الرئيس التنفيذي لـ«ثروات»: الأسواق الخليجية بحاجة إلى المزيد من إصدارات الصكوك الحكومية

العلوي لـ «الشرق الأوسط»: نعتزم الاستثمار في الأسواق المالية الابتدائية والثانوية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

عارف العلوي («الشرق الأوسط»)
TT

أكد عارف العلوي الرئيس التنفيذي لشركة «ثروات» المالية والمسجلة في البحرين، أن الأسواق المالية الخليجية بحاجة إلى المزيد من إصدارات الصكوك الحكومية، خصوصا في ظل تعطش السوق الخليجية للإصدارات الحكومية، في الوقت الذي تتوجه فيه معظم الحكومات الخليجية للاقتراض بشكل مباشر من البنوك التجارية أو عن طريق إصدار سندات دين تقليدية.

وأكد العلوي الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط» في حوار حول طرح منتج جديد، أن شركته تسعى لإيجاد مفهوم جديد لمؤسسة استثمارية إسلامية مبتكرة، وإضافة قيمة نوعية عالية إلى قطاع المصارف الاستثمارية الإسلامية في سوق مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مؤكدا أن الشركة سعت لتقديم تشكيلة واسعة من المنتجات الاستثمارية التي تستهدف في معظمها أسواق مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والدول الإسلامية في القطاعات الاستثمارية الصناعية والزراعية والخدماتية والعقارية.

* أطلقتم صندوقا للصكوك، كيف سيتم العمل بهذا الصندوق؟

ـ كما تعرف فإن دار «ثروات» للاستثمار هي دار استثمارية متوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية. وهي مؤسسة على يد عدد من رجال الأعمال والمستثمرين البارزين في كل من السعودية وقطر والإمارات والبحرين. وأُنشئت «ثروات» لإطلاق تشكيلة واسعة من المنتجات الاستثمارية الإسلامية المبتكرة لتلبي حاجة السوق إلى هذه المنتجات. وأحد هذه المنتجات هو صندوق «ثروات» للصكوك.

وهو صندوق استثماري مفتوح الأجل متوافق مع الشريعة الإسلامية ومقره البحرين، وتم إنشاؤه كصندوق للعوائد المطلقة ويركز على الصكوك مع التركيز بشكل أساسي على إصدارات الصكوك في منطقة الخليج. وتهدف استثمارات الصندوق إلى تحقيق عوائد من خلال الاستثمار في محفظة متنوعة من الاستثمارات المدرة للدخل والأوراق المالية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وسيكون الاستثمار في الصكوك الإسلامية بجميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما يسعى الصندوق إلى المحافظة على رأس المال مع تحقيق دخل مرتفع من خلال شراء الصكوك من خلال الأسواق المالية الابتدائية والثانوية.

* أطلقت السعودية أخيرا سوقا مالية ثانوية للصكوك، ويُنتظر أن يتنامى حجمها قريبا، ألا تخططون للاستثمار فيها على المدى القريب؟

ـ بلى، قامت «ثروات» عن طريق المستشار المالي لصندوق الصكوك الذي أطلقته حديثا باتخاذ الخطوات اللازمة لدخول هذه السوق والاستثمار فيها. نحن نرى السوق السعودية الأكبر من ناحية الفرص المحتملة ونبارك لحكومة خادم الحرمين ولهيئة السوق المالية هذه الخطوة الجبارة التي من شأنها أن تبثّ روحا جديدة في أسواق المال في المنطقة. كما أننا نستبشر خيرا بأن إطلاق مثل هذه السوق سيحفز إصدار المزيد من الصكوك الحكومية والخاصة ويسهّل عملية الاستثمار فيها.

* كيف يكون تدشين صندوق «ثروات» للصكوك للمحافظة على رأس المال وتحقيق دخل مرتفع؟

ـ تقدم الصكوك بحكم طريقة تكوينها ضمانا لرأس المال. كما تُعتبر الصكوك الإسلامية من أساليب الاستثمار الحديثة المطابقة للشريعة الإسلامية. أما طريقة ضمان رأس المال فلمالك الصك حصة شائعة في المشروع الذي أُصدرت الصكوك لإنشائه أو تمويله ويترتب عليها جميع الحقوق والتصرفات المقررة شرعا للمالك في ملكه. والصكوك أداة مالية شرعية تولّد الأرباح لمالك الصك مضمونة بملك. أما تحقيق صندوق الصكوك لعوائد مرتفعة فهو نتيجة للأزمة المالية العالمية والضعف في نشاط الإقراض والشح في السيولة، وكما تعلم فقد باع المستثمرون العالميون المالكون للصكوك صكوكهم بأسعار أقل من القيمة الاسمية للصك التي ستكون من نصيب مالكها عند تاريخ استحقاق الصك، مما أدى إلى تقديم مكررات ربحية مغرية.

