البنوك الإسلامية اليمنية تنجح في امتصاص الأزمة العالمية بأقل الخسائر

4 مصارف تسيطر على سوق الصيرفة الإسلامية في البلاد

TT

واصلت البنوك الإسلامية الأربعة العاملة في اليمن «بنك التضامن الإسلامي الدولي، بنك سبأ الإسلامي، البنك الإسلامي اليمني، وبنك اليمن والبحرين الشامل» تعزيز موقعها في السوق المصرفي اليمني. وحصدت البنوك الأربعة تصنيفات ائتمانية متقدمة لتكتسح السوق المصرفي اليمني، وتستحوذ على 30 في المائة من إجمالي حجم السوق المصرفي، و27 في المائة من إجمالي حجم الودائع لدى البنوك والمصارف، و40 في المائة من التسهيلات والقروض المقدمة من البنوك اليمنية.

كما سجلت العام الماضي والنصف الأول من العام الحالي نموا مقدرا على مستوى الموجودات والأرباح والعائد على الفوائد، بالإضافة إلى مستوى مساهمتها في التمويل والإقراض، وذلك على الرغم من الأزمة المالية العالمية وتداعياتها المختلفة.

وتصدر بنك التضامن الإسلامي الدولي قائمة البنوك التجارية والإسلامية في اليمن للعام الثالث على التوالي، ليحل في المركز الأول من حيث التصنيف الائتماني باستحواذه على 18.8 في المائة من حجم السوق المصرفي اليمني ما يشير إلى قوة مركزه المالي.

وبحسب رئيس مجلس الإدارة عبد الجبار هائل سعيد انعم فإن بنك التضامن نحج باقتدار في امتصاص الآثار السلبية الناتجة عن المتغيرات الاقتصادية والأزمة المالية، التي عصفت بالأسواق المصرفية والمالية، موضحا أن البنك تمكن خلال العام الماضي من رفع رأس ماله من 10 مليارات ريال يمنى (50 مليون دولار) إلى 20 مليار ريال (100 مليون دولار) ليكون اكبر بنك يمني على الإطلاق من حيث رأس المال.

كما ارتفعت موجودات البنك بنسبة 20 في المائة لعام 2008 لتصل إلى 283 مليار ريال، وحصد المرتبة الأولى على مستوى الودائع الاستثمارية بحصة بلغت 18 في المائة من إجمالي ودائع القطاع المصرفي بالعملتين المحلية والأجنبية.

 ولم تقتصر مؤشرات الأداء المتميز لبنك التضامن على ذلك، بل نجح البنك في رفع ودائع الدين بنسبة 20 في المائة لتبلغ 226 مليار ريال، الأمر الذي يعكس الثقة المتزايدة للمودعين في أداء البنك ومركزه المالي والائتماني. كما منح البنك مودعيه أرباحا مجزية على الودائع العام الماضي بلغت 13.8 في المائة على الودائع بالعملة المحلية (الريال) و5.6 بالمائة للودائع بالدولار، وتعد احد أعلى معدلات الأرباح المحققة على الودائع المصرفية في اليمن العام الماضي.

ويشير تقرير صادر عن البنك المركزي اليمني إلى أن بنك التضامن الإسلامي الدولي تصدر البنوك التجارية والإسلامية العاملة في اليمن على مستوى الإقراض والتمويل المقدم لمختلف القطاعات والأنشطة التجارية والاقتصادية بتقديمه 84 مليار ريال ( 42 مليون دولار) تمثل 20 في المائة من إجمالي القروض المقدمة من البنوك التجارية والإسلامية. بدوره سجل بنك سبأ الإسلامي مؤشرات أداء ايجابية لا تقل شأنا، وإن بدا انه أكثر البنوك الإسلامية تأثراً بتداعيات الأزمة المالية العالمية، حيث استطاع رفع رأس ماله من 4.8 مليار ريال إلى أكثر من 6 مليارات العام الماضي، وذلك تنفيذا لقرار البنك المركزي اليمني الخاص برفع رأس مال البنوك العاملة في البلاد إلى 6 مليارات ريال بنهاية عام 2009. كما ارتفعت أرصدة بنك سبأ الإسلامي لدى البنك المركزي اليمني والبنوك الأخرى إلى 48 مليار ريال نهاية عام 2008، وذلك مقارنة مع 32 مليار ريال عام 2007، وارتفع إجمالي حجم أصول البنك إلى 129 مليار ريال نهاية عام 2008 مقابل 100 مليار نهاية عام 2007.  ويعد بنك سبأ الإسلامي أول بنك يمني والوحيد الذي انضم إلى برنامج تمويل التجارة العالمية عبر مؤسسة التمويل الدولية التابعة لمجموعة البنك الدولي، وذلك بعد دخول الشركة الإسلامية السعودية لتنمية القطاع الخاص التابعة للبنك الإسلامي للتنمية مساهماً بنسبة 10 في المائة في رأس مال البنك، وبنك دبي الإسلامي بنسبة 15 في المائة.

