سوق الصكوك والسندات السعودية ينطلق في توقيت يتسق مع ظروف الأزمة الاقتصادية العالمية

خبراء يطالبون في حديث لـ«الشرق الأوسط» بطرح مزيد من الإصدارات لتوسيع القاعدة الاستثمارية

ستساهم الصكوك في إيجاد تمويل لشركات القطاع الخاص («الشرق الأوسط»)
TT

أبدى خبراء ماليون سعوديون ارتياحا لتوقيت انطلاق سوق الصكوك والسندات، حيث رأوه جاء متلائما ومتسقا مع الظروف التي حتمتها الأزمة الاقتصادية العالمية من تجفيف لمصادر التمويل والإقراض، لتكون سوق الصكوك خيارا استثماريا وتمويلا آمنا.

وتوقع الخبراء في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» أن يشهد السوق السعودي مزيدا من إصدارات الصكوك خلال النصف الثاني من العام الجاري، حيث أكدوا أن سوق الصكوك سيكون خياراً بديلاً عن تمويل القطاع الخاص في المملكة.

وتأتي توقعات الخبراء مع تقارير سابقة لمؤسسة التصنيف الائتماني «موديز»، توقعت من خلالها إقبالا من البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية على التداول في الصكوك المدرجة في السوق السعودية، وأن كثرة أعداد الإصدارات المدرجة ستشجع البنوك الإسلامية على التداول والتعامل بنشاط في السوق.

ويبلغ حجم السوق المالية الثانوية للصكوك والسندات في المملكة، وفقا لقيمة الإصدارات المدرجة فيها بنحو 21 مليار ريال (5.6 مليار دولار) تمثل 4 إصدارات لشركتين من كبريات الشركات السعودية، حيث هناك ثلاثة إصدارات للشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك»، وإصدار واحد للشركة السعودية للكهرباء. ويتوقع أن تكون الفترة المقبلة من العام الحالي 2009 توقيتا للتوجه نحو إدراج سندات حكومية وخاصة جديدة، من شأنها أن تعزز من مستوى التداول وتوسع دائرة الاختيارات والتعاملات اليومية في السوق، وهو ما تبدو ملامحه، حيث ينتظر أن تتجه الكهرباء السعودية نحو إصدار جديد من الصكوك.

وطبقا لـ« موديز» فإن السندات والصكوك غير ممثلة فعليا في أسواق منطقة الخليج، حيث تقدر نسبتها بنحو 5 في المائة فقط، مقابل 95 في المائة لأسواق الأسهم بعكس الحال في الاقتصاديات المتقدمة، حيث تتقاسم السندات والصكوك السوق تقريبا، وهو ما يتيح الفرصة أمام السوق السعودية الجديدة للانتعاش. وأوضحت الوكالة، أن أسواق الصكوك في منطقة الخليج ورغم تضررها من تداعيات الأزمة المالية «وجدت لتبقى»، وطبقا لتقارير حديثة فإن قيمة الصكوك، التي جرى طرحها منذ مطلع العام وحتى الآن تقدر بنحو 4 إلى 4.5 مليار دولار، وهى أقل من التوقعات التي كانت تدور بين 10 إلى 12 مليار دولار.

وبدأ سوق الصكوك والسندات في السعودية في الأسبوعين الماضيين، وهو سوق يوفر خدمات رئيسة مثل إدراج الصكوك والسندات وتنفيذ الأوامر والصفقات والتقاص والتسوية ونشر بيانات الأسعار بشكل مباشر. وثمن عدد من الاقتصاديين إطلاق سوق لتداول الصكوك الإسلامية والسندات في السعودية، ووصفوه بالخطوة المهمة في سبيل استثمار السيولة غير المستغلة.

ويرى الخبراء الماليون، أن سوق الصكوك والسندات سيفتح آفاقا أكثر للشركات العملاقة، ويزيد من فرص التمويلات للمشاريع الكبيرة، مع الشح الكبير في الائتمان بعد الأزمة المالية العالمية.

وأوضح المحللون أن السوق الجديدة التي انطلقت قبل نحو شهر من شأنها تقليص مخاطر السيولة نتيجة لوجود سوق ثانوية نشطة تتيح للمستثمرين تسييل استثماراتهم في الصكوك والسندات بشكل سريع. وقال محمد العمران، عضو لجنة الأوراق المالية في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، لـ«الشرق الأوسط»، إن المستثمرين تعودوا أن يتم التمويل من خلال القطاع المصرفي، وأن السوق أظهر لهم أن هناك أدوات جديدة للتمويل خارج هذا القطاع ومن أهمها الصكوك والسندات.