* مَن المستهدفون لهذا في توقُّعكم مِن المستثمرين الذين سيدخلون في الصندوق؟

ـ في الحقيقة وجدنا اهتماما كبيرا لهذا الصندوق سواء من المستثمرين الأفراد أو المؤسسات أو البنوك الاستثمارية. وقد عمدنا أن يكون هيكل الصندوق بسيطا جدا مما يسمح للمستثمر بالدخول أو الخروج منه بسهولة. وقد عمدنا أن يكون هيكل الصندوق بسيطا وواضحا للفهم حتى للمستثمر المبتدئ. أما أهم ميزات الصندوق فهي أنه أولا متوافق تماما مع مبادئ الشريعة الإسلامية، كما أنه يعطي المستثمر الخيار كل ستة أشهر للحصول على عوائد الصكوك نقدا أو أن يعيد استثمار هذه العوائد في الصندوق مرة أخرى، وهذه ميزة غير متوفرة حاليا في أي صندوق آخر. إضافة إلى ذلك فإن الصندوق يسمح للمستثمر بإمكانية التخارج شهريا بعد انقضاء ستة أشهر فقط من تاريخ الاشتراك بالصندوق. إضافة إلى ذلك فإن الرسوم الإدارية لصندوق الصكوك أقل من رسوم معظم الصناديق المعروضة حاليا.

* هل ترون أن توقيت تدشين الصندوق ملائم في ظل الأزمة المالية؟ وهل السوق مشجعة لذلك؟ ـ قمنا بالحديث مع العديد من المستثمرين ذوي الخبرة الطويلة في الاستثمارات، وأبدى معظمهم اهتمامه بهذا الصندوق نظرا إلى توافقه مع مبادئ لشريعة الإسلامية ولقلة نسبة المخاطرة وجودة مستوى العائد. أما بالنسبة إلى السوق فهي بحاجة إلى منتجات مماثلة لصندوق «ثروات» للصكوك لجذب المستثمرين مرة أخرى إلى الصناديق الاستثمارية.

* كيف ترون استفادة المؤسسات المالية الخاصة من تفعيل الصناديق الاستثمارية باعتبارها منتجا فاعلا؟

ـ في الحقيقة المستثمرون هم المستفيد الأكبر من تفعيل الصناديق الاستثمارية، وبالطبع استفادت المؤسسات المالية من طرح هذه الصناديق كأداة استقطاب للمستثمرين الراغبين في تحسين عوائدهم الاستثمارية دون الحاجة إلى إدارة هذه الاستثمارات بصورة يومية حيث يقوم مدير الصندوق بهذه الإدارة بالنيابة عنهم. ولكن في رأيي أن المستثمرين هم المستفيد الأكبر من تدشين هذه الصناديق الاستثمارية نظرا إلى استخدام هذه الصناديق لأدوات مالية وأساليب تقنية تقلل من مخاطر الاستثمار مما ينعكس بصورة إيجابية على عوائد المستثمرين. أضف إلى ذلك أن هذه الصناديق بحكم قدرتها على تجميع أموال المستثمرين تصبح قادرة على الولوج في صفقات استثمارية ذات مردود عالٍ، بينما يكاد يكون من الصعب دخول المستثمر بمفرده إلى نفس هذه الصفقات مستحيلا، بسبب ضخامة حجم الاستثمار والحاجة إلى إدارة الأطراف المختلفة للصفقة من محامين ومستشارين إداريين وماليين ناهيك عن المعاملات مع الجهات الحكومية.

