مصرفي عربي يتوقع ارتفاع أصول البنوك الإسلامية إلى تريليون دولار عام 2012

رئيس اتحاد المصارف العربية يدعو إلى فتح الرساميل أمام المساهمين وتطبيق المعايير الدولية

TT

توقع الرئيس التنفيذي لـ«مجموعة البركة المصرفية» عدنان يوسف ارتفاع حجم أصول ودائع المصارف الإسلامية إلى تريليون دولار في عام 2012، مدفوعة بنمو سنوي وسطي يراوح بين 15 و20 في المائة، وفقا لتنبؤاته.

ويأتي هذا التوقع دون الأخذ بعين الاعتبار حجم النوافذ الإسلامية التقليدية وصناديق الاستثمار الإسلامي التي بلغ عددها نحو 500 صندوق العام الماضي، ومن المتوقع أن يصل عددها إلى 1000 صندوق بحلول عام 2010.

وقال يوسف إن الصناعة المصرفية الإسلامية شهدت نموا سريعا على امتداد العقود الأربعة الماضية، حيث نمت المصارف الإسلامية من واحد إلى 60 دولة في القارات الخمسة نحو 450 مؤسسة ومصرف إسلامي حول العالم.

ووفقا لما قاله يوسف يتركز نحو 40 في المائة منها في الدول العربية وتحديدا في دول الخليج العربي، وقد توسعت قاعدة موجودات هذه المصارف والمؤسسات المالية لتزيد عن 700 مليار دولار نهاية العام الماضي.

ويتزامن ذلك مع رؤى خبراء في الصناعة يرون أن الأصول المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية والمعدة للاستثمار في دول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأقصى وصلت إلى 267 مليار دولار كنتيجة للتوسع الاقتصادي القوي وارتفاع الإنفاق الحكومي والمستوى المرتفع للسيولة النقدية، الأمر الذي يؤدي إلى توفير عائدات كبيرة لصناعة إدارة الأصول الإسلامية تقدر بنحو 1.34 مليار دولار.

وأشار يوسف الذي يرأس كذلك اتحاد المصارف العربية، في محاضرة بمدينة طرابلس ـ شمال لبنان ـ عقدت مؤخرا، إلى أن حصة دول مجلس التعاون الخليجي تبلغ نحو 90 في المائة من إجمالي الأصول لمجموع المصارف الإسلامية في الدول العربية، وأن السعودية تشكل حصة نسبتها 49.5 في المائة من إجمالي حصة دول المجلس، والإمارات نحو 20 في المائة، ثم الكويت نحو 17.4 في المائة من هذه الأصول، والبحرين نحو 11 في المائة.

وقال: «تبلغ قاعدة حقوق المساهمين للمصارف الإسلامية العربية 32.7 مليار دولار، مما يشير إلى مواصلتها تعزيز قواعدها الرأسمالية لمواجهة نشاطها وحجم أعمالها المتزايد»، معتبرا أن الصناعة المصرفية الإسلامية باتت تحظى بقبول واسع عربيا وإسلاميا وعالميا.

واستدل عدنان على رؤيته بأن الكثير من الدول الأوروبية مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا أقبلت على فتح الأبواب أمام تأسيس المصارف الإسلامية، علاوة على إصدار الصكوك الإسلامية للاستفادة من السيولة الكبيرة المتوفرة لدى البنوك الإسلامية. وعرض يوسف واقع الصيرفة الإسلامية في ظل الأزمة المالية العالمية فقال خلال ورقة عمل أعدها للمحاضرة: «إن نواقيس الخطر دقت منذ بدأت أزمة قروض الرهن العقاري خلال صيف عام 2007، وظلت تتفاقم لتقوض سوق المساكن في الولايات المتحدة، إحدى الركائز الهامة للاقتصاد الأكبر في العالم، والذي يمثل 40 في المائة من اقتصاد العالم، في وقت اختلفت الآراء حول الأسباب الحقيقية للأزمة الناتجة عن التخلف عن تسديد القروض العالية المخاطر التي قدرت بنحو تريليوني دولار».