لكن برغم كل هذه المؤشرات الايجابية، فان القوائم المالية لبنك سبأ الإسلامي للنصف الأول من العام الحالي كشفت عن تراجع في حجم أنشطته على مستوى الأرباح والعائد على الفوائد بنسبة 36 في المائة، وذلك نتيجة لتداعيات الأزمة المالية العالمية. كما كشفت الحسابات الختامية عن تراجع استثمارات البنك في قطاع العقارات إلى 639 مليون ريال العام الماضي مقابل 3.2 مليار ريال عام 2007. لكن مصدرا مسؤولا في بنك سبأ الإسلامي قلل من أهمية تراجع مؤشرات الأداء خلال الفترة المشار إليها. موضحاً أن ذلك أمر طبيعي في ظل الأزمة المالية العالمية التي طالت آثارها السلبية مختلف البنوك والمصارف في العالم.

من جانبه أوضح الدكتور حمود عبد الله صالح مدير إدارة التخطيط في بنك التضامن الإسلامي الدولي أن الحديث عن بقاء البنوك الإسلامية اليمنية بمنأى عن تأثيرات الأزمة المالية العالمية أمر غير دقيق. مشيرا إلى أن تراجع تمويل أنشطة الاستيراد مثلا بسبب ضعف الإقبال على السلع يترك آثاراً سلبية على أداء كل البنوك، لكن مستويات هذا التأثر تختلف. مؤكدا أن البنوك الإسلامية تبقى الأفضل والأقل تأثرا وتمكنت بفضل قوة مراكزها المالية، وما حققته من نجاحات خلال الأعوام الماضية، وما راكمته من أرباح من امتصاص انعكاسات الأزمة المالية العالمية بأقل قدر من الخسائر.

 أما البنك الإسلامي اليمنى للتمويل والاستثمار الذي يعد أول بنك إسلامي في اليمن فتمكن هو الآخر من تسجيل مؤشرات أداء غير مسبوقة للعام الماضي والنصف الأول من العام الحالي، واستطاع إلى حد كبير تجاوز العثرات التي صاحبت مسيرة أدائه خلال السنوات الماضية، وذلك على الرغم من تراجع بنك البحرين الإسلامي عن شراء 30 بالمائة من أسهم البنك في صفقة وقعت بصنعاء العام الماضي.

 وتكشف مؤشرات الأداء عن أن البنك الإسلامي اليمني نجح في تعويض قدر من خسائره التي مني بها العام الماضي بما قيمته 573 مليون ريال، وتمكن من تحقيق أرباح بلغت 100 مليون ريال للنصف الأول من العام الحالي. كما ارتفع رصيد الحسابات الجارية لدى البنك من 1.6 مليار ريال نهاية العام الماضي إلى 2.1 مليار ريال للنصف الأول من هذا العام، محققا نسبة نمو قدرها 35 بالمائة، كذلك ارتفعت الودائع الاستثمارية لدى البنك بالعملتين المحلية والأجنبية من 1.7 مليار ريال إلى 1.8 مليار للنصف الأول بزيادة قدرها 100 مليون ريال.

