جامعة سعودية تعتزم إنشاء كرسي للدراسات المصرفية الإسلامية

مدير جامعة الإمام لـ «الشرق الأوسط» : نسعى لتوفير بيئة ملائمة للبحث والتطوير في مجال المصرفية الإسلامية

TT

كشفت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية السعودية عن توجهها إلى تدشين كرسي أبحاث تحت مسمى «كرسي دراسات المصرفية الإسلامية»، يتماشى والمكانة والخبرة التي تتميز بها الجامعة في هذا المجال.

ويهدف كرسي دراسات المصرفية الإسلامية، إلى الاستفادة من الخبرة المتراكمة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في مجال الاقتصاد والتمويل الإسلامي، في تطوير صيغ جديدة للمصرفية الإسلامية، تجمع بين المصداقية الشرعية والكفاءة الاقتصادية العملية، والإسهام في تطوير البيئة التنظيمية والمؤسسية الداعمة لها.

وقال الدكتور سليمان أبا الخيل مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لـ«الشرق الأوسط»، إن الكرسي يسعى لتوفير البيئة الملائمة للبحث والتطوير في مجال المصرفية الإسلامية؛ بما يدعم التنمية المستدامة في السعودية، وتعزيز فرص نمو الاقتصاد القائم على المعرفة، وربط مخرجات البحث العلمي في الجامعة بحاجات المجتمع من خلال إيجاد بيئة تقوم على الشراكة بين الجامعة، والجهات الحكومية والأهلية وغير الربحية المحلية والدولية.

وتتوقع الجامعة أن يصبح الكرسي متميزاً دولياً في إنتاج ونشر أبحاث رائدة في مجال المصرفية الإسلامية، وتشجيع الممارسين في المؤسسات المالية والباحثين على ابتكار منتجات جديدة تسهم في تطوير وتحسين كفاءة صناعة الخدمات المالية الإسلامية، وتقديم برامج تدريبية في هذا المجال، والإسهام مع الجهات الحكومية والخاصة المعنية بتنظيم وتقديم الخدمات المالية؛ لجعل السعودية مركزاً مالياً دولياً للخدمات المالية الإسلامية.

وتأتي أهمية الكرسي كون الجامعة لديها قسم الاقتصاد الإسلامي الذي أنشئ تحت مظلة كلية الشريعة منذ ما يقارب 30 عاماً، وهو دليل عملي على تفاعل الجامعة مع مستجدات العصر ومشكلاته، وشاهدٌ على التزام الجامعة برسالتها الرائدة في المعالجة الإسلامية لهذه المستجدات والمشكلات من خلال منهجية تأصيلية شرعية للعلوم الإنسانية الحديثة. ومنذ البداية كانت برامج القسم تعكس حرص الجامعة على إعداد الباحث المتميز برؤية شرعية في مجال الاقتصاد وعلى الاستجابة للطلب المتزايد على تأهيل اقتصاديين مؤهلين للوفاء بمتطلبات القطاعين الحكومي والخاص. ويأتي توجه الجامعة نحو هذه الصناعة، بعد الاهتمام المتزايد بالدراسات الاقتصادية والمالية الإسلامية من قبل المؤسسات المالية المصرفية والاستثمارية والخيرية، محلياً وإقليميا ودولياً، ما دفع جامعة الإمام إلى تحويل قسم الاقتصاد إلى كلية مستقلة تشمل خمسة أقسام عملية متخصصة في (الاقتصاد، وإدارة الأعمال، والمحاسبة، والتمويل والاستثمار، والمصارف الإسلامية). وتعي الجامعة تطورات المصرفية الإسلامية على المستوى المحلي والعالمي، حيث تشهد سوق المصرفية الإسلامية حالياً طفرة كبيرة، وأكد صندوق النقد الدولي في دراسة حديثة أن الصيرفة الإسلامية تشهد نمواً متسارعاً في الوقت الحاضر، ليس بسبب تنامي السيولة المالية في دول المنطقة فحسب، بل بسبب توسع رقعة الحلول والمنتجات المالية الإسلامية التي تواكب احتياجات قطاعات واسعة من المستثمرين سواء الحكومات أو الشركات أو المؤسسات المالية الإسلامية نفسها، فضلا عن نمو الأصول التي تديرها المصرفية الإسلامية.

ومن المتوقع أن تنصب نشاطات الكرسي على البحوث التطبيقية الموجهة لدعم صناعة الخدمات المالية في السعودية من خلال ابتكار أدوات وحلول مالية، تتيح للمصارف الإسلامية المرونة الكافية للاستجابة للحاجات المتنوعة للممولين والمستثمرين، وللظروف الاقتصادية المستجدة. بالإضافة إلى ذلك سيتم محاولة المساهمة في طرح منتجات جديدة بدلا من بقاء المصرفية الإسلامية رهينة منتجات مالية محدودة مثل الإجارة والمرابحة، التي ستبقى صالحة للتطبيق، لكن ضمن دوائر محددة، وستظل هناك حاجات تمويلية واستثمارية قائمة بحاجة إلى ابتكار حلول جديدة وأدوات مالية ملائمة، تتيح للمصارف الإسلامية وعملائها المرونة الكافية للاستجابة لمتطلبات المتغيرات الاقتصادية.

وتتطلع الجامعة إلى أن يساهم الكرسي في الاستفادة من المرحلة المستقبلية التي تنتظرها المصرفية الإسلامية بعد الأزمة المالية العالمية، إلى جانب أن صناعة الخدمات المالية العالمية تطرح بشكل مستمر مبتكرات مالية جديدة قد لا يتوافق كثيرٌ منها مع أحكام الشريعة الإسلامية، ما يتطلب التوسع في دراسة بدائل وحلول مشروعة مستمدة من الأفق الواسع للاجتهاد في صياغة عقود مالية مستندة إلى قواعد فقه المعاملات المالية، وتلبي في الوقت نفسه حاجة المؤسسات المالية والممولين والمستثمرين، وتحميهم من الوقوع في الحرج الشرعي.

ويدعم قوة كرسي دراسات المصرفية الإسلامية في جامعة الإمام وجود القاعدة الداعمة لإنشاء الكرسي، والمتمثلة في الخبرة المتراكمة في مجال التمويل الإسلامي وفقه المعاملات المالية المعاصرة التي اكتسبها أعضاء هيئة التدريس في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، وقسم الفقه بكلية الشريعة في الرياض، والمعهد العالي للقضاء في الجامعة، من خلال أبحاثهم النظرية ومشاركاتهم العملية في تطوير المؤسسات المالية الإسلامية خلال العقود الثلاثة الماضية.

بالإضافة إلى أن كليات الجامعة وأقسامها المتخصصة في الاقتصاد والفقه أسهمت في إنتاج مئات البحوث في مجال المعاملات المالية الإسلامية، ما بين أبحاث محكمة، ورسائل ماجستير ودكتوراه، وكذلك عمل عدد من أعضاء هيئة التدريس في الجامعة في عدد من المؤسسات المالية كمستشارين، أو مسؤولين عن تطوير ومراقبة تطبيق أدوات التمويل الإسلامية، أو أعضاء في الهيئات الشرعية. وقد أسهمت هذه الأعمال، على مدى العقود الماضية، في تكوين علاقات اتصال قوية مع المؤسسات المالية الإسلامية في داخل السعودية وخارجها.

وتتطلع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إلى أن يصبح كرسي دراسات المصرفية الإسلامية متميزاً دولياً في مجال تطوير وابتكار منتجات مالية جديدة وملائمة، تجمع بين المصداقية الشرعية والكفاءة الاقتصادية العملية. كما يسعى الكرسي لتوفير بيئة بحثية ذات جودة عالية، تستقطب أفضل الكفاءات في مجال التمويل الإسلامي، وتزود صناعة المصرفية الإسلامية بمنتجات مالية منافسة، تتيح لها وعملائها المرونة الكافية للاستجابة لمتطلبات المتغيرات الاقتصادية.

وتهدف الجامعة من خلال الكرسي إلى دعم المعرفة المتخصصة في مجال المصرفية الإسلامية، وتسديد الممارسات التطبيقية في هذا المجال، وتحقيق التكامل في مجال البحث العلمي بين الجامعة بوحداتها المختلفة والمؤسسات البحثية داخل الجامعة وخارجها، وتوفير المصادر المالية اللازمة لدعم البحث العلمي في الجامعة واستدامتها، وتوفير السبل الداعمة لاستقطاب وتدريب العقول المبدعة، والكفاءات المتميزة في مجال تخصص الكرسي محلياً ودولياً.

ويهدف الكرسي كذلك إلى الإسهام مع الجهات الحكومية المعنية بتنظيم المصرفية الإسلامية؛ لجعل السعودية مركزاً مالياً دولياً للخدمات المالية الإسلامية، وإثراء المكانة العلمية والبحثية للمملكة على المستوى العالمي، وتشجيع العلماء والباحثين السعوديين على الإسهام في الحضارة الإنسانية.

ويركز الكرسي في موضوعات بحثه على عدد من المواضيع المهمة منها: صيغ التمويل القائمة على الدين مثل الإجارة والمرابحة والاستصناع، وصيغ التمويل القائمة على الشراكة مثل المضاربة والمشاركة، وإدارة المخاطر في المصارف الإسلامية، والأنظمة والمعايير المحاسبية الداعمة للمصرفية الإسلامية، والمؤسسات الداعمة للمصرفية الإسلامية مثل مؤسسات تبادل المعلومات الائتمانية، والأسواق المالية، وصيغ تمويل رأس المال العامل، وتسعير عقود التمويل الإسلامية، تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة.