مركز أبحاث سعودي: «المصرفية الإسلامية» خيار استراتيجي لهيكلة النظام المالي العالمي

مدير مركز الدراسات الآسيوية لـ «الشرق الأوسط»: فرصة ذهبية لطرح مشروع الاقتصاد الإسلامي أمام قمة العشرين

د. رجاء المرزوقي
TT

كشف لـ«الشرق الأوسط» الدكتور رجاء المرزوقي مدير مركز الدراسات الآسيوية التابع للمعهد الدبلوماسي في السعودية أن خبراء دوليين أوصوا بالاقتصاد والمصرفية الإسلامية كخيار استراتيجي لمساعدة الاقتصاد العالمي على إعادة هيكلة النظام المالي الدولي.

وقال المرزوقي إن خبراء من البنك الدولي ومنظمات اقتصادية عالمية نادوا خلال اجتماعات عُقدت مع مركز الدراسات الآسيوية مؤخرا بتبني قيام صناعة اقتصاد إسلامي متكامل، ملمحين إلى أن الفرصة مواتية لطرح مشروع الاقتصاد والمصرفية الإسلامية خلال هذه المرحلة من عمر الاقتصاد العالمي المتهالك.

وأفصح المرزوقي أن توصيات الخبراء والرؤى التي انتهوا إليها تم تدوينها واستخلاص نتائجها في تقرير معتمد رفع إلى الجهات العليا في السعودية بهدف الإطلاع عليها وتبني ما تراه ملائما منها، مشددا في الوقت ذاته على أن تلك التقارير غير ملزمة أو محددة لسياسات معينة.

ولفت المرزوقي إلى أن الخبراء الدوليين لم يتطرقوا إلى تفاصيل تخص الاقتصاد أو المصرفية الإسلامية، بل كانت لهم رؤى إيجابية وخلفية واضحة عن الفكرة الرئيسية التي تقوم عليها المصرفية الإسلامية كسلوك اقتصادي حيوي لا يعتمد على المقامرة وتراكم المديونيات وتضخم الفوائد والغرر بل يدعم المشاركة في الربح والخسارة.

وكانت السعودية قد افتتحت معهد الدراسات الدبلوماسية في عام 1979 ويرأسه الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية بمدينة جدة، قبل أن ينتقل عام 1984 إلى العاصمة السعودية الرياض، حيث يهدف إلى بناء وتطوير معلومات ومهارات وقدرات موظفي وزارة الخارجية والجهات الحكومية الأخرى ذات العلاقة بالعمل الدبلوماسي من خلال تنظيم برامج تدريبية تأهيلية وتطويرية.

كما يدعم المعهد الحصول على المعرفة وتحديثها وتنظيم تبادلها والاشتراك في تنظيم ندوات وحلقات نقاش ومؤتمرات في المجال الدبلوماسي والعلاقات الدولية وإجراء ونشر الدراسات والبحوث والكتب المرجعية في المجالات الدبلوماسية والعلاقات الدولية والاستراتيجية في مجالات الاقتصاد والعلوم السياسية.

ويرى المرزوقي أن الظروف الراهنة تمثل فرصة ذهبية أمام الدول الإسلامية الثلاث السعودية وتركيا وإندونيسيا للمشاركة على طاولة اجتماعات مجموعة العشرين المقبلة في الثاني من أبريل (نيسان) المقبل، مشيرا إلى أنه في حال إقناع قادة الدول بتبني نظام وتشريعات متوافقة مع المصرفية الإسلامية ولو لم تكن بذات المسمى (إسلامية) فإن بلدان المنطقة ستشهد طفرة اقتصادية كبرى.

وقال المرزوقي إنه في حال موافقة الدول على تبني الأنظمة المتوافقة مع الشريعة في ما يخص الاقتصاد الإسلامي فستتزامن مع الفرصة المتاحة حاليا بوجود الأموال في ظل شح تمويل عالمي نتيجة الأزمة المالية، مبينا أن البلدان العربية والإسلامية ستكون جاذبة لأنها ستصبح بمثابة مبتكر المنتج وصاحب الصناعة كما ستدعم تفاعل المجتمعات الإسلامية مع الأنظمة المالية والمصرفية المحلية.

وزاد المرزوقي بأن العالم بات على استعداد وجهوزية لهيكلة اقتصاده، لا سيما نظامه المالي وسياساته النقدية، مما سيعطي الدول الإسلامية المشاركة في اجتماعات قمة العشرين الدافع للضغط باتجاه هذا الخيار الاستراتيجي.

وكانت العاصمة السعودية الرياض شهدت منذ مطلع العام الجاري زيارات من بعض الخبراء والمتخصصين في مجال الاقتصاد الدولي والتنمية استضافهم المعهد الدبلوماسي بأذرعه البحثية المتمثلة في مراكز الدراسات المتخصصة لديه، هدفت إلى إيجاد أطروحات ورؤى ومقترحات وكذلك لوضع حلول للأزمة المالية العالمية كان آخرها وفدا من البنك الدولي ومنظمات عالمية إضافة إلى وفد خبراء يابانيين. وتضمنت الاجتماعات خبراء من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي والبنك الإسلامي للتنمية وجامعة شيكاغو ومركز «ثندر بيرت» لإدارة الأعمال و«بوز اند كمباني»، وممثلين لبنوك استثمارية كبرى من الصين وهونغ كونغ وكوريا الجنوبية، بالإضافة إلى كبار المسؤولين الحكوميين من الوزارات ذات العلاقة ومؤسسة النقد «ساما» ـ البنك المركزي ـ وشريحة من كبار رجال الأعمال في السعودية.

ورأوا في الاجتماع الذي عقد في فبراير (شباط) المنصرم في الرياض أن السعودية تمثل مكانا ملائما لاحتواء مشروع المالية والمصرفية الإسلامية لوجود جميع معطيات نجاح وتبني تشريعات وصياغة مشروع لها متكامل في المملكة، داعين إلى أهمية أن تتبني السعودية قيام نظام الاقتصاد الإسلامي بمشروعاته المالية والمصرفية كمقترح يمكن أن تحمله السعودية للعالم خلال الاستحقاقات والتجمعات الدولية القريبة. وأجمع الخبراء لما للسعودية من قدرة بما تمتلكه من مؤهلات مالية ومعطيات كفاءة وخبرة وتجربة اقتصادية واسعة على المستوى المحلي والدولي، على انطلاقة مشروع المصرفية الإسلامية منها، مشيرين إلى أن الاقتصاد الإسلامي له أهمية قصوى في الوقت الراهن، لا سيما مع تنظيمها لوضعية الديون، مما قد يساعد على تخفيف الوضع ويقدم إسهاما على الصعيد الدولي.

يذكر أن انعقاد الحلقات النقاشية خلال الفترة القريبة الماضية يتزامن مع ما طالب به الأوروبيون مؤخرا من إنشاء نظام مالي جديد واتفاقية تحكم هذه العلاقات تحل مكان اتفاقية «برتن وودز» التي أعلنت في 1946 وأسموها برتن «وودز 2».