جدة تشهد انطلاق اجتماعات صياغة وثيقة مبادئ الوسطية الاقتصادية المتوازنة

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: الاتفاق على إنجاز 3 وثائق مترابطة بأبعاد متكاملة

جانب من اجتماع ممثلي المؤسسات المالية الإسلامية الأسبوع الماضي في جدة («الشرق الأوسط»)
TT

أكدت مصادر عاملة في الصناعة المالية الإسلامية، أن تحركات كبيرة يقودها المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، والبنك الإسلامي للتنمية، تجري بهدف صياغة مبادئ للوسطية الاقتصادية لنظام مالي ومصرفي متوازن.

وشهدت جدة الأسبوع الماضي اجتماعاً كبيراً ضم ممثلين لعدد من المؤسسات المالية الإسلامية، وذلك لمناقشة المسودة الأولى للوثيقة المزمع إطلاقها.

وقال الدكتور عز الدين خوجة الأمين العام للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، إن المجلس عقد الأسبوع الماضي اجتماعاً بأعضاء اللجنة العلمية المكلفة بإعداد وثيقة المبادئ الاقتصادية لنظام مصرفي ومالي متوازن وعادل، وانتهت اللجنة من وضع الخطوط العريضة للوثيقة.

وأضاف خوجة أن اجتماعاً آخر سيعقد غداً الأربعاء في جدة، ويناقش المسودة الأولى للوثيقة، ومن ثم البدء في الإعداد لورشة العمل المشتركة بين المجلس العام والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، واعتماد الوثيقة بشكله النهائي. وكان صالح كامل رئيس المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، قد أطلق فكرة هذه الوثيقة الوسطية في الفترة الأولى من الأزمة، وذلك من أجل تقديم الرؤية البديلة للاقتصاد الوسطي ووضع المبادئ والأسس الكفيلة بإدارة نظام مالي ومصرفي محلي وعالمي يحقق الاستقرار الاقتصادي والتنمية الاجتماعية للمجتمعات.

وعّبر كامل في أكثر من مرة على ضرورة عرض هذه الوثيقة على نخبة من الشخصيات العالمية في المجال الاقتصادي والفكري لإيجاد الأرضية المشتركة في بناء النظام المالي العالمي الجديد.

وكان الاجتماع الذي نظم في جدة الأسبوع الماضي في مجمع الفقه الإسلامي الدولي، قد ناقش أبعاد الأزمة المالية الاقتصادية المعاصرة، وما يمكن أن يقدمه الفكر الاقتصادي الإسلامي في معالجتها والتخفيف من آثارها.

وشارك في الاجتماع ممثلون عن البنك الإسلامي للتنمية، (المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب)، المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، والغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة، ومركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي في جامعة الملك عبد العزيز، وقسم الاقتصاد الإسلامي في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة أم القرى، والهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل، التابعة لرابطة العالم الإسلامي، بالإضافة إلى مجمع الفقه الإسلامي الدولي. وركز الاجتماع على تحليل وتوضيح أسباب وقوع الأزمة المالية العالمية، والمعالجات التي يمكن تقديمها على هدْي الاقتصاد الإسلامي، للمساعدة في حل هذه الأزمة، والمعالجات التي يمكن تقديمها لحماية اقتصاديات الدول الإسلامية، وكذلك البنوك الإسلامية ومؤسسات المال الإسلامي، وتقديم المعالجة الإسلامية الشاملة لحل المشكلة الاقتصادية، وعرض كل جهة من الجهات المشاركة في الاجتماع ما أنجزته في هذا المجال. وتم خلال الاجتماع الاتفاق على إنجاز 3 وثائق مترابطة ومتكاملة، هي: التركيز على الأبعاد التي تلتقي عليها الأديان والثقافات المتعددة في منع الظلم والاهتمام بالإنسان وتأمين الحياة الكريمة له، كما تركز على التأصيل الشرعي للمعالجات والحلول المقترحة من وجهة نظر إسلامية. والوثيقة الثانية تعنى باستعراض الأبعاد المالية من خلال معالجة عناصر الأزمة المالية ومسبباتها وتقديم مبادئ الوسطية الاقتصادية لنظام مالي ومصرفي متوازن وعادل، والوثيقة الثالثة تهتم بدراسة كل الأبعاد الاقتصادية الشمولية المتعلقة بما جرى في هذه الأزمة، وبخاصة وجهة نظر الاقتصاد الإسلامي في ذلك.

كما تقرر أن يعقد الاجتماع المقبل في رحاب مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي بجامعة الملك عبد العزيز. وتم استعراض ما قدمه المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية من متابعة وجهد في دراسته المتميزة في عدد ممتاز حول الأزمة المالية العالمية في مجلته «الراصد المالي الإسلامي»، وما قام به المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب التابع للبنك الإسلامي للتنمية في هذا المجال.

بالإضافة لما قامت به الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل، التابعة لرابطة العالم الإسلامي، وما يقوم به كل من مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي بجامعة الملك عبد العزيز، وقسم الاقتصاد الإسلامي في جامعة أم القرى من دراسة متميزة لدور الاقتصاد الإسلامي في معالجة أبعاد هذه المشكلة. وقال الدكتور عبد السلام داود العبادي أمين عام مجمع الفقه الإسلامي الدولي، إن إنجاز هذه الوثائق ومن ثم عرضها على اجتماع موسع ينظم لاعتمادها سيمكّن الجهات المعنية من تقديم تصور يقدم حلولا ناجعة لمتخذي القرار، سواء كان ذلك على المستوى الدولي، أم على مستوى حماية اقتصادات الدول الإسلامية، وإثراء مسيرة البنوك الإسلامية، بالإضافة إلى تقديم تصور شمولي لمعالجات الإسلام للمشكلة الاقتصادية بكل أبعادها، ما أحوج البشرية إليه في هذه الأيام.

يشار إلى أن صالح كامل كان من المبادرين الأوائل الذين سعوا لتقديم الاقتصاد الإسلامي ومبادئه وأسس عمله في الفترة التي سبقت انهيار الاتحاد السوفياتي، حيث أشرف على رعاية إعداد وثيقة معالم الاقتصاد الإسلامي في مركز صالح كامل لأبحاث الاقتصاد الإسلامي، وقام بعرضها على مجموعة كبيرة من الوزراء السوفيات سابقاً للاطلاع على النظام الإسلامي البديل.