* هل التوجه نحو الاستثمار في إصدارات الحكومات من الصكوك يمثل إحدى الطرق الآمنة لتحريك السيولة والمحافظة على رأس المال؟

ـ لا شك في أن الإصدارات الحكومية في أي دولة تُعتبر الأكثر أمنا مقارنة بإصدارات الشركات في نفس الدولة. وفي هذا السياق أود أن أذكر النجاح الكبير لصكوك حكومة البحرين التي أطلقتها الشهر الماضي بقيمة 750 مليون دولار والتي تم تغطية الاكتتاب فيها ثماني مرات. في اعتقادي تمثل الصكوك بشكل عامّ والصكوك الحكومية بشكل خاص أفضل الاستثمارات المدرّة للدخل حاليا. ولكن للأسف الشديد ما زالت سوق الصكوك تعاني شحا كبيرا من الإصدارات الحكومية حيث تتوجه معظم الحكومات الخليجية للاقتراض بشكل مباشر من البنوك التجارية أو عن طريق إصدار سندات دين تقليدية.

* وفي رأيك لماذا تُحجِم الحكومات الخليجية عن إصدار المزيد من الصكوك؟

ـ في اعتقادي أن لذلك سببين: الأول أن عملية إصدار الصكوك تُعتبر أكثر تعقيدا وبالتالي أكثر تكلفة من إصدار السندات التقليدية، كما أنها تستغرق وقتا أطول. أما السبب الثاني وهو الأهم فهو ناتج من حقيقة أن معظم الإصدارات الحكومية يتم شراؤها من قِبل مؤسسات مالية عالمية مهتمة أكثر بالحصول على العائد المالي من غير الالتفات إلى كون هذه الإصدارات سندات تقليدية أو صكوكا. أضف إلى ذلك أن احتياجات الحكومات الخليجية إلى التمويل التنموي يفوق قدرة جميع المؤسسات المالية الخليجية التقليدية منها أو الإسلامية على توفيره، وبالتالي تحصل على الوضع الحالي حيث لا يوجد حافز حقيقي لهذه الحكومات لإصدار الصكوك سوى رغبتها في تطوير أسواق المال الإسلامية.

* تزايدت أعداد الصناديق الاستثمارية الإسلامية والتقليدية. يدعونا هذا إلى التساؤل عن الكوادر المؤهلة ونقص السوق منهم. ما الحلول التي ترونها لسد هذه الفجوة؟

ـ لا شك في أن حجم القطاع المالي بشكل عامّ والإسلامي بشكل خاص ازداد بشكل كبير في السنوات الأخيرة. وعلى الرغم من الأزمة المالية العالمية التي أحسسنا بتبعاتها هنا في الخليج فإننا لم نرَ أعدادا كبيرة من التسريحات لموظفي هذا القطاع بخلاف نظرائنا في الأسواق الآسيوية والغربية، وهذا شيء إيجابي يدل على مرونة هذه الصناعة في المنطقة، ولكن في نفس الوقت يؤشر على مدى صعوبة الحصول على كوادر مؤهلة تأهيلا صحيحا. وعلى الرغم من مواجهة بعض المؤسسات المالية لضغوطات على مستوى ربحيتها فإنها آثرت أن تتحمل هذه الضغوط في سبيل عدم تخليها عن كوادرها المؤهلة. فهذا يمكن اعتباره أكبر دليل على شح هذه الكوادر.

أما الحل فيجب أن يكون نابعا من شراكة بين القطاع المصرفي من جهة والجامعات والمعاهد الحكومية والأهلية من جهة أخرى عن طريق وضع مناهج مناسبة تكفل مُخرَجات تعليمية قادرة على تأهيل الشباب والشابات لدخول الصناعة المصرفية.

* أُثيرَ مؤخرا بين الفتاوى حول شريعة الصكوك، مما يفتح باب الفرق بين الصكوك والأسهم المصدرة من شركة ما بما أن كلا منهما تمثل حق ملكية.

ـ الكثير من المستثمرين ما زالوا لا يدركون الفرق. باختصار: في حين أن كلا من الأسهم والصكوك تمثل ملكية، تمثل الصكوك ملكية في موجودات ملموسة محددة تسجل باسم حمَلة الصكوك، في حين تمثل الأسهم ملكية عامة للشركة المصدّرة للأسهم بقدر ما تتجاوز أصول الشركة مديونياتها. وعلى هذا النحو، لا يتمتع حمَلة الأسهم بحق ملكية أصل محدد في الشركة ولكن يتمتع حملة هذه الأسهم بحق ملكية مشاعة لموجودات الشركة بعد خصم مديونياتها. وبالتالي فإن رأس مال حمَلة الصكوك مضمون بتلك الأصول وتعامل قيمة الأصول المصدرة كمديونية على الشركة في حين أن رأس مال حمَلة الأسهم غير مضمون بأي أصول محددة.