أموال التطهير تمول صندوق الضمان الصحي

TT

لفت انتباهي في لقاء «الشرق الأوسط» مع الأمين العام المساعد لمجلس الضمان الصحي الأستاذ محمد الحسين إشارته في هذا اللقاء إلى عزم المجلس إنشاء صندوق يقوم بتغطية تكاليف التأمين الصحي للفرد للحالات التي يتجاوز الصرف عليها حدود التغطية في الوثيقة الموحدة المصدرة من المجلس، وان المجلس بصدد إعداد دراسة لهذا الصندوق من ناحية إدارته وتمويله وسبل الصرف منه. ولقد سعدت حقيقة بمنهجية التفكير التي يتمتع بها القائمون على مجلس الضمان الصحي والتي قل ان تجد مثلها في بقية المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية، حيث تنتشر البيروقراطية العقيمة ويقتل الإبداع بداعي إتباع الأنظمة. ومن باب المشاركة في تطوير هذه الفكرة المبدعة والتي تقوم على التكافل الاجتماعي في تحقيق الرعاية الصحية المثلى للمواطن والمقيم، أرى ان يتم توسيع دائرة المستفيدين من منافع هذا الصندوق بحيث تشمل منافعه تغطية الحالات الطبية الطارئة التي لا يملك أصحابها وثيقة تأمين بحيث يلقون الرعاية الصحية المناسبة من أية مؤسسة طبية يتوفر فيها العلاج المناسب وذلك حتى نمنع تكرار حوادث امتناع بعض مؤسسات القطاع الطبي الخاص عن استقبال الحالات الطارئة بدعوى عدم وجود تغطية تأمينية لأصحابها مما أدى في بعض الحالات إلى الوفاة أو الإصابة بعاهة مستديمة. وأما من جهة تمويل هذا الصندوق فبالإضافة إلى قنوات التمويل المعروفة كالوقف والتبرعات، فأقترح على المجلس الاستفادة من مبالغ التطهيرالموجودة لدى المؤسسات المالية التي تقدم خدمات مالية إسلامية كالمصارف وشركات الاستثمار لتمويل هذا الصندوق، حيث ان هذه الأموال بطبيعتها الشرعية غير مملوكة للمؤسسة المالية فلا يجوز لها الاستفادة منها بأية صورة من الصور بل يجب عليها دفعها للجهات الخيرية على وجه التخلص منها إعمالا لقرارات الهيئة الشرعية. وتنتج هذه الأموال المحرمة من ثلاثة أمور، من غرامات التأخير التي تفرضها المؤسسة المالية على عملائها المتعثرين في سداد التمويل، ومن أرباح العمليات التي قامت بها المؤسسة المالية وخالفت فيها الضوابط الشرعية، ومن الأرباح التي توزعها الشركات المساهمة المختلطة على مساهميها. وحيث لا يوجد قانون يجبر المؤسسات المالية على الإفصاح عن هذه الأموال في تقاريرها المالية، فلا يمكن معرفة المبالغ الحقيقية التي من الممكن ان تعود على الصندوق منها، إلا انه يمكن تقدير ضخامتها بالنظر إلى ان جميع المصارف لدينا تقدم منتجات إسلامية في جانبي التمويل والاستثمار. فقد بلغ حجم التمويل الإسلامي في يونيو 2007 م 312 مليار ريال، كما بلغ رصيد الاستثمار في صناديق الاستثمار الإسلامية 61 مليار ريال. وإذا أضفنا إلى ذلك شركات التمويل الحديثة النشأة والتي ستدخل سوق التمويل قريبا وصناديق الاستثمار التابعة لشركات الاستثمار وشركات التأمين التعاوني، تبين لنا كم من المبالغ التي سيجنيها الصندوق لتمويل عملياته، لاسيما ان بعض المؤسسات المالية التقليدية لم تقم بالتخلص من مبالغ التطهير منذ بداية طرح منتجاتها الإسلامية، حتى الآن، حيث يمتنع مجلس إدارتها عن ذلك. ونظرا إلى ان مجلس الضمان الصحي ليست له ولاية على هذه المؤسسات المالية، لذا أرى ان يقوم بمخاطبة الجهات ذات العلاقة، وهي مؤسسة النقد وهيئة سوق المال للبحث في سن نظام يجبر المؤسسات المالية التي تقدم منتجات إسلامية بدفع هذه المبالغ لصندوق الضمان الصحي مع الإفصاح عنها في تقاريرها المالية، وهذا الأمر متيسر بالنظر إلى ان هذه المؤسسات المالية لا تملك هذه الأموال شرعا وقانونا.

كما ان دفع هذه الأموال للصندوق سيحقق المطلب الشرعي في منع هذه المؤسسات من الاستفادة من هذه الأموال بأي وجه من الوجوه، وبالتالي فأنني أتوقع ان يجد دعما من أعضاء الهيئات الشرعية، على ان يلتزم الصندوق في جميع أعماله بأحكام الشريعة الإسلامية وإلا لن يستفيد من الكثير من القنوات التمويلية ومن ضمنها مبالغ التطهير. ويمكن لجميع الدول الإسلامية التي توجد فيها مؤسسات مالية ان تقدم منتجات إسلامية الاستفادة من هذه التجربة.

* مستشار في المصرفية الإسلامية [email protected]