الشيخ تقي الدين عثماني

TT

اطلعت على تقرير صحافي، ذكر ان القائمين على الصيرفة الإسلامية في الشرق الأوسط وصموا الشيخ تقي الدين عثماني بأنه متآمر على الصكوك وان الغربيين هم من انصفه بعد تصريحه الشهير حول عدم شرعية 80% من الصكوك. والحقيقة انه رغم متابعتي لانعكاسات تصريح الشيخ حول الصكوك في الصحف إلا أنني لم أجد تصريحا بهذا المعنى إلا من بعض الصحف الغربية التي وصمت أعضاء الهيئات الشرعية بأنهم باعوا دينهم مقابل دفع الصيرفة الإسلامية للامام. أما ما جاء على لسان العاملين في مجال الصيرفة الإسلامية فهو مجرد تحذيرات مما قد يسببه هذا التصريح من آثار سلبية على إصدارات الصكوك وكنت أنا احد المحذرين في هذه الزاوية من هذه الانعكاسات السلبية. كما انتقدت طريقة معالجة هيئة المحاسبة للتصريح من حيث عدم بيان الصور التي يعنيها فضيلة الشيخ تقي الدين عثماني في تصريحه، إلا انه لا يمكن لأحد من المسلمين وصم الشيخ بأنه متآمر على الصكوك لعدة حيثيات منها:

أولا: ان ما قام به الشيخ هو أداء لواجب البيان الذي اخذ الله الميثاق به على العلماء قال تعالى «وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيّننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون». (آل عمران 187) فهو بيان للحق وإظهار للعلم وتبيانا لأحكام الكتاب والسنة.

ثانيا: ان ما قام به الشيخ هو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الواجب شرعا فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» رواه مسلم. ولا شك ان الصور التي حرمها الشيخ هي من المنكر الواجب إنكاره وتغييره وقد جاء البيان الصادر عن المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية موافقا لما ذهب إليه الشيخ في إنكار هذه الصور ووجوب تصحيحها، ولكن يبقى اختلافنا مع الشيخ في طريقة إنكار هذا المنكر والتي كنا نحبذ ان تكون عبر النقاش العلمي مع إخوانه المشائخ الآخرين لا عبر التصريحات الصحافية ولعل الشيخ رأى ان طريقته هذه ابلغ وأنجع في إنكار المنكر، وسرعة تقويم ما اعوج.

ثالثا: وجود الشيخ على رأس العديد من الهيئات الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية والمؤسسات الخدمية لهذه الصناعة وعلى رأسها المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية ينفي عن الشيخ هذه التهمة حيث انه احد منظريها وعلمائها المعتبرين.

رابعا: بقاء الشيخ على رأس الهيئات الشرعية لهذه المؤسسات بعد تصريحه المشهور يدل على عدم صحة ما ورد في التقرير بأن القائمين على الصيرفة الإسلامية وصفوه بالمتآمر حيث أنهم لو اعتقدوا ذلك لما أبقوه على رأس هذه الهيئات الشرعية.

ان ما قام به الشيخ ليدل دلالة واضحة على مراقبة أعضاء الهيئات الشرعية لله سبحانه وتعالى فيما يأتون ويذرون، وعدم خشيتهم في قول الحق أو المداهنة في الباطل، مما يعزز الثقة بهم وبالمؤسسات المالية الإسلامية التي يشرفون عليها، ويرد على من يغمز قناتهم بدعوى أخذهم الأجرة على ما يقومون به من أعمال. اسأل الله ان يثيب الشيخ تقي الدين عثماني على ما قدم. * مستشار في المصرفية الإسلامية