كاتبة بريطانية تقول إن الساسة والمصرفيين في بلادها أصبحوا عاجزين عن مقاومة إغراء المصرفية الإسلامية

زعمت أن هناك محاولات لـ«أسلمة» بريطانيا عبر البنوك المطابقة للشريعة

فرع أحد البنوك الإسلامية بشارع ادجوار راود في لندن («الشرق الأوسط»)
TT

قالت الكاتبة الصحافية بصحيفة «ديلي ميل» ميلاني فيليبس، إنه تجري حاليا «أسلمة» بريطانيا؛ حيث إنها تحتوي الآن على عدد من البنوك المطابقة للشريعة الإسلامية أكثر من نظيرتها في باكستان.

وقالت فيليبس إن تقريرا صدر من مؤسسة «الخدمات المالية الدولية» اللندنية كشف عن أن قطاع البنوك الإسلامية في بريطانيا صار الآن أضخم من نظيره في باكستان، على اعتبار أن الأخيرة أكثر حرصا على الأمور الموافقة للشريعة.

وجاء في الدراسة أن المملكة المتحدة تشتمل على أكبر عدد من البنوك الإسلامية بالنسبة لدولة غربية، على حد قول فيليبس. فهناك خمسة بنوك مطابقة بالكامل للشريعة الإسلامية، في حين أن هناك 17 مؤسسة رائدة، بما في ذلك بنك «باركليز»، وبنك «آر بي إس»، ومجموعة «لويد» للصيرفة، التي لها أفرع متخصصة أو شركات تابعة لها للعملاء المسلمين.

ونقلت فيليبس عن التقرير قوله إن الأصول التي تقدر بـ12 مليار جنيه إسترليني المودعة في البنوك الإسلامية ببريطانيا، تفوق بكثير الأصول الإسلامية في دول مثل باكستان، وبنغلاديش، وتركيا، ومصر. وهناك أيضا 55 كلية ومعهدا متخصصا يقدمون مناهج دراسية في الشؤون المالية الإسلامية في بريطانيا، وهو عدد يفوق نظيره في أي مكان في العالم.

وقالت فيليبس: «من الواضح أن المرء يستطيع أن يرى الاستقطاب، خاصة في هذه الفترات المستقرة. لكن الأمر الوحيد الذي يبدو أن ساستنا ومصرفيينا يرونه هو التوقعات المغرية بمليارات من الجنيهات الإسترلينية والدولارات الأمريكية التي تتراقص أمام أعينهم». وكان التقرير الذي صدر عن «مؤسسة الخدمات المالية الدولية» بلندن (IFSL) حول التمويل الإسلامي قد جاء فيه أن لندن سعت إلى تقوية مكانتها باعتبارها مركز التمويل الإسلامي الرئيسي في الغرب في عام 2008، حيث تم منح ترخيص لبنكين إسلاميين هما «بنك جيت هاوس» و«بنك بيت التمويل الأوربي»، مما يرفع عدد البنوك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية تماما في المملكة المتحدة إلى خمسة. وقد أصبحت شركة «برنسبال إنشورانس» أول شركة مستقلة متوافقة مع الشريعة الإسلامية يصرح لها بتقديم تأمين التكافل إلى المقيمين في المملكة المتحدة. وفي أسواق رأس المال، تم إطلاق أربعة صناديق متداولة في البورصة جديدة وصندوقي أسهم.

وأشار التقرير إلى أن إسهام المملكة المتحدة يشمل إجمالي 22 بنكا، وهو عدد أكبر بكثير منه في أي دولة غربية. كما أن هناك 18 شركة استشارات قانونية توفر الخدمات المهنية علاوة على الشركات المحاسبية الأربع الكبرى. كما تم إصدار صكوك بإجمالي تراكمي 18 إصدارا تم خلالها جمع 10 مليارات دولار وأدرجت في سوق لندن للأوراق المالية، محتلة بذلك المركز الثاني بعد دبي. ومع وجود 55 مؤسسة تقدم منتجات تعليمية وتدريبية في التمويل الإسلامي، فإن المملكة المتحدة تضم مزودين أكثر من أي دولة أخرى حول العالم.

