محافظ بنك السودان المركزي لـ «الشرق الأوسط»: حكومة جنوب السودان تسمح للبنوك بالعمل بنافذتين.. إسلامية وتقليدية

بعد انسحاب 19 مصرفا إسلاميا من المنطقة

د. صابر الحسن محافظ بنك السودان (يسار) يستقبل أحد مسؤولي حكومة الجنوب («الشرق الأوسط»)
TT

كشف لـ«الشرق الأوسط» الدكتور صابر محمد الحسن محافظ بنك السودان المركزي عن موافقة حكومة جنوب السودان السماح للبنك الزراعي السوداني العمل بنافذتين «إسلامية وتقليدية» بعد انسحاب 19 مصرفا إسلاميا من الجنوب بإيعاز من حكومة الجنوب في وقت سابق. وقال صابر إن قرار عدول حكومة الجنوب عن قرار سحب البنك الزراعي في الجنوب جاء منسجما مع تطلعات البلاد بشكل عام والجنوبيين بشكل خاص، ووصفه بالصائب لأنه سوف يسد الفجوة التي سببها عدم قدرة المصارف التقليدية على تلبية احتياجات القطاعات الاقتصادية بالجنوب، خاصة أن المرحلة تتطلب وجود بنوك قادرة على تمويل التنمية وهذا ما توفرها مزايا التمويل الإسلامي والذي تتبعه المصارف الإسلامية بشكل عام.

وأبان صابر أن موافقة حكومة الجنوب على مزاولة البنك الزراعي لأعماله في الجنوب بنافذتين إسلامية وتقليدية، جاءت بعد انسحاب المصارف الإسلامية، وإحداث أضرار كبيرة في جنوب البلاد، مؤكدا التزام البنك الزراعي بالإسراع بمزاولة عمله بالجنوب فور صدور قرار من البنك المركزي بذلك.

ومن جهة أخرى أشار محافظ بنك السودان المركزي إلى انخفاض ملحوظ في نسب التعثر بالقطاع المصرفي خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث سجل 12 مصرفا (أي ما يقرب من نصف عدد المصارف) نسبة تقل عن 8 في المائة، بينما لم تسجل ثلاثة مصارف أي حالات تعثر خلال هذه الفترة، حيث انخفض متوسط نسبة التعثر إلى 22 في المائة. وعبر الدكتور صابر عن تفاؤله بهذا التقدم، إلاّ أنه حث المصارف على بذل المزيد من الجهد للوصول بالنسبة إلى الحد المقبول، مشيرا إلى اعتزام البنك المركزي إصدار سياسات جديدة لتخفيض نسبة التعثر، داعيا المصارف إلى التعامل بايجابية مع هذه السياسات.

وأوضح محافظ البنك المركزي انه تم التوقيع على العقود الخاصة بتمويل صندوق الإسكان القومي حيث وقع مديرو العموم لعدد كبير من المصارف على عقود المحفظة المخصصة لتمويل هذا المشروع.

وثمن الدكتور صابر هذا المشروع، معتبرا التوقيع بداية عملية لتنفيذه، وقدم شكره للمصارف لاستجابتها السريعة ومبادرتها لتمويل المحفظة، مؤكدا الحضور الدائم للقطاع المصرفي وعدم تخلفه عن المشروعات القومية وتحمله لمسؤوليته الاجتماعية وشعوره بدوره الاجتماعي المؤثر.

وطمأن الدكتور صابر مديري المصارف إلى الضمانات المتخذة لضمان استرداد هذه الأموال، مؤكدا دعم البنك المركزي للمصارف المشاركة في تمويل المشروع وحرصه على حقوق أصحاب الودائع والأسهم واهتمامه في الوقت نفسه بتمويل المشروعات القومية، وجدية الدولة في تنفيذ المشروع والاهتمام الذي يلقاه من أعلى المستويات بدءا من رئيس الجمهورية ونائبه، خاصة أن المشروع الذي سيتم البدء في تنفيذه خلال الشهر المقبل يستهدف توفير مئات الآلاف من الوحدات السكنية.