 وحسب مدير عام البنك بسام عبد الله جابر فإن البنك وضع خطة عمل جديدة لتصحيح مسيرة أدائه ومعالجة الاختلالات التي رافقتها. موضحا أن الخطة الجديدة تعتمد على إدخال تقنيات مصرفية متطورة وتقديم خدمات تمكن البنك من استعادة ثقة عملائه، وأن البنك يعتزم رفع رأسماله إلى 6 مليارات ريال نهاية العام الحالي وذلك تنفيذا لقرار البنك المركزي في هذا الصدد.

أما البنك الإسلامي الرابع، وهو بنك اليمن والبحرين الشامل، فكشف عن تحقيقه أرباحا للمرة الأولى منذ خمس سنوات، بلغت 155 مليون ريال (775 ألف دولار) للعام الماضي، وذلك مقارنة مع أرباح صفرية (لا أرباح ولا خسائر) للعام 2007، ليرتفع نصيب السهم من صافي الأرباح إلى 32 ريالا للسهم الواحد العام الماضي مقارنة مع أرباح بلغت صفرا للسهم الواحد عام 2007.

كما ارتفعت أرصدة البنك لدى البنوك والمؤسسات المالية الأخرى إلى 4.5 مليار ريال العام الماضي مقابل 3.9 مليار ريال عام 2007، بجانب ارتفاع إجمالي أصول البنك إلى 31.8 مليار ريال العام الماضي مقارنة مع 17.5 مليار ريال عام 2007. لكن التقرير الصادر عن البنك كشف عن انخفاض الحسابات الجارية والودائع إلى 7.9 مليار ريال عام 2008 مقارنة مع 8.4 مليار ريال عام 2007،  فيما ارتفعت أرصدة بنك اليمن والبحرين لدى البنك المركزي اليمني إلى 53.7 مليون ريال العام الماضي مقابل 40 مليونا عام 2007.

 ويسعى البنك حاليا إلى رفع رأس ماله إلى 6 مليارات ريال مستفيدا من دخول مساهمين سعوديين بنسبة 90 بالمائة من إجمالي رأس مال البنك، وهو ما تعول عليه الإدارة في تعزيز قدرة البنك ومركزه المالي، إلى جانب اعتزامه فتح فروع جديدة في عدد من المحافظات لاستقطاب المزيد من الودائع والمدخرات.

والواقع أن البنوك الإسلامية اليمنية على رغم حداثة تجربتها التي لا تزيد عن 12 عاما تمكنت من تحقيق انجازات قياسية وتطورات مهمة في أدائها لتصبح قوة أساسية في أداء الاقتصاد اليمني، باستفادتها من مجمل الاختلال الذي رافق أداء البنوك التجارية اليمنية واعتمادها أداءً مصرفيا مختلفا مكنها من جذب قدر كبير من الودائع والمدخرات. وعملت على إعادة تدويرها في الأنشطة الاقتصادية المختلفة إلى جانب دورها الفعال في تمويل الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية وفق الصيغ التمويل الإسلامي.

 ودفع النجاح الملحوظ للبنوك الإسلامية اليمنية البنوك التجارية إلى التفكير إلى إيجاد نوافذ إسلامية لاستقطاب المزيد من المودعين في مجتمع محافظ وتقليدي يفضل التعامل بالصيغ الإسلامية لتجنب الوقوع في شبهات الربا والأرباح غير المشروعة المرتبطة بأداء البنوك التقليدية.  ونوّه محافظ البنك المركزي اليمني أحمد عبد الرحمن السماوي، بأداء البنوك الإسلامية اليمنية، وتوقع أن تلعب هذه البنوك دورا اكبر في النشاط المصرفي اليمني خلال الفترة القادمة، بالنظر لقوة مراكزها المالية ومدخراتها، رغم أنها أربعة بنوك فقط.

وأشار إلى أن أول بنك يمني من حيث إجمالي الأصول والودائع وعمليات التمويل والإقراض هو بنك إسلامي، كما أن البنوك الإسلامية كانت السباقة في ممارسة خدمة التمويل والإقراض الصغير والأصغر. موضحا أن البنك المركزي يعمل حاليا على إيجاد وحدة خاصة بالبنوك الإسلامية بالنظر للدور المتزايد الذي تضطلع به في العمل المصرفي في اليمن.