وزاد: «لكون تلك القروض تم إدخالها في سلسلة مركبة ومعقدة من المنتجات والمشتقات المالية التي مثلت استثمارات ضخمة تصل إلى مبالغ أضعاف الحجم المالي للقروض العالية المخاطر، فإن انهيار تلك القروض أدى بدوره إلى انهيار كافة المنتجات والمشتقات المرتبطة بها في محافظ البنوك العالمية، وهو الأمر الذي أدى إلى نشوب الأزمة المالية بقوة في أواخر العام الماضي، وأدت إلى إفلاس عدد من البنوك وتأميم أخرى، كان أولها بنك ليمان برودرز».

وأضاف يوسف أن خبراء أن الأزمة المالية سوف يذهبون إلى تكلف الاقتصاد العالمي أكثر من عشرة تريليونات دولار حتى نهاية عام 2009، كما ستكلف بنوك العالم نحو 1600 مليار دولار من هذه الخسائر عبر شطب أصول بنكية وإفلاس كثير من البنوك جراء الأزمة.

وتابع: «لقد جاءت الأزمة المالية العالمية الأخيرة وما نجم عنها من تداعيات خطيرة على النظام المالي العالمي، وتأثر الكثير من المؤسسات المالية في المنطقة بهذه الأزمة لتؤكد مجددا سلامة المبادئ التي تقوم عليها الصناعة المالية الإسلامية كونها تمتلك الكثير من المقومات التي تحقق لها الأمن والآمان وتقليل المخاطر مثل الأمانة والمصداقية والشفافية والبينة والتيسير والتعاون والتكامل والتضامن، فلا اقتصاد إسلاميا دون أخلاق ومثل».

وتحقق هذه المنظومة من الضمانات الأمن والأمان والاستقرار لكافة المتعاملين، وفي نفس الوقت تحرم الشريعة الإسلامية المعاملات المالية والاقتصادية التي تقوم على الكذب والمقامرة والتدليس والغرر والجهالة والاحتكار والاستغلال والجشع والظلم.

ودعا إلى الإسراع في إنشاء السوق العربية والإسلامية المشتركة لإنقاذ الدول العربية والإسلامية من تلك الأزمة، خصوصا أن التقارير الدولية تشير إلى أن 113 أزمة وقعت خلال السنوات الثلاثين الماضية في 17 دولة في العالم.

وأضاف أن الأزمة المالية العالمية سوف تسهم في تعزيز الثقة بقوة في النموذج المالي الإسلامي وقدرته على الاستدامة، حيث أظهرت تلك الأزمة قدرة هذا القطاع على البقاء بعيدا عن أزمات الأسواق العالمية، وتجنب مشكلات الديون المتعثرة التي عانت منها الأسواق المصرفية التقليدية.

وفي ضوء هذه المعطيات توقع يوسف «أن يكون هناك إقبال أكبر خلال المرحلة المقبلة على المنتجات المالية الإسلامية ومنها الصكوك المالية المدعومة بالأصول، خصوصا إذا ما توجهت الحكومات العربية والإسلامية لهيكلة تمويل المشاريع الضخمة في بلدانها من خلال إصدار مثل تلك الصكوك ليتم تغطيتها من خلال البنوك الإسلامية».

ويتوقع أن يبلغ حجم السوق التأمينية الإسلامية 7.4 مليار دولار بحلول عام 2015 بعد أن كان قد بلغ ملياري دولار فقط في عام 2006. ومعها يتوقع أيضا تأسيس شركات إعادة تأمين تكافلي متوافقة مع الشريعة الإسلامية لمواصلة التطور الناجح لسوق التكافل.

كما يتوقع أن تلاقي المصارف الإسلامية المزيد من الإقبال من المجتمعات غير المسلمة من أنحاء مختلفة، ويعود ذلك إلى شفافيتها وقيمها ومستوى خدماتها، بالإضافة إلى بقاء أسعار النفط عند مستويات مرتفعة نوعا ما، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع التدفق النقدي وتمويل المشاريع وبالتالي زيادة الطلب على طرق الاستثمار الإسلامية.