محافظ «البحرين المركزي»: البنوك الإسلامية تجاوزت المرحلة الأولى من الأزمة المالية بأقل الأضرار

المعراج لـ«الشرق الأوسط» : نحن أول دولة تضع نظاما متكاملا للتكافل بمعايير عالمية

رشيد المعراج («الشرق الأوسط»)
TT

يعتقد محافظ بنك البحرين المركزي أن المؤتمر السادس لمجلس الخدمات المالية الإسلامية شخّص واقع ومستقبل صناعة الصيرفة الإسلامية بشكل شفاف، أضاف إليه انعقاده بسنغافورة أهمية أخرى كون الأخير بلدا غير إسلامي، في ظل مشاركة دول غير إسلامية أخرى من بينها كوريا الجنوبية.

وقال رشيد المعراج محافظ البنك المركزي البحريني في حوار خاص مع «الشرق الأوسط» إبان مشاركته في هذا المؤتمر في سنغافورة، إن المؤتمر أتاح لمحافظي البنوك المركزية المشاركة فيه تقييم واقع صناعة الصيرفة الإسلامية ومستقبلها بشكل عملي وعلمي ومن ثم العمل على تطويرها من أجل تأمين مسيرتها وانطلاقتها وتدويلها.

وأشار إلى أنه جرى في الماضي لغط شديد في هذا المنحى، وتحديدا عن مستقبل هذه الصناعة، وكيفية إمكانية العمل على تأقلمها مع الظروف والمستجدات العالمية، وما يصاحبها من متغيرات على صعيد التمويل الإسلامي.

وأكد أن البنوك الإسلامية والمؤسسات المالية الإسلامية، استطاعت أن تجتاز المرحلة الأولى من الأزمة المالية العالمية بأقل الأضرار مقارنة بمثيلاتها من المصارف التقليدية، ما يحتم التأكد من أن المصرفية الإسلامية تعمل وفق المعايير المصرفية العالمية، وسد نواقصها المعيارية.

وأوضح أن هناك حاجة ماسة لتطوير الكوادر البشرية مع توسيع صناعة المصرفية الإسلامية ليس فقط على المستوى الإقليمي وإنما على المستوى العالمي أيضا، خاصة في الجوانب المتصلة بالفتاوى المصرفية، بالإضافة إلى معايير الحوكمة المتعلقة بالإدارة الجيدة فيما يختص بمستوى الإفصاح وتطبيق المعايير، حتى يمكنها التأقلم مع المستجدات العالمية..إلى نص الحوار:

* ما أهمية المؤتمر؟ وماذا أضاف إليه انعقاده في سنغافورة ؟

ـ بالنسبة لنا تأتي أهمية مؤتمر مجلس الخدمات المالية الإسلامية السنوي السادس كونه يجيب عن أسئلة مهمة تتعلق بمستقبل صناعة الصيرفة الإسلامية، أضاف إليها انعقاده في بلد مثل سنغاورة أهمية أخرى، حيث يعقد في ظل الأزمة المالية العالمية التي تتنامى انعكاساتها السالبة، وفي بلد غير مسلم، حتى نستطيع أن نقيم واقع صناعة الصيرفة الإسلامية ومستقبلها، حيث جرى في الماضي لغط شديد في هذا المنحى، وتحديدا عن مستقبل هذه الصناعة، وكيفية إمكانية العمل على تأقلمها مع الظروف والمستجدات العالمية، وما يصاحبها من متغيرات على صعيد التمويل الإسلامي. ومما لا شك فيه ، أن البنوك الإسلامية والمؤسسات المالية الإسلامية، استطاعت في الغالب أن تجتاز المرحلة الأولى من الأزمة بأقل الأضرار مقارنة بمثيلاتها من المصارف التقليدية.

طبعا، استجدّ الآن واقع جديد على مستوى السيولة على مستوى النمو الاقتصادي وبالتالي من الأهمية بمكان أن نقيّم كيفية تأقلم المؤسسات المالية الإسلامية مع هذا الواقع الجديد.

وهذا المؤتمر، الذي قام على أمره مجلس الخدمات المالية الإسلامية، يجسد دورا مهما جدا يقوم به المجلس خاصة فيما يتعلق بتحديد المعايير المصرفية الإسلامية الخاصة بهذه الصناعة، حيث هناك الكثير من القضايا التي تستحق منا كأجهزة رقابية وبنوك مركزية، أن نقوّم ونقيم صناعة المصرفية الإسلامية، مع إتاحة الوقت والجهد لبحثها للعمل على تطويرها، بعد الإجابة عن أهم الأسئلة التي تخدم هذا الاتجاه، لنرى إلى أين تتجه بنا هذه الصناعة مستقبلا؟ كيف نتعامل مع المستجدات آنفة الذكر، من أجل تأمين مستقبل صناعة المصرفية الإسلامية، وتأمين استمرارية انطلاقة المؤسسات المالية الإسلامية، خاصة أن الأخيرة لا تعمل في الأسواق التقليدية فحسب، بل تعدتها إلى أسواق عالمية جديدة وتغلغلت فيها بقوة، فأصبحت محط أنظار جميع الدول وجميع الأجهزة الرقابية وما يحتم التأكد من أن المصرفية الإسلامية تعمل وفق المعايير المصرفية العالمية، فإن كانت هناك نواقص في المعايير يتوجب علينا أن نعمل على سدّها وتطويرها.

