تقرير يتوقع تأثر نمو التمويل الإسلامي نتيجة انكماش النشاط الاقتصادي

مؤسسة الخدمات المالية الدولية: لندن تسعى لتعزيز مكانتها في صناعة المصرفية الإسلامية

فرع أحد البنوك الإسلامية في العاصمة البريطانية لندن («الشرق الأوسط»)
TT

تأثرت صناعة التمويل الإسلامي بالضائقة الائتمانية وانكماش النشاط الاقتصادي العالمي في عام 2008، مع تراجع إصدار الصكوك وانخفاض قيمة صناديق حقوق الملكية. ولكن البنوك الإسلامية تأثرت بدرجة أقل من البنوك التقليدية، حيث إن البنوك الإسلامية يحرم عليها ممارسة الأنشطة التي أسهمت في حدوث هذه الضائقة الائتمانية، مثل الاستثمار في الأصول غير الشرعية، والاعتماد على صناديق البيع بالجملة، ووفقا لتقرير أصدرته مؤسسة الخدمات المالية الدولية في لندن IFSL حول التمويل الإسلامي، تشير التقديرات إلى أن حجم السوق العالمية للخدمات المالية الإسلامية - حسب قيمة الأصول المتوافقة مع الشريعة الإسلامية - بلغ 729 مليار دولار، كما في نهاية عام 2007، محققا ارتفاعا بنسبة 37 في المائة من 531 مليار دولار كما في عام 2006. ويرجع هذا النمو - إلى حد ما - إلى توسيع تغطية المسح السنوي الثاني الذي أجرته مجلة «ذا بانكر» على المؤسسات المالية الإسلامية، التي تمثل معظم هذا الرقم، (وهو المسح الذي استقت منه IFSL بعض الأرقام). ولكن ما زال هناك نمو أساسي في الأصول بما في ذلك عدد الشركات الجديدة، التي بدأت ممارسة أعمالها خلال هذا العام. وبحسب التقرير، تمتلك البحرين ودبي والإمارات وكوالالمبور مراكز تاريخية قوية وطموحات مستقبلية، كمراكز للخدمات المالية الإسلامية. كما أن السعودية وقطر وسنغافورة لديهم أيضا طموحات أن يصبحوا مراكز للتمويل الإسلامي. وهناك بعض الدول، التي تحذو حذو المملكة المتحدة، مثل اليابان وفرنسا، وتتطلع إلى إجراء الإصلاحات التنظيمية والقانونية الملائمة، التي من شأنها أن تسهل توفير منتجات مالية إسلامية. وتسعى لندن إلى تعزيز مركزها باعتبارها بوابة التمويل الإسلامي في أوروبا الغربية. وسيركز المزودون في لندن على الأرجح على الخدمات التي تكمل الخدمات المتوافرة في المراكز الأخرى. وأوضح تقرير IFSL أن السوق تعد في الوقت الحالي أكثر تطورا في ماليزيا وإيران ومعظم الدول أعضاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية. ولكن التمويل الإسلامي يمضي الآن متجاوزا حدوده التاريخية في هذه البلاد، ليدخل إلى مناطق جديدة في داخل العالم العربي وخارجه. وتشمل الأسواق المستقبلية الرئيسية للمصرفية الإسلامية المتوقعة، الدول العربية والإسلامية الأخرى مثل مصر وتركيا ولبنان وسورية، والدول الآسيوية الأخرى مثل إندونيسيا والصين، والدول الغربية في أوروبا وأميركا الشمالية. كما أن دولا مثل، الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، تضم كل منها مجتمعا مسلما يتراوح عدده بين مليون و5 ملايين نسمة. علاوة على ذلك فإن قاعدة العملاء في الدول الغربية ليست بالضرورة مقصورة على المسلمين؛ فالعملاء الآخرون يمكن أن تجذبهم الأسس الأخلاقية والبيئية التي ينبني عليها التمويل الإسلامي.

وجاء في التقرير، أن لندن سعت إلى تقوية مكانتها باعتبارها مركز التمويل الإسلامي الرئيس في الغرب في عام 2008، حيث تم منح ترخيص لبنكين إسلاميين، هما بنك جيت هاوس، وبنك بيت التمويل الأوروبي، مما يرفع عدد البنوك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية تماما في المملكة المتحدة إلى خمسة. وأصبحت شركة «برنسبال إنشورانس» أول شركة مستقلة متوافقة مع الشريعة الإسلامية يصرح لها بتقديم تأمين التكافل إلى المقيمين في المملكة المتحدة. وفي أسواق رأس المال، تم إطلاق أربعة صناديق متداولة في البورصة جديدة وصندوقي أسهم.

وأشار التقرير إلى أن إسهام المملكة المتحدة يشمل إجمالي 22 بنكا، وهو عدد أكبر بكثير منه في أي دولة غربية. كما أن هناك 18 شركة استشارات قانونية توفر الخدمات المهنية، علاوة على الشركات المحاسبية الأربع الكبرى. كما تم إصدار صكوك بإجمالي تراكمي 18 إصدارا، تم خلالها جمع 10 مليارات من الدولارات وأدرجت في سوق لندن للأوراق المالية، محتلة بذلك المركز الثاني بعد دبي. ومع وجود 55 مؤسسة تقدم منتجات تعليمية وتدريبية في التمويل الإسلامي، فإن المملكة المتحدة تضم مزودين أكثر من أي دولة أخرى حول العالم.

وقال دنكان مكنزي، مدير الاقتصاد في مؤسسة الخدمات المالية الدولية في لندن، إن المملكة المتحدة استفادت كثيرا من السياسات الحكومية المشجعة، التي تهدف إلى وضع الخدمات الإسلامية على قدم المساواة مع الخدمات التقليدية. وتظهر الشواهد على دور لندن المتنامي في التمويل الإسلامي في كون المملكة المتحدة هي الدولة الغربية الوحيدة التي تحتل مركزا بارزا - الثامن بإجمالي أصول قيمته 18 مليار دولار - في تصنيف عالمي للأصول المتوافقة مع الشريعة الإسلامية حسب الدولة.

وفي الوقت نفسه أعلنت حكومة المملكة المتحدة عن مبادرات أخرى مصممة من أجل دعم المملكة المتحدة، باعتبارها مركزا للتمويل العالمي، ومن أجل ضمان معاملة التمويل التقليدي والتمويل البديل على قدم المساواة.

ومن ضمن هذه المبادرات سن تشريع جديد في العام الجاري 2009، بغرض توفير إعفاء من ضريبة الدمغة العقارية على سندات التمويل البديل الاستثمارية، وتجري الحكومة مشاورات حول الإطار التشريعي لسندات التمويل البديل الاستثمارية (الصكوك)، الذي يهدف إلى توحيد المعاملة التنظيمية للصكوك مع أوراق الدين التقليدية.