مجلس البنوك الإسلامية يطرح أول شهادة معتمدة للمصرفي الإسلامي

مع انتشار ظاهرة ندرة الكفاءات المتخصصة وزيادة نمو القطاع

جانب من اجتماع هيئة التصنيف والرقابة التي عقدت في جدة مؤخراً («الشرق الأوسط»)
TT

طرح المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية شهادة المصرفي الإسلامي المعتمد، الذي يهدف من خلاله إلى الارتقاء بقدرات وإمكانيات موظفي الجهاز المالي والمصرفي الإسلامي.

ويسعى المجلس من خلال هذه الشهادة، التي تعتبر باكورة خطة طويلة لدعم الصناعة المالية الإسلامية، إلى تزويد العاملين في البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية بالأسس والمهارات المهنية السليمة في مجال عملهم وتمكينهم من المبادئ والمعارف الشرعية التي تنظم التطبيقات المصرفية المتنوعة.

وتواجه المصارف الإسلامية مشكلة كبيرة مع ضعف تأهيل العاملين فيها، مع وصول أعداد العاملين في المؤسسات المالية الإسلامية إلى نحو 250 ألف عامل ـ وفق تقديرات غير رسمية ـ الأمر الذي ساهم في توجيه انتقادات واسعة للمنتجات التي تطرحها البنوك الإسلامية أو التقليدية التي تقدم نوافذ إسلامية.

ووفق الشهادة الجديدة للمصرفي الإسلامي، فإن المجلس العام للبنوك الإسلامية يهدف إلى تثقيف جميع العاملين في المصارف الإسلامية بأهمية الشهادة، ولكونها تمثل الأساس الذي يعطي المتدرب التأهيل المناسب لفهم مصرفي وشرعي عميق للخدمات المالية الإسلامية.

وتخول الشهادة ـ وفق المجلس العام ـ حاملها حصوله على اعتراف مهني في التخصص، مع منحه فرصة الحصول على زمالة مهنية في المصرفية الإسلامية.

ويستهدف المجلس العام للبنوك الإسلامية من طرح الشهادة، موظفي البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، والمؤهلين أكاديميا في العلوم المالية والمصرفية، والمؤهلين أكاديميا في العلوم الشرعية وفقه المعاملات.

وتواجه المؤسسات المالية الإسلامية أزمة في توافر الكفاءات المتخصصة، خاصة مع نمو هذه السوق بين 15 إلى 20 في المائة سنويا، وتوجه كثير من البنوك التقليدية إلى التحول التدريجي إلى العمل المصرفي الإسلامي.

ووفق دراسات لواقع التدريب في هذا المجال، وجد المجلس العام للبنوك الإسلامية الذي يضم في عضويته أكثر من 150 بنكا ومؤسسة مالية إسلامية، أن معظم مراكز التدريب تفتقر إلى أبسط المصطلحات التي يجب توافرها في موظفي البنوك الإسلامية.

وأمام ذلك فإن المجلس سوف يركز من خلال طرح هذه الشهادة على تزويد المتدرب بمبادئ الاقتصاد الإسلامي، والمعاملات المالية الإسلامية، والتمويل والاستثمار الإسلامي، وغيرها من المصطلحات.

ووضع المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية هيئة عليا للإشراف على التدريب وتصديق الشهادات، يترأسها صالح كامل رئيس المجلس، وعبد الحميد أبوموسى نائبا، وعضوية نبيل نصيف وعدنان المسلم، وأحمد محمد علي حسن، وخميس بوهارون الشامسي.

والمعروف أن جميع أعضاء هذه الهيئة هم ممن يعملون في المصارف الإسلامية أو ممن يملكون خبرة واسعة في مجال المصرفية الإسلامية، الأمر الذي يعطي قوة أكثر للبرامج التدريبية التي تشرف عليها الهيئة وأهمها شهادة المصرفي الإسلامي المعتمد.

