الدكتور أحمد عبد العزيز النجار

TT

ورد في ثبت موسوعة الشخصيات البارزة بمحافظة الغربية بأنه ولد في 17 مايو (أيار) 1932، بمحافظة الغربية، حصل على بكالوريوس تجارة ـ جامعة القاهرة 1952، وماجستير معهد العلوم السياسية ـ جامعة القاهرة 1954. وحصل على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة كولونيا بألمانيا الغربية 1959، شغل وظيفة مدير عام مشروع بنوك الادخار المحلية من (1963 ـ 1967)، وأستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة أم درمان الإسلامية من (1967 ـ 1969)، وعمل نائبا لرئيس المعهد الدولي للادخار والاستثمار بألمانيا الغربية من (1969 ـ 1971)، ورئيس الدائرة الاقتصادية لمؤتمر وزارة الخارجية الإسلامي من (1971 ـ 1973). وعمل مستشارا لبنك ناصر الاجتماعي من (1973 ـ 1975)، وأستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الملك عبد العزيز بجدة من (1975 ـ 1978)، ثم أمين عام الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية منذ 1978، عضو لجنة خبراء الدول الإسلامية لإقامة النظام المصرفي الإسلامي (القاهرة 1971)، واللجنة التحضيرية لإنشاء البنك الإسلامي للتنمية (جدة 1973).

لقد كانت كل محطة من هذه المحطات التي أوردتها الموسوعة شاهدا على جهاد هذا العالم الجليل وسعيه الدؤوب في سبيل إخراج الأمة من حمئة الربا إلى بركة الحلال عبر التأليف والتدريس، مع السعي نحو تطبيق نظرياته عمليا للنهوض بالأمة عبر تعبئة مدخراتها لتوظيفها في العملية الإنتاجية للمجتمع، فبدأ فور عودته من ألمانيا بتأسيس بنوك الادخار، فأسس أول بنك من هذا النوع في مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بمصر عام 1963، واستمرت هذه التجربة إلى عام 1968 حيث بلغت فروع البنك نحو 53 فرعا ضمت نحو 85 ألف مشترك. وقد كانت الفكرة الأساسية التي يقوم عليها مصرف الادخار هي تجميع مدخرات أهل القرى التي يوجد فيها البنك واستثمارها في مشاريع داخل هذه القرى وفقا لنظام المضاربة. (وسأفرد مقالا عن هذه التجربة في وقت لاحق إنشاء الله). إلا أن هذه التجربة لم ترق للدولة حين ذاك، حيث كانت تتعارض مع الآيديولوجية التي كان النظام يتبناها في حينه، فوضعت يدها عليها ودمجتها في النظام الربوي، ولو قدر الله لهذه التجربة الاستمرار حتى يومنا الحاضر لبزت تجربة بنك «غرامين»، أو ما يسمى بنك الفقراء، حيث إن تجربة بنوك الادخار أقرب إلى القبول في المجتمعات المسلمة لابتعادها عن الربا من نموذج بنك «غرامين» القائم على الإقراض بفائدة. كما شارك الدكتور النجار في مراحل تأسيس البنك الإسلامي للتنمية، وحضر المؤتمرات الممهدة له بصفته أحد أعضاء اللجنة التحضيرية، حتى رأى البنك النور رسميا في عام 1975. هذا في الجانب العملي، أما في الجانب النظري فقد ألف الدكتور النجار الكثير من المؤلفات التي تشرح وتؤسس للاقتصاد الإسلامي والمصرفية الإسلامية، منها كتاب «مدخل إلى النظرية الاقتصادية في المنهاج الإسلامي»، وكتاب «بنوك بلا فوائد»، وكتاب «موسوعة البنوك الإسلامية» (بالمشاركة مع آخرين)، ومع كل هذا الجهد والجهاد في سبيل نشر الصيرفة الإسلامية علما وعملا، التي آتت أكلها بانتشار الصيرفة الإسلامية حول العالم ونموها المذهل. إلا أن الدكتور النجار رأى أن هذا الانتشار صاحبه انحراف عن المنهج النظري الذي قامت عليه الصيرفة الإسلامية، مما أصابه بالإحباط وخيبة الأمل، فألف كتابه «حركة البنوك الإسلامية.. حقائق الأصل وأوهام الصورة». إذ يقول في هذا الكتاب: «منذ بدأت التجارب المصرفية الإسلامية عملها، والخلل واقع في الأداء، والمفارقات قائمة بين النظرية والتطبيق. وذلك هو المعنى الذي أقصده حين أقول وأكرر القول بأن البنوك الإسلامية لم تبدأ بعد». ويقول في موضع آخر: «في المؤتمر الإسلامي الذي عقدته رابطة العالم الإسلامي في أكتوبر (تشرين الأول) 1987، «كنت قد وصلت إلى مرحلة اقتناع باستحالة تصحيح مسار المؤسسات المالية الإسلامية القائمة، فأعلنت في المؤتمر، بكل صراحة، أن هناك خللا وقع. خلل في الالتزام بأساسيات النموذج الاقتصادي الإسلامي، وخلل في فهم المقاصد والغايات، وخلل بالتبعية في آلية وإجراءات التطبيق، لم أصل حتى الآن إلى نتيجة، ولم يصل صوتي بعد إلى الآذان الساهمة، والمشاعر المخدرة، ولكن أيا ما كان الأمر، فلن يسكت لي صوت ولن يغمد لي قلم، وسأظل أهتف بالحق وأشغب به حتى يصح الصحيح بإذن الله».

ومع كل هذا الجهد والأسبقية في الطرح والمبادرة حق للدكتور النجار أن يشار إليه بأنه أحد الآباء المؤسسين للصيرفة الإسلامية، فقد قال عنه الدكتور محمد القري في بحثه «البنك الإسلامي بين فكر المؤسسين والواقع المعاصر»: «هو من الآباء المؤسسين على المستوى النظري، وعلى المستوى التطبيقي هو ذائع الصيت في هذا المجال، وقد كان له تأثير مهم على بلورة فكرة المصرف الإسلامي، وأفكاره منثورة في مطبوعات كثيرة أهمها كتاب: (بنوك بلا فوائد كاستراتيجية للتنمية)، الذي صدر في جدة 1972».

وفي الختام أسأل الله أن يرفع درجته في عليين، وأن يخلفنا خيرا منه آمين.

* مستشار في المصرفية الإسلامية [email protected]