست قادرة على امتصاص هذه السيولة وتوظيفها التوظيف الايجابي بما يخدم التنمية المستدامة في هذه الدول، ومما زاد الطين بلة قلة كلفة الاقتراض في هذه الدول نتيجة ربط عملتها بالدولار والذي يحتم على هذه الدول مجارة البنك المركزي الأميركي في خفضه سعر الإقراض الذي يسعى من خلاله إلى تفادي شبح الكساد في أميركا. إذا أضفنا إلى ذلك ضخ الكثير من هذه الدول كما هائلا من السيولة لتعزيز شبكة بنيتها التحتية وتنويع مصادر الدخل لديها في محاولة منها لتفادي أخطاء الطفرة الماضية، فإن ذلك لا محالة سيزيد من التضخم الذي تحاول السيطرة عليه في معركة غير متكافئة، حيث تخوض هذه الدول معركتها وهي مجردة من أهم أسلحتها في إدارة السيولة وهو رفع كلفة التمويل بسبب ربط عملتها بالدولار فوقعت بين مطرقة فائض السيولة وسندان ربط العملة.

وسأضرب مثالا على ذلك المملكة العربية السعودية التي تسعى إلى تأسيس المدن الاقتصادية في مختلف أرجاء المملكة وتطوير شبكة النقل لديها باستحداث شبكة من الخطوط الحديدية الحديثة التي تربط أرجاء المملكة ببعضها وتطوير المرافق الحيوية كالمطارات والمستشفيات والجامعات مما أدى إلى ضخ الدولة الكثير من السيولة في سوق متخمة بالسيولة أصلا فأصبحت هذه السيولة مترددة بين قناتي الاستثمار المتاحة الأسهم والعقار، ففي أول الأمر دخلت هذه السيولة سوق الأسهم فأدت إلى ما يسمى بفقاعة الأسهم ثم ها هي تتجه إلى العقار فترتفع أسعاره بشكل متسارع على شكل طفرات سعرية حتى أصبحت أسعار الضواحي لا تطاق فضلا عن المدن ولا شك ان الخيارات المتاحة أمام الدولة لكبح جماح التضخم تبقى محدودة في ضوء ما ذكرناه سابقا. وفي نظري ان من أهم هذه الأدوات التي لم تلتفت لها الدولة ومؤسساتها بعد، الصكوك التي تشكل أداة مهمة لامتصاص السيولة وتوظيفها بشكل ايجابي يخدم الأهداف العليا للدولة والمجتمع وذلك لما تتميز به من خصائص أجملها في ما يلي:

اولا: إنها أداة متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية ستجد القبول لدى جميع المستثمرين من أفراد ومؤسسات مالية إسلامية وتقليدية وبالتالي ستؤدي إلى امتصاص جزء من السيولة، ولعل مما تجدر الإشارة إليه هنا ان 80% من مالكي الصكوك في العالم غير مسلمين.

ثانيا: تنوع هياكل الصكوك من صكوك إجارة تسمح بتذبذب العائد مع محدودية المخاطر إلى صكوك المشاركة والمضاربة عالية المخاطر والعوائد فصكوك الاستصناع والمرابحة القائمة على المداينة وغيرها من الهياكل المركبة الأخرى مما يسمح للمستثمرين بتنويع استثماراتهم تبعا للمخاطر والعوائد. ثالثا: قابليتها للتداول.

رابعا: تؤدي إلى مساهمة القطاع الخاص في تطوير البنية التحتية للدولة مما يؤدي إلى شراكة طوعية بين القطاعين العام والخاص.

خامسا: تؤدي إلى تنوع الأدوات الاستثمارية القابلة للتداول المتاحة للمستثمرين وبالتالي فتح قنوات استثمارية جديدة تساهم في تطور سوق رأس المال.

سادسا: توفير التمويل الضخم طويل الأجل للمشاريع ذات الكلفة العالية.

* مستشار في المصرفية الإسلامية [email protected]