وبحسب دَنكان مكنزي، مدير الاقتصاد بـ«مؤسسة الخدمات المالية الدولية» بلندن، فإن «المملكة المتحدة استفادت كثيرا من السياسات الحكومية المشجعة التي تهدف إلى وضع الخدمات الإسلامية على قدم المساواة مع الخدمات التقليدية. وتؤكد الشواهد على دور لندن المتنامي في التمويل الإسلامي في كون المملكة المتحدة هي الدولة الغربية الوحيدة التي تحتل مركزا بارزا - الثامن بإجمالي أصول قيمته 18 مليار دولارا - في تصنيف عالمي للأصول المتوافقة مع الشريعة الإسلامية حسب الدولة».

وأوضح السير أندرو كان، الرئيس التنفيذي لهيئة التجارة والاستثمار بالمملكة المتحدة، أنه «على الرغم من نشأة التمويل خارج البلاد، فإنه وجد موطنا طبيعيا في المملكة المتحدة. وعلى الرغم من أنه لا يوجد قطاع بمعزل عن الأزمة المالية العالمية، فإن التمويل الإسلامي أظهر قدرة كبيرة على التكيف. ومن المهم أن نواصل العمل مع شركائنا في التمويل الإسلامي من أجل الاحتفاظ بمركزنا باعتبارنا المركز صاحب الصدارة في العالم الغربي في تزويد خدمات التمويل الإسلامي».

وذكر التقرير أنه منذ 30 عاما ولندن تقوم بتوفير الخدمات المالية الإسلامية، وإن كانت هذه الخدمة لم تلق اهتماما أكبر إلا في السنوات الأخيرة. ومن أهم ملامح تطور لندن والمملكة المتحدة، باعتبارهما المركز الغربي الرئيسي للتمويل الإسلامي، هو السياسات الحكومية المشجعة التي تهدف إلى توسيع سوق المنتجات الإسلامية لكل من المؤسسات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية والمؤسسات التي تدير «منافذ إسلامية».

ووفقا للتقرير، فمن الجوانب الرئيسة للسياسة الحكومية المشجعة وضع إطار مالي وتنظيمي في المملكة المتحدة للتمويل الإسلامي منذ 2003. كما كان هناك عدد من المبادرات التي تهدف إلى أن تشكل جزءا من عملية مستمرة، وذلك من خلال إلغاء الازدواج الضريبي في عام 2003 على الرهون العقارية الإسلامية وتمديد الإعفاءات الضريبية على الرهون العقارية الإسلامية للشركات والأفراد، وإصلاح الترتيبات لإصدارات السندات، بحيث يمكن معاملة العوائد ومدفوعات الدخل باعتبارها «كما لو كانت» فائدة. وهذا يجعل من لندن مكانا أكثر جاذبية لإصدار الصكوك والتعامل فيها. إضافة إلى المبادرات التي قامت بها هيئة الخدمات المالية البريطانية من أجل ضمان اتساق المعاملة التنظيمية للتمويل الإسلامي مع مبادئها وأهدافها القانونية.

وبعد النظر في مسألة إصدار سندات حكومية متوافقة مع الشريعة الإسلامية، أعلنت الحكومة البريطانية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008 أن هذه الخطوة لن تقدم مردودا للمال في الوقت الحاضر، ولكنها قالت إنها ستستمر في النظر في المسألة.

وفي الوقت نفسه أعلنت حكومة المملكة المتحدة عن مبادرات أخرى مصممة من أجل دعم المملكة المتحدة باعتبارها مركزا للتمويل العالمي، ومن أجل ضمان معاملة التمويل التقليدي والتمويل البديل على قدم المساواة، تعتزم بريطانيا سن تشريع جديد في العام الجاري 2009 بغرض توفير إعفاء من ضريبة الدمغة العقارية على سندات التمويل البديل الاستثمارية. كما تجري الحكومة مشاورات حول الإطار التشريعي لسندات التمويل البديل الاستثمارية (الصكوك)، الذي يهدف إلى توحيد المعاملة التنظيمية للصكوك مع أوراق الدين التقليدية.