المصرفية الإسلامية تظهر على السطح عالميا رغم الانتقادات التي توجه إلى بعضها

أخطاء شرعية ساهمت في فتور العلاقة بين العملاء والبنوك

سرعة الحصول على تمويل بالتوريق في المصارف الإسلامية أثار شكوك كثير من علماء الشريعة («الشرق الأوسط»)
TT

بدأت البنوك والمصارف الإسلامية في إعادة ترتيب أوراقها وأولياتها مع اشتداد الأزمة المالية العالمية، وظهور المصرفية الإسلامية على السطح بعد أن ظلت لعدة سنوات تراوح مكانها إلا ما ندر.

وشهدت الصناعة المالية الإسلامية على مدى شهرين تحركات كبيرة وجادة مع تناول وسائل الإعلام الغربية لموضوع المصرفية الإسلامية وإمكانية تطبيقها أو جزء منها في الأنظمة الاقتصادية التي تعاني حاليا من انتكاسة كبيرة في القطاع المصرفي.

ويرى الدكتور حسين حامد حسان أحد علماء الاقتصاد الإسلامي الحديث ورئيس الهيئة الشرعية لبنك دبي الإسلامي، أن ما تناوله خبراء المصرفية الإسلامية خلال الفترة الماضية هو وضع معايير وأطر تساهم في التعريف بالمصرفية الإسلامية لدى الاقتصاديين في الغرب، مشيرا إلى انعقاد مؤتمر في الدوحة قبل أسبوعين للجمعية العالمية للاقتصاد الإسلامية وحضره عدد من خبراء المصرفية الإسلامية. وتابع الدكتور حسان أن المؤتمر وضع توصياته على شبكة الإنترنت وتم توزيعها على عدد من المواقع المهمة، وأن هذه التوصيات كلها شبه معروفة لدى خبراء المصرفية الإسلامية وسبق طرحها وتداولها، لكنه تم إعادة التأكيد عليها بحيث يستطيع المختصين في البنوك العالمية الإطلاع عليها ومعرفة مميزات المصرفية الإسلامية. وبين الدكتور حسان أن هناك تحركات نلمسها من أصحاب البنوك ومن العلماء والمشايخ للاستفادة من الأزمة في التعريف والترويج للمصرفية الإسلامية، غير أن الأزمة المالية العالمية ـ والحديث للدكتور حسان ـ جاءت بغتة ولم يحن الوقت لترتيب الأوراق لذلك. كما أوضح رئيس الهيئة الشرعية لبنك دبي الإسلامي، أنه سبق أن تم عقد ندوة طارئة في جدة عن طريق البنك الإسلامي للتنمية، وتم خلالها مناقشة الأزمة العالمية وتداعياتها على الصناعة المالية الإسلامية، مبينا أن الجميع أكد على ضرورة التعريف والترويج للمصرفية الإسلامية في ظل الاهتمام المتزايد عليها عالميا.

وقال حسان إن بعض الدول الأوروبية بدأت في تعديل بعض أنظمتها وقوانينها المصرفية بهدف استيعاب ودعم المصرفية الإسلامية في بلدانها، مشيرا إلى دول مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا كلها باتت تعدل من قوانينها الضريبية لدعم التوجه نحو المصرفية الإسلامية.

من جهته أوضح الدكتور عز الدين خوجة الأمين العام للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، أن هناك تحركات جادة من قبل قادة الصناعة المالية الإسلامية لتوجيه رسائل إلى العالم بماهية المصرفية الإسلامية ومميزاتها، وأمانها من أي تقلبات مالية مستقبلية في حال تطبيقها بشكلها الشرعي الصحيح.

وأضاف خوجة أن المجلس بصدد إصدار مجلة علمية حديثة خلال اليومين المقبلين بأكثر من 300 صفحة كلها تتحدث عن الأزمة المالية الحالية، وتستعرض تفاصيل الصيرفة الإسلامية وما يحيطها من شبهات وما يميزها بالمقارنة بالمصرفية التقليدية التي باتت تعاني من المشاكل التي تزداد يوما بعد يوم. والمعروف أن كثيرا من البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية باتت تعول كثيرا على المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، وذلك لدعم الصناعة المالية الإسلامية وأزالة بعض اللبس والخلل الذي يعتري بعض تطبيقاتها المالية. وأمام ذلك عمل المجلس خلال عام على إصدار حزمة من القرارات صاحبها وضع خطة كبيرة للنهوض بدوره، كان أولها تأسيس هيئة التصنيف والرقابة على البنوك الإسلامية يكون من مهاما تصنيف المنتجات المالية الإسلامية، ودعم الجهود المبذولة ومحاولة إزالة اللبس والغموض في تطبيقات البنوك الإسلامية.

ورغم بروز المصرفية الإسلامية عالميا في مختلف وسائل الإعلام، إلا أن الملاحظ أن كافة رسائل رواد الصناعة المالية الإسلامية موجهة إلى المسلمين الذي لديهم قناعة بأهمية المصرفية الإسلامية وجدواها في محاربة الربا وتنمية المجتمعات، ويدعم ذلك الندوات والمؤتمرات والتجمعات التي بادرت بها بعض الجهات كالبنك الإسلامي للتنمية والهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل وغيرها من الجهات.

وكان صالح كامل أكبر رجل أعمال مستثمر في قطاع المصارف الإسلامية ورئيس المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية قد أكد في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط» أن محاولاتهم في توضيح حقيقة المصرفية الإسلامية ومميزاتها تتجه الآن إلى المجتمعات العربية والإسلامية قبل الغربية.

وأوضح كامل في حينه أن جهودهم خلال الفترة الماضية والحالية تنصب نحو إقناع مسؤولي الأنظمة الاقتصادية في الدول العربية والإسلامية، مبينا أن الجهود التي تبذل في المصرفية الإسلامية وانتشارها لا تزال تسير ببطء، وأن الأزمة المالية العالمية ـ ربما ـ تساهم في تسريع إقرار القوانين والتشريعات التي تسهل من انتشار المصارف الإسلامية.

وتبدو الفرصة مواتية الآن للبنوك الإسلامية لطلب الدعم القانوني والتشريعي الذي يساهم في انتشارها في كثير من الدول التي لا تزال مترددة في تطبيقات المصرفية الإسلامية، لكن كثيرا من المراقبين يؤكدون على ضرورة أن تكون هناك رقابة شرعية صارمة على البنوك الإسلامية وخاصة العاملة في دول الخليج العربي مع تنامي الانتقادات التي تطالها بسبب مخالفات شرعية باتت تظهر على السطح. ومن بين أهم الانتقادات التي تطال البنوك الإسلامية التي تطبق في الخليج أنها ساهمت في إغراق المجتمعات بالديون بسبب تمويلات ليست تنموية وإنما وجهت لأشياء استهلاكية، فضلا عن تمويلات كبيرة قدمتها البنوك الإسلامية للمستثمرين في البورصات الخليجية، ما ساهم في تزايد أعداد المستهلكين المدينين للبنوك الإسلامية.