* ما رؤيتكم لواقع صناعة المصرفية الإسلامية والمؤسسات المالية الإسلامية؟ وما هي التحديات التي تواجهها؟

ـ هناك عامل يتكرر دائما، وهو الحاجة الماسة والدائمة إلى تطوير الكوادر البشرية مع توسيع صناعة المصرفية الإسلامية ليس فقط على المستوى الإقليمي وإنما على المستوى العالمي أيضا، حيث إن هناك شعورا حقيقيا بأن هناك نقصا في الكفاءات البشرية، خاصة في الجوانب المتصلة بالفتاوى التي تختص بهذه الصناعة، وهذا يدعونا إلى التأكيد على مسألة التدريب والتوسع فيه على المستويين المحلي والدولي.

بالإضافة إلى ذلك هناك قضايا أخرى مهمة تتقدمها مسألة معايير الحوكمة المتعلقة بالإدارة الجيدة فيما يختص بمستوى الإفصاح وتطبيق المعايير، بجانب بحث كيفية تأقلم المؤسسات المالية الإسلامية مع انحسار السيولة، وتأثر القطاع العقاري بشكل عام في العالم على هذا الأساس.

* اعترفت البنوك المركزية للدول الإسلامية المشاركة في هذا المؤتمر لأول مرة بصناعة المصرفية الإسلامية لتأخذ بيدها بشكل جدي.. ما السر في ذلك؟

ـ البنوك المركزية في الدول الإسلامية بذلت جهدا كبيرا لأجل تعزيز مكانة المؤسسات المالية الإسلامية، مع عدم إغفالها الاهتمام بالدول غير الإسلامية بدليل إقامة هذا المؤتمر في سنغافورة مع أنها بلد غير إسلامي ولكنها عضو كامل في المجلس، ما يوضح أن هناك اهتماما من قبل المؤسسات المالية والأجهزة الرقابية بالدول غير الإسلامية بالصيرفة الإسلامية.

ونحن في البحرين سعينا منذ سنوات عديدة، لترويج وإقناع المؤسسات المالية الإسلامية العالمية، وخاصة في أوروبا من أجل الأخذ بيد صناعة المصرفية الإسلامية، وقد نجحنا في ذلك من خلال الاتصالات التي قمنا بها مع كثير من الأجهزة الرقابية في أوروبا واليابان وعدد آخر من الدول الآسيوية، وساعد في ذلك ما قمنا به وأشقاؤنا في الدول العربية وبالأخص الخليجية منها من ورش عمل لذلك قامت بمجهود كبير في هذا الصدد.

* ماذا تمثل صناعة المصرفية الإسلامية للبحرين في علاقاتها ومصالحها المالية خارجيا؟

ـ تمثل لنا المصرفية الإسلامية في البحرين مرتكزا غاية في الأهمية ومن المرتكزات الإستراتيجية في تطوير الخدمات المالية في البحرين، حيث قمنا بصناعة الكثير من البرامج المشتركة في كل من أوروبا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، وسعينا أيضا من خلال علاقاتنا مع الأجهزة الرقابية إلى تعريف أولئك وغيرهم بالصناعة المصرفية الإسلامية، وأقنعناهم بأن هذه الصناعة لا تقدم فقط الخدمات المالية للمسلمين خاصة دون غيرهم، وإنما هي في الأساس أنموذج متقدم للتمويل.

ولذلك أعتقد أن جهودنا بدأت تثمر عن نتائج إيجابية، فرأينا كيف الآن أصبح الاهتمام بالمصرفية الإسلامية يتنامى يوما بعد يوم وبشكل مضطرد في كثير من بلاد العالم ومنها بريطانيا وفرنسا، فحدث نوع من التفاعل مع الجهات الرقابية في تلك البلاد، ومما يجدر ذكره في هذا المقام أن إحدى الولايات بألمانيا قامت بإصدار صكوك إسلامية قبل 8 سنوات ما يدل على أهمية هذه الصناعة وحجم الاهتمام الذي تلاقيه.

أضف إلى ذلك قمنا قبل شهر من الآن بإقامة ورش لترويج صناعة المصرفية الإسلامية بواشنطن للمرة الثانية، ويمكن ملاحظة نتائج تلك الجهود من خلال هذا الحضور من المشاركين في هذا المؤتمر بهذا المستوى والكم الكبير من محافظي البنوك المركزية لبعض الدول غير الإسلامية مثل كوريا وسنغافورة وغيرها.

* محليا.. ماذا قدمت البحرين من جهود لصناعة المصرفية الإسلامية لتحسين سوقها المالية؟

ـ كما ذكرت سابقا، فإن البحرين أخذت على عاتقها تطوير صناعة التمويل الإسلامي، وعملنا منذ البداية على عدة مستويات، المستوى الأول منها تدريب وتطوير الكوادر البشرية، المستوى الثاني، المساعدة على إنشاء ما يسمى بالمنظمات الأساسية الداعمة مثل الـ«آي. يو. في» المسؤولة عن إعداد المعايير المحاسبية وهي موجودة في البحرين. كما لدينا مؤسسة لإعداد التقييم للتصنيفات الائتمانية، بالإضافة إلى مؤسسة «انتر ناشيونال ماركت»، كما أنشأنا في السنتين الأخيرتين ما يسمى بصندوق الوقف من أجل تمويل واستثمار الكوادر البشرية وتمويل البحوث في مجال الصيرفة الإسلامية. أما على الجانب الرقابي، فقد طورنا كثيرا من المعايير البنكية الخاصة بالرقابة على المصارف الإسلامية، كما وضعنا نظاما متكاملا للتكافل وعلى مستوى عالمي ويحمل معايير عالمية ويغطي صناعة التكافل الإسلامية، وبذلك كانت البحرين أول دولة تضع هذا النظام. أضف إلى ذلك، فإن البحرين أنشأت العديد من المؤسسات المالية التي أدت دورها بكفاءة عالية وطورت ووسعت في منتجاتها على مستوى العالم، وما زلت تسير على هذا الطريق.