بريطانيا تراجع قوانينها الضريبية للاستفادة من سيولة البنوك الإسلامية

17 شركة بريطانية شاركت بفاعلية في مؤتمر المصارف الإسلامية بالمنامة

فرع أحد البنوك الإسلامية في شارع إدجوار رود» بلندن وقد عرفت المصرفية الإسلامية انتشارا ملحوظا وسريعا في بريطانيا («الشرق الأوسط»)
TT

كشفت لـ«الشرق الأوسط» مصادر بريطانية عن توجه الحكومة إلى مراجعة القوانين المصرفية ومساواة البنوك الإسلامية بالتقليدية في ما بتعلق بالضرائب والتسهيلات، مشيرين إلى أن ذلك يمثل خطوة عملية للقرب وزيادة الاهتمام بالمصرفية الإسلامية في المملكة المتحدة.

وذكرت المصادر أن الاهتمام الحكومي في بريطانيا يضع حجم سوق الصناعة المالية الإسلامية في اهتماماها أهمية احتضان هذه السوق مع تسارع وتيرة تأثيرات الأزمة المالية العالمية.

وشهد المؤتمر العالمي الخامس عشر للمصارف الإسلامية الذي احتضنته المنامة قبل أسبوعين، مشاركة واسعة وكبيرة من خلال مؤسسة التجارة والاستثمار البريطانية، حيث بلغت نحو 17 شركة، بعد أن كانت لا تتجاوز العشر شركات في العام الماضي.

ووفق المصادر العاملة في الجناح البريطاني والتي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» فإن توجه الحكومة البريطانية إلى مراجعة القوانين المصرفية ومساواة البنوك الإسلامية بالتقليدية في ما بتعلق بالضرائب والتسهيلات، ساهم بشكل كبير في زيادة الاهتمام بالمصرفية الإسلامية في المملكة المتحدة خلال الخمسة أعوام الماضية.

ويرى العاملون في الجناح الذي يعتبر أكبر الأجنحة المشاركة في المؤتمر، أن الحكومة البريطانية تسعى إلى ألا تكون هناك تفرقة بين المصرفية الإسلامية والتقليدية، في ما يتعلق بالقوانين والتسهيلات المقدمة لكل قطاع، وأن هذا التوجه بدأ منذ عامي 2003 و2004.

وأضافت المصادر ذاتها أن الحكومة البريطانية تسعى إلى أن تكون في تكامل مع دول الخليج وماليزيا في ما يتعلق بالمصرفية الإسلامية، وليس كما يشاع بأنهم في تنافس كبير مع هذه الدول، مؤكدين أن ما يميز بريطانيا هو البنية المصرفية التحتية التي تجعلها مركزا مصرفيا قويا في العالم.

وبينت المصادر أن المؤسسات المالية الإسلامية تفضل العمل في لندن لأنها رائدة أسواق المال في العالم، وأن هذه المكانة لم تكن فجأة أو بمحض الصدفة ولكنها نتاج عوامل عدة منها وجود أطر العمل النشطة وشركات استشارية رائدة وأسواق مال قوية، وهذه هي المكونات الرئيسة التي جرى بناؤها على مدار عقود.

وتزامنت تصريحات مسؤولي الجناح مع ما أكده السفير البريطاني لدى البحرين جيمي باودن من أن لندن تحولت الآن إلى مركز مالي إسلامي على مستوى العالم لتنافس بذلك دول مجلس التعاون الخليجي والدول الإسلامية ككل في تطبيق أفضل الممارسات المتطابقة مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية.

وقال السفير البريطاني خلال طاولة حوار مستديرة بريطانية نظمت على هامش المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية الخامس عشر، إن لندن تسعى للحفاظ على مركزها الريادي كعاصمة التمويل الإسلامي في العالم رغم تبعات الأزمة المالية العالمية الراهنة، وذلك نظرا لامتلاكها نقاط قوة عديدة أبرزها البنية التحتية المتطورة وراس المال البشري الكفء والمؤهل الذي قل نظيره عالميا.

وبين باودن أن لندن أصبحت سوقا ناضجة على مستوى الخدمات المالية الإسلامية وتطبيق العديد من الأدوات المالية الإسلامية كالتمويل عبر الصكوك الإسلامية، وغيرها من التسهيلات المالية والمصرفية الإسلامية.

غير أن بعض خبراء الصناعة المالية الإسلامية رأوا أن التوجه البريطاني نحو المصرفية الإسلامية ليس حبا في الصناعة واقتناعا بها، مبينين أن هذا التوجه هو للبحث عن السيولة التي بدأت تعاني منها كثير من المصارف العالمية ومنها البريطانية.

وأوضح محلل مالي في إحدى المؤسسات المالية الإسلامية العاملة في البحرين ـ فضل عدم ذكر اسمه ـ أن نقص السيولة هو ما جعل الحكومة البريطانية تتوجه بشكل جدي أكثر من أي وقت مضى نحو المصرفية الإسلامية، معيدين سبب ذلك إلى شح السيولة، وأنه بالإمكان امتصاص السيولة الوفيرة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي.

وبين المحلل أن تنظيم دائرة مستديرة أثناء فعاليات المؤتمر كانت بهدف تسليط الضوء على ما تقدمه الحكومة البريطانية للصناعة المالية الإسلامية، مؤكدا أن هذا يعد عاملا إيجابيا، لكن كان من المفترض أن يكون قبل الأزمة وليس بعدها.

وبجانب كونها سوقا متطورا للمنتجات المالية الإسلامية، تتوفر في لندن مجموعة كبيرة من المنتجات الإسلامية مثل الصكوك للمؤسسات الاستثمارية والتكافل والرهون لعملاء التجزئة، وبعيد سن التشريع الخاص بتسهيل عملية تداول الصكوك أجرت الحكومة البريطانية مؤخراً دراسة جدوى عن إمكانية إصدار صكوك سيادية، ويتلخص العرض المبدئي في إصدار صكوك في شكل برنامج مدته 90 يوماً وتصل القيمة إلى ملياري جنيه إسترليني. وساهمت عملية إلغاء الأعباء المزدوجة التي كانت مفروضة على الرهون الإسلامية البديلة في دعم السوق البريطاني بقطاع عريض تمثل في المسلمين الذين لا يشترون أو يبيعون الممتكات نقدا.

وعملت الحكومة البريطانية على سن مزيد من تشريعات الضرائب لدعم الخدمات المالية الإسلامية بشكل لم يحدث في أي دولة أخرى غير مسلمة، وذلك في إطار التزامها تجاه تيسير التشريعات المنظمة لهذا القطاع.

ومن بين تلك الإجراءات معايير تحكم سوق القطاع بما فيها اتفاقية جرى التوقيع عليها أخيرا، بين الاتحاد العالمي لأسواق المال والسوق المالية الإسلامية الدولية لإعداد معايير لأسواق المال الإسلامية، وهو ما يعكس أيضاً الالتزام الحكومي تجاه تطوير قطاع التمويل الإسلامي.

وتسعى بريطانيا لاستقطاب التمويل الإسلامي على أراضيها والاستفادة من توافر السيولة في منطقة الخليج، وتقوم بين فترة وأخرى بتوعية لإبراز جهودها المتزايدة، وذلك من خلال تحسين قوانين الضرائب والتشريعات تلاءم الصيرفة والتمويل الإسلامي.

وكان الجناح البريطاني قد ضم عددا من الشركات الكبيرة المتخصصة في المصارف، وكذلك شركات محاماة وشركات استشارية مالية، وقدمت عددا من الخدمات التي يمكن أن يستفيد منها قطاع المصارف الإسلامية.