يذكر أن جملة المبالغ التي ضخها بنك السودان المركزي للمصارف خلال الـ 12 شهرا وصلت إلى مليار ومائتي مليون جنيه سوداني، تحصلت عليها المصارف في شكل ودائع استثمارية أو عن طريق شراء البنك المركزي شهادات شهامة من تلك المصارف شراءً مؤقتا أو نهائيا. وجرت عمليات الضخ على أربع مراحل، واستفاد من المرحلة الأولى نحو 15 مصرفا وبلغت فيها جملة المبالغ التي تحصلت عليها المصارف 400 مليون جنيه، واستفاد من المرحلة الثانية نحو تسعة مصارف الى جانب محفظة الهدي وبلغت في جملتها 200 مليون جنيه.

أما المرحلة الثالثة فاستفاد منها 12 مصرفا تم فيها ضخ مبلغ 400 مليون جنيه، فيما استفاد من المرحلة الرابعة نحو ثمانية مصارف وبلغت في جملتها 200 مليون جنيه.

واشترط بنك السودان المركزي على المصارف الالتزام بعدم تمويل الحكومة كما تلتزم باستخدام تلك المبالغ في تمويل الأنشطة الداخلية فقط مثل النشاط الزراعي والصناعي والصادر وصغار المنتجين والتجارة المحلية، وألاّ تقوم بتمويل استيراد أو سداد أي التزامات داخلية قائمة أو التزامات خارجية بالنقد الأجنبي، وألا يتم استخدام المبلغ في شراء شهادات شهامة أو صكوك الاستثمار الحكومية من السوق الأولية أو الثانوية، مع التأكيد بتصفية الودائع الاستثمارية الممنوحة لها في الأوقات المحددة.

وعلى صعيد آخر ألغى بنك السودان المركزي نصا سابقا يمنع قبول الضمانات الحكومية كضمان لتمويل شركات ومؤسسات القطاع العام، وسمح للمصارف بقبول الضمانات الحكومية المتمثلة في الصكوك والسندات وأوامر الدفع المستديمة كضمان لتمويل شركات ومؤسسات القطاع العام، مؤكدا إلزامية المصارف باستعلام مخاطر العملاء قبل منح التمويل لهم بغض النظر عن مبلغ التمويل المطلوب، والمقصود به تبادل المعلومات بين المصارف عن العملاء المتعثرين السابقين أو الحاليين والراغبين في الحصول على تمويل جديد من مصارف أخرى. وكانت المصارف في السابق ملزمة فقط بالاستعلام عن العملاء الذين يرغبون في الحصول على تمويل بمبلغ 100 ألف جنيه او ما زاد عليه، وبحسب هذا المنشور فان على المصارف الاستعلام عن طالبي التمويل كافة بغض النظر عن المبالغ المطلوبة.

وتأتي هذه الضوابط للاستفادة من نظام الاستعلام الالكتروني بين المصارف الذي يتيح سرعة ودقة في تبادل المعلومات، كما أنها تهدف إلى التقليل من مخاطر التعثر عن طريق اخضاع كل عمليات التمويل لنظام الاستعلام عن مخاطر العملاء. كما وجه البنك المركزي المصارف بتقديم التمويل إلى الأشخاص الطبيعيين المالكين لأسماء الأعمال و(الشراكات) بدلا عن الشخصيات الاعتبارية لتلك الشراكات وأسماء الأعمال، في الوقت الذي وجه فيه بتقديم التمويل إلى الأشخاص الطبيعيين المالكين لأسماء الأعمال و(الشراكات) بدلا عن الشخصيات الاعتبارية لتلك الشراكات وأسماء الأعمال، بهدف الحد من التعثر وتأكيد المسؤولية الفردية في السداد للأشخاص المستفيدين من التمويل، وتقليل المخاطر والمشاكل المتوقعة عند التصرف في الضمانات وتسييلها.

كذلك قرر بنك السودان المركزي حظرا على المصارف بعدم قبول الأراضي المسجلة على الشيوع كضمان للتمويل المقدم من الجهاز المصرفي، وبناءً عليه فان الضمان العقاري الذي يقدمه طالبو التمويل يجب أن يكون أرضا مفروزة ومسجلة باسم مالك وحيد وليس على الشيوع.