كما خصص المجلس العام للبنوك الإسلامية لجنة التدقيق والتطوير لاعتماد الشهادة، التي تتكون من الدكتور عز الدين خوجة أمين عام المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، وبشير خلاط، والدكتورة عواطف يوسف، والدكتور محمد البلتاجي، والدكتور محمد قطان، والدكتور طه الطيب. وكان المجلس العام للبنوك الإسلامية والبنك الإسلامي للتنمية قد نظما أخيرا ندوة «تطوير رأس المال البشري في الصناعة المالية الإسلامية: مبادرات وتحديات» في مدينة جدة السعودية. وناقش الملتقى الذي عقد على مدى يوم واحد «احتياجات رأس المال البشري في الصناعة المالية الإسلامية خلال السنوات العشر المقبلة»، و«التحديات والمبادرات في تطوير رأس المال البشري من خلال تعليم التمويل الإسلامي في المراحل الجامعية الأولى»، و«التحديات والمبادرات في تطوير رأس المال البشري من خلال التعليم الجامعي العالي والتدريب وشهادات الاعتماد المهنية»، و«دور الأطراف ذات العلاقة في تطوير رأس المال البشري للصناعة المالية الإسلامية». وكان صالح كامل رئيس مجلس إدارة المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية قد أكد خلال المؤتمر أن عدد العاملين في المؤسسات المالية المسجلة لدى المجلس العام يفوق 300 ألف موظف، منهم 85 في المائة هم من ذوي الخبرات والمعرفة في مجال العمل المالي التقليدي.

وأضاف صالح كامل أن هذه الأرقام جاءت وفق تقديرات متفاوتة، غير أن المؤكد من ذلك أن هؤلاء لا تزال المعرفة الشرعية لديهم متدنية بالرغم من الجهود والمحاولات الكثيرة التي تبذل هنا وهناك للارتقاء بالعاملين.

واوضح كامل أن الطبيعة التي تتميز بها هذه الصناعة تجعلها تواجه تحديا أكبر بكثير من غيرها من الصناعات على مستوى الموارد البشرية، وأن التخصص المصرفي والصفة الإسلامية المطلوبة إن لم تتوافر لدى العاملين فيها إنجازات المصرفية الإسلامية سيبقى مهددا.

واستعرض كامل خلال الكلمة مسيرة التعاون الناجحة المشتركة بين كل من المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية والمعهد الإسلامي للتدريب والبحوث، الذي يعتبر منصة استراتيجية يتم من خلالها سنوياً معالجة أحد التحديات التي تواجه الصناعة المالية الإسلامية.

وحذر صالح كامل من وضع العاملين في المؤسسات المالية الإسلامية الذي سيؤثر على مستقبل الصناعة، وينعكس على مستوى طبيعة المنتجات المالية الإسلامية السائدة في السوق التي تأخذ طبيعة ومزايا وخصائص المنتج المالي التقليدي، وغير قادرة على الخروج من دائرة محاكاة العمل المصرفي التقليدي إلى دائرة أرحب وأوسع. وشرح كامل واقع التأهيل المهني للعامل في المؤسسات المالية الإسلامية، الذي تعج به الأسواق بالدورات التدريبية والدبلومات المهنية التي تسوق تحت إطار التمويل الإسلامي. ولكن غالبية تلك الدبلومات والدورات لم يتم تطويرها بعناية الغيور على سلامة الصناعة بل بفكر التاجر الذي يسعى لمواكبة متطلبات السوق. وأكد كامل أن غالبية الدورات الموجودة حاليا في السوق هي تجارية بحتة تفتقر إلى تغطية الجوانب الهامة التي يحتاجها المتأهل للعمل في الصناعة المالية الإسلامية، إلى جانب أن غالبية تلك البرامج المطروحة تفتقر إلى المعيارية المطلوبة، للعمل في المؤسسات المالية الإسلامية التي تجاوز عددها 470 مؤسسة عام 2007.

وأوضح كامل أن المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية أطلق أخيرا، شهادة المصرفي الإسلامي المعتمد التي تقوم على منهج تم وضعه بعناية فائقة ويغطي الجوانب النظرية والعملية، والجوانب المصرفية والشرعية.

وأضاف صالح كامل أن المجلس سيعمل على أن يكون هذا المنهج متاحا للجميع، وعلى تطوير حقائب ومواد علمية مناسبة متاحة للجميع، وأنهم يهدفون من كل ذلك أن تكون شهادة المصرفي الإسلامي المعتمد الرمز والعنوان لكل من يعمل في الصناعة حيث تمثل هويته كمصرفي إسلامي محترف مؤهل تمنحه مزايا تنافسية مهنية.