تفاؤل مصرفي بدخول فرنسا للصناعة المالية الإسلامية

خبير: هناك قوانين تخضع للدراسة لإقرارها قريبا

تأمل فرنسا أن تكون باريس على غرار لندن وجهة عالمية للمصرفية الإسلامية («الشرق الأوسط»)
TT

بات الكثير من المهتمين بالصناعة المصرفية الإسلامية، يعولون كثيرا على الدور الفرنسي المتوقع مع اهتمامها ورغبتها في دخول المصرفية الإسلامية بقوة. وعلق الدكتور عبد الستار الخويلدي الأمين العام للمركز الإسلامي الدولي للمصالحة والتحكيم آمالا كبيرة على التوجه الفرنسي نحو الصناعة المالية الإسلامية، مؤكدا أن حرص الفرنسيين يعكس الرغبة في تقليص الهوة التي فصلت فرنسا عن بعض البلدان الأوروبية التي تبنت الصناعة المالية الإسلامية في وقت مبكر مثل بريطانيا من ناحية، وتحقيق السبق بالنسبة إلى المترددين من ناحية أخرى.

وأضاف الخويلدي أن المتتبع للحركة يلاحظ أن الترحيب الرسمي الفرنسي بالصناعة المالية الإسلامية على الأرض الفرنسية يتأكد يوما بعد يوم من خلال اتخاذ عدة خطوات عملية أهمها الجانب القانوني. وتابع الخويلدي أن ترسيخ قدم الصناعة المالية الإسلامية في فرنسا يعتبر خطوة موفقة، وذلك عائد إلى أن المعاملات المالية، إسلامية كانت أو غير إسلامية، تقوم على العقود التي توثق الحقوق والالتزامات. كما أن ضوابط العقود وشروطها، وتوازنها، وفسخها وبطلانها، تحكمها القواعد القانونية. وهذا مجال لا بد من تغطيته خصوصا في دولة يقوم نظامها القانوني على «القانون المقنن»، ولا مكانة للعرف إلا في أضيق الحدود وفي ما تركه القانون من فراغ.

وأبان الخويلدي أن البدء بالجانب القانوني في التعامل مع الصناعة المالية الإسلامية يؤكد جدية التوجه لدى السلطات المختصة. فإثارة المسائل القانونية منذ البداية يجنب التجربة التراجع والفشل. كما أن دراسة المنتجات المالية الإسلامية - والحديث للدكتور عبد الستار - دراسة قانونية معمقة والحرص على تكييفها التكييف السليم، من شأنه أن ينير السبيل للوقوف على مسائل مالية أساسية لعل أهمها الجانب الضريبي.

ويشرح الخويلدي ذلك بأن التحليل القانوني للمرابحة على أنها شراء عين من قبل المأمور بالشراء (المصرف) لبيع نفس العين لعميل البنك (الآمر بالشراء) له انعكاس ضريبي في البلدان التي يقوم دخل الدولة فيها أساسا على الضرائب ومنها فرنسا. ومثل هذه المسائل لا بد أن تكون معلومة منذ البداية لجهات الإشراف وللمتعاملين مع المؤسسات المالية الإسلامية حتى يكون كل طرف على بينة من أمره. ويوضح الخويلدي أنه يكمن الحل المناسب والحقيقي عند تطبيق الضريبة على المنتجات المالية الإسلامية في معالجة الموضوع من منظور «مقاصدي»، أي لا يجب النظر إلى العقود المتتابعة التي تتكون منها المرابحة أو الاستصناع على أنها مستقلة في أهدافها الاقتصادية والمالية، بل يجب النظر إلى وحدة الغاية من وراء تعدد تلك العقود.

وكشف الخويلدي أن هناك إجراءات تحت الدراسة مزمَعًا تفعيلها العام الجاري، منها مراجعة القانون الفرنسي الحالي المنظم للإجارة المنتهية بالتمليك (يسميها القانون الفرنسي «القرض الإيجاري») وذلك بتوسيع مجالاتها التي تقتصر في القانون الحالي على التمويل المهني (تمويل المعدات الطبية، وتمويل الصناعيين والتجار، والمقاولين) لتشمل تمويل الأفراد، الشيء الذي سيمكّن الشريحة الجديدة من اقتناء مقر للسكنى. وهذه الأشياء من الأمور التي توليها فرنسا اهتماما كبيرا للمحافظة على التوازن الاجتماعي وتوسيع دائرة الملكية الفردية خصوصا في مجال السكن.

ويضيف الخويلدي أن هناك دراسة أخرى هي عقبات تبني التأمين التكافلي وكذلك إعادة التأمين التكافلي في فرنسا، وكذلك التفكير في القانون الواجب التطبيق في عقود الصناعة المالية الإسلامية، والاعتراف في فرنسا بأحكام التحكيم الأجنبية التي لها علاقة بمسائل تخص الصناعة المالية الإسلامية. ومثل هذا التوجه سوف يجعل أحكام المحكمين الصادرة خارج فرنسا قابلة للتنفيذ في فرنسا بيسر وسهولة. إلى جانب هذه الإجراءات القانونية لم يخفَ على الفرنسيين دعم الجانب الإعلامي لبرنامجهم لوضع حد للجهل المتبادل، «جهل فرنسا للصناعة المالية الإسلامية وجهل الصناعة المالية الإسلامية لفرنسا». ووفق الخويلدي، من المتوقع أنه بعد بدء المؤسسات المالية الإسلامية نشاطها في فرنسا سوف نشهد نقاشا قانونيا وفقهيا ثريا لأن القضاء الفرنسي له تجربة مؤكدة في مسائل مشتركة مع فقه المعاملات المالية الإسلامية مثل بيع الديون، وتأجير العقار لمن باعه إجارة منتهية بالتمليك، وجدولة الديون، والسداد المبكر، وآثار فسخ عقد الإجارة المنتهية بالتمليك، مع اختلاف الشروط والضوابط التي قد تكون طفيفة ولكنها فاصلة.