وأضاف العمران أن الصكوك فيها استفادة من كلا الطرفين (المصدر والمستثمر)، وكلاهما يحقق أهدافه، وهي موجودة من عدة سنوات وتعتبر أقل كلفة من الأدوات التمويلية الأخرى، فضلا عن أن السوق الجديد وسع قاعدة الأدوات المالية في السوق السعودي، إلى جانب أنه منح المستثمرين الراغبين في منتجات استثمارية ذات مخاطر منخفضة خيارات أكبر. وتابع العمران أن عدد الشركات التي تستطيع إصدار صكوك محدودة، وذلك لأن أهم شرط في الإصدار هو التصنيف الائتماني، متوقعا أن تشهد هذه الصناعة زيادة في الإصدارات الأولية، نتيجة لعدم قدرة المصارف على تلبية الطلب المتنامي للائتمان من قبل الشركات الكبرى. وأضاف محمد العمران، أن ارتباط السندات بالأزمة المالية العالمية، كان له تأثير وتخوف من قبل بعض المستثمرين، الذين قد يكونون غير مدركين للفروقات بين السوق في السعودية وتبعات الأزمة، مشيرا إلى أن الجانب الشرعي سيكون له تأثير في السوق تدريجيا، خاصة مع التفاؤل الذي يبديه الكثير في مستقبل السوق.

من جهته، توقع الاقتصادي فضل البوعينين أن يكون لسوق الصكوك والسندات مستقبل جيد، وأن توقيت افتتاح السوق جاء متناسبا مع الظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم.

وقال البو عينين في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إنه يجب أن نعلم أن المنطقة والسعودية تحديدا تعاني من أزمة في تقديم الائتمان للمنشآت الكبيرة، خاصة تلك التي يطلق عليها «قروض مجمعة»، بل أن كثيرا من الشركات العملاقة لم تستطع الحصول على التمويلات اللازمة لبناء مشاريعها.

وبين الاقتصادي البوعينين، أن سوق الصكوك والسندات هو البديل الأمثل في الوقت الحالي لقنوات التمويل المتشبعة، ويساعد هذا السوق في توفير المصادر الائتمانية، مؤكدا أن تدشين السوق يعتبر فائدة إضافية للسوق الائتماني.

وأفاد البوعينين، أن كثيرا من المستثمرين الحائرين في استغلال السيولة المتوافرة لديهم، هم أكثر الناس إقبالا على هذا السوق، على اعتبار أن كثيرا منهم لا يجيد طريقة الاستثمار بشكل جيد، وليس لديهم أي دراية بعمليات الاستثمار الصحيحة.

وتابع البوعينين أنه مع شح الائتمان الحالي، فإن وتيرة إصدارات الصكوك والسندات ستزداد في النصف الثاني من العام الجاري، إلى جانب ثقافة المستثمر السعودي في السوق التي ستزداد هي الأخرى، فضلا عن الشركات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة التي ستشهد هي الأخرى نموا مع الأيام.

وعد البوعينين أبرز ملاحظاته على هذه السوق بقوله، «كنا نمني أنفسنا بأن يكون لدينا سوق للصكوك فقط، بعد أن كنا نرى أسواقا مجاورة لديها سوق مستقلة بالصكوك»، مشيرا إلى أن هناك جهات كانت في السابق قد أصدرت سندات مالية ومن حقها أن يكون لديها سوق للتداول، و«من المعيب أن يكون لدينا سندات لا يتم تداولها». وأوضح المحلل المالي البوعينين، أن إطلاق سوق للصكوك الإسلامية والسندات يعتبر مرحلة أولى من وجهة نظره، مفيدا أن تداول السندات المصدرة سابقا سيتم حتى تنتهي مدتها التي أصدرت بها، وأن السوق يعتبر حاليا في مرحلة أولية.

وأشار البوعينين إلى أن سوق الصكوك والسندات حاله كحال سوق الأسهم، الذي يشهد إقبالا من قبل المستثمرين، الذين يرغبون في الاستثمار في أسهم البنوك وغيرها سواء كانت متوافقة مع الشريعة أو أسهم بنوك تقليدية، مؤكدا أن المرحلة الأولى تحتاج إلى وقت، وأن السوق بشكل عام هو عامل إضافي للسوق